فارق الفنان سمير الإسكندرانى منذ قليل دنيانا عن عمر يناهز 82 عامًا، بعد صراع مع المرض، بمستشفى النزهة حيث كان يتلقى العلاج هناك، ولم يتحدد حتى الأن موعد الجنازة.قالت نجوى ابنة الراحل إنه سوف يتم تشييع جثمانه غدا بعد صلاة الظهر من مسجد السيدة نفيسة.
وفى آخر حوارته مع اليوم السابع والذى أجراه الزميل أحمد جمال الدين كشف كواليس التعاون مع جهاز المخابرات المصرية فى تفكيك 6 شبكات تجسس تمركز بعضها فى أوروبا خلال فترة الستينيات، والتى تسببت فى إقالة هرطابى مدير المخابرات الإسرائيلية فى ذلك الوقت، كما كشف لماذا تسبب عبد الوهاب فى بكائه، ونصيحة أنيس منصور له، ورأيه فى عبد الحليم حافظ ، و سر اللحية التى احتفظ بها لسنوات عديدة، وموقفه من تقليد الفنان محمود عزب.
وإلى نص الحوار..
هناك اعتقاد سائد بين الغالبية وهو اعتزالك بسبب غيابك الطويل؟
لم أعتزل ولكننى فضلت الابتعاد بسبب العشوائية التى تضرب مجال الغناء فى الوقت الحالى، وغياب التقدير للأصوات الجادة التى تقدم فن حقيقى.
أنتجت بعض الأعمال الفنية فلماذا لم تستمر فى ذلك للتواجد على الساحة؟
فى البداية اتجهت لإنتاج أعمالى الفنية ولكن مع مرور الوقت واختفاء سوق الكاسيت والأسطوانات أصبح من الصعب الاستمرار .
ربما يرى البعض أن الشكل الغنائى الذى تقدمه لا يصلح الآن؟
قدمت العديد من الألوان الموسيقية فى أعمالى الفنية ولم أكتفى بشكل غنائى واحد، فقدمت الموشحات والأغاني الكلاسيكية والحديثة وبأكثر من إيقاع.
لماذا ارتبط ظهورك بزى غير تقليدي.. وما هو سر اللحية التى تحتفظ بها لسنوات عديدة ؟
بالنسبة للحية فهو تأثرًا بالأساتذة الإيطاليين الذين درست على أيديهم الفن التشكيلى، أما بخصوص الزى فكان عبارة عن "بدلة" وعبائة للدليل على المزج بين الحداثة والتراث.
كيف ترى تناول الفنان محمود عزب لذلك المظهر فى الفقرات التى كان يؤديها؟
محمود عزب خفيف الظل، والفقرة التى كان يتناولنى فيها من حيث الأداء أو الزى من أجمل الفقرات التى كان يؤديها ومازالت تطلب منه حتى الآن، وفي الحقيقة أنى أمددت عزب بالعديد من المواد الفيلمية للحفلات التى كنت أقوم باحيائها لمساعدته على أداء الشخصية بإتقان.
هناك بعض الأصوات التى حازت على تقدير الجمهور والنقاد معا فهل أعجبت بأحدهم؟
الحقيقة لا يوجد في الجيل الحالى صوت يقدم طرب بالمعنى الحقيقى فالجملة الموسيقية اختفت بشكل كامل على عكس الماضى الذى كان يضم العديد من الأصوات العذبة الأصيلة .
تؤكد على تعلقك وإعجابك بالأغانى التراثية برغم أدائك للعديد من الأغانى الأجنبية واعتمادك على الإيقاعات الغربية في أعمالك؟
لا يعتبر ذلك من قبيل التناقض، قمت بأداء العديد من الأغنيات باللهجة الإيطالية بحكم دراساتى للفنون الجميلة، ولكنى عاشق حقيقي لصوت أم كلثوم وعبد الوهاب الذى أعتبره افضل مطرب عربى على مر العصور.
وماذا عن عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش؟
عبد الحليم "إحساسه عالى جدا" لكن صوته لا يطرب، وعبد الوهاب أفضل من فريد الأطرش بسبب تأثر عبد الوهاب بالقرآن الكريم فى أدائه.
باعتبارك شديد التأثر بعبد الوهاب هل التقيت به يومًا ما؟
عبد الوهاب شخصية مرحة ودودة على عكس ما يشاع عنه بأنه يمتاز بالصرامة، وأذكر أنه لقاء معه قالى بعد سماعى لصوتى" لوعندى الصوت ده كنت خربت الدنيا"، وهو ما اعتبرته إهانة وكاد يتسبب في اعتزالى الغناء واعتكفت فى المنزل عدة أيام حتى فوجئت باتصال من عبد الوهاب يخبرنى أن الجملة السابقة تعبير عن إعجابه الشديد بصوتى، وللتأكيد على ذلك لحن أغنتين لى هما النيل الفضى، ولا تهجرنى والأخيرة شاركنى الغناء فيها فى الجزء العربى، وهو العمل الفنى المشترك الأول والأخير لعبد الوهاب.
من وجهة نظرك لماذا لا يتم عرض أعمالك الفنية في الوقت الحالى ولو في التليفزيون المصرى؟
لأننى لا أجيد العلاقات أو التواجد في الأروقة
نعود للبدايات.. ذكرت أن والدك كان من تجار الأثاث المعروفين في حى الغورية فلماذا لم تفكر فى العمل معه واتجهت للغناء؟
كان الهدف من التحاقى للدراسة في كلية الفنون الجميلة بهدف المساعدة في تطوير عمل والدى ولكنى اتجهت للعمل بالإذاعة ثم الغناء فيما بعد.
كيف؟
خلال دراستى الجامعية اتجهت للقاء أنيس منصور للعمل معه فى مجلة الجيل التى كان تصدر وقتها، وبالمصادفة كان أنيس يجرى لقاء مع أحد الصحفيين الإيطاليين وساعدته كثيرا بسبب اتقانى لهذه اللغة التى كنت أدرسها بسبب الدراسة وحبى لجارتى الإيطالية التى كنت أنتوى الزواج بها ولكنها سافرت مع إلى بلدها مع صديق لها.
وبعد انتهاء حوار أنيس مع الصحفى الإيطالى يرفض عملى معه مبررًا ذلك بقوله:" فيه صديق محتاجلك أكتر منى روح لـ عبد الحميد الحديدى" مدير البرامج في الإذاعة المصرية وقتها وكان يعمل على تمصير عددًا من البرنامج الأوروبية
وعملت معه فى البرنامج الإيطالى مذيع ومطرب للعديد من الأغانى الإيطالية أيضًا.
باعتبارك من مواليد حى الغورية وأن والدك كان صديقًا للشاعر أحمد رامى والشيح زكريا أحمد مكتشف أم كلثوم.. كيف جاء التحول لأداء الأغانى الغربية؟
عندما انتقلت من حى الغورية إلى شارع عبد العزيز بوسط البلد شاهدت واختلطت بالعديد من الثقافات المختلفة اليونانية والإيطالية والإنجليزية، وبسبب التنوع الذى كانت تعيشة مصر خلال هذه الفترة اتقنت عدة لغات، لكنى تعلقت باللغة الإيطالية بسبب حبى لجارتى الإيطالية التى كنت أنوى الزواج بها بعد انتهاء دراستى فى إيطاليا ولكنى اكتشفت بعد رجوعى إنها سافرت مع صديق لها وتزوجت هناك.
ما هى المواصفات والمقومات الشخصية التى تدفع بعض أجهزة المخابرات لتجنيد بعض الشباب كعملاء لها؟
بصفة عامة يمكن القول إن الشباب المصرى المتواجد في أوروبا خلال فترة الستينات كان يعتبر صيدًا ثمينا لأجهزة المخابرات المعادية التى تسعى إلى تجنيده.
ولكن بصفة عامة يمكن القول أن هناك بعض السمات الشخصية ومنها الذكاء واللباقة وسرعة رد الفعل بالإضافة على عامل الإغراء بالأموال ولكن تبقى الحقيقية المؤكدة أن أجهزة الأمن القومى في مصر على أعلى مستوى وهو ما لمسته بنفسى خلال العملية التى استطعت فيها بمساعدة جهاز المخابرات العامة الوليد وقتها من إسقاط وتفكيك 6 شبكات تجسس كانت موجهة ضد مصر وبعضها كان يتمركز فى أوروبا وهو ما تسبب فى إقالة مدير المخابرات الإسرائيلية وقتها.
في ظل عصر السماوات المفتوحة والاتصالات السريعة.. هل ترى أن تجنيد العملاء أصبح يتم بنفس الصورة التى كان عليها في الماضى؟
يمكن القول أن الصراع بين أجهزة المخابرات في الدول المختلفة لا ينتهى لأنها حرب معلومات وأمن قومى، لكنها تتخذ مسارات وطرق مختلفة مع التطور العملى والتكنولوجى "الرهيب" حاليًا ويكفى أن بعض الأجهزة التى تستخدم فى الوقت الحالى كان تعد وسائل تجسس في الماضى.
هل تشعر بأنك حصلت على التكريم المناسب من الدولة؟
لا... ولكن من حمل روحه على كفه مخلصًا وراضيًا من أجل بلده لا ينتظر أي تكريمات... ويكفينى مقابلة وتهنئة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عقب نجاح العملية المخابراتية التى شاركت بها وانتهت بالقبض على 6 شبكات تجسس، وأرى في الرئيس السيسى امتداد حقيقى للزعيم الراحل جمال عبد الناصر.