بالأمس.. أسدل الستار على انتخابات مجلس الشيوخ فى مصر.. لم يعكر صفو العملية الانتخابية للغرفة البرلمانية الثانية أى مشكلات أمنية أو صحية أو سياسية.. وجرت فى أجواء ديمقراطية تعكس مدى الإنجاز التى حققته مصر فى إجراء الانتخابات منذ ثورة 30 يونيو.. وبالمناسبة.. انتخابات الشيوخ هى الاستحقاق الدستورى الخامس فى أقل من 6 سنوات دون تأجيل أو إلغاء بسبب الطروف الأمنية أو الصحية الطارئة لجائحة كورونا.
ويمكن الآن أن أحدد بعض الملاحظات والمشاهدات على هامش هذه الانتخابات:
أولا: أن كل الممارسات التى كانت تتحجج بها القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى التى تقوم بمراقبة الانتخابات فى مصر سواء من شكاوى التزوير وتسويد البطاقات أو التأثير على الناخبين والفوضى داخل اللجان والرشاوى وغيرها لم يعد لها وجود وأصبحت ارثا من الماضى البغيض سياسيا، فالنظام والانضباط والالتزام هو السمة المميزة لكافة اللجان الانتخابية واشادت بذلك كافة المنظمات الدولية المعنية بمراقبة سير العملية الانتخابية.
ثانيا: الشعب المصرى أثبت مدى الوعى الوطنى والسياسى على التمسك بحقه الدستورى فى الإقبال على اللجان والإدلاء بصوته وهى الظاهرة المستمرة منذ استفتاء دستور 2014 وانتخابات الرئاسة والبرلمان ثم التعديلات الدستورية وصولا لانتخابات مجلس الشيوخ على الرغم من محاولات اشاعة مناخ من الإحباط والتيئيس والهجوم على هذه الانتخابات وجدوى مجلس الشيوخ سواء من وسائل اعلام معادية أو للأسف من سخرية بعض رموز النخبة المنكوبة فى عقولها وأفكارها.. ومع ذلك جاء الاقبال مقبولا ومعقولا جدا حسب ما شاهدناه.
ثالثا: أن الشباب والمرأة وكبار السن كانوا فى مقدمة الصفوف وطوابير الانتخابات أمام اللجان وهو ما يعنى حدوث تغييرا إيجابيا ملحوظا فى فكر هؤلاء وخاصة الشباب واستعادة الثقة المفقودة فى جدوى الانتخابات والمشاركة نتيجة تجسير الهوة والفجوة بين الشباب والقيادة السياسية من جانب والشباب والحكومة من جانب آخر.. واهتمام الدولة الكبير بالشباب وتأهيله وتدريبه من خلال الاكاديميات الوطنية لإعداده لتولى دفة القيادة فى المستقبل القريب وهو توجه حقيقى للقيادة السياسية ويظهر جليا فى احاديث وحوارات الرئيس السيسى مع الشباب فى مؤتمراتهم.
رابعا: إصرار الدولة على إجراء هذه الانتخابات فى موعدها رغم جائحة كورونا ورغم المحيط الإقليمى القلق والمتوتر والأحداث السياسية والامنية فى المنطقة كان رسالة واضحة للعالم الخارجى بأن مصر دولة مستقرة امنيا وسياسيا واقتصاديا وتمضى قدما فى عملية البناء السياسى باستكمال مؤسساتها الدستورية الى جانب عملية البناء الاقتصادى والاجتماعى التى لا ولم تتوقف وهو ما كان له مردودا ايجابيا وطيبا على الاقتصاد الوطنى، واشادة صندوق النقد به بالأمس وتحقيق البورصة ارباحا سوقية مع بداية الانتخابات فى الخارج بقيمة 11,5 مليار جنيه وعودة السياحة واعلان الدول عودة خطوط الطيران إلى الغردقة وشرم الشيخ
خامسا : توظيف التكنولوجيا والرقمنة فى إجراء الانتخابات كما حدث فى تصويت المصريين بالخارج هو بداية كما اعلن النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، لإجراء الانتخابات فى المستقبل القريب بالتصويت الإلكترونى بما يعنى انه ربما تكون انتخابات الشيوخ الحالية هى الأخيرة بشكلها التقليدى وتتبعها انتخابات أخرى بما يعنى توفير جهود كبيرة ومبالغ مالية كبيرة يتم انفاقها على ادارة العملية الانتخابية , فالتسهيلات التى أتاحتها الهيئة الوطنية للانتخابات للمصريين بالخارج، سواء من خلال التصويت عبر البريد الإليكترونى أو ما سبقها بتسجيل البيانات وإتاحة كافة المعلومات اللازمة إلكترونيا وصولاً بيومى الانتخاب من سهولة طباعة أوراق الترشيح عبر الموقع الرسمى للهيئة الوطنية وكذلك إقرار التصويت، جسدت مشهدا مشرفا لمصر، ساهم فيها المصريون بالخارج من خلال مشاركتهم الفاعلة ومؤشر حقيقى يؤكد قدرة الدولة المصرية فى التحول نحو التصويت الإلكترونى مستقبلا.
سادسا: يجب توجيه التحية والتقدير لرجال القوات المسلحة والشرطة ووزارة الصحة والعدل والقضاء المصر والهيئة الوطنية العليا للانتخابات على الجهد الكبير المبذول فى تأمين العملية الانتخابية واجراءها بمنتهى السلاسة والسهولة والراحة ...وتحيا مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة