صارت أدوات التواصل جزءا من أى عمل سياسى، وتحولت فيس بوك وتويتر، إلى ساحة للتلاسن والملاكمة فى العمل السياسى، ومع هذا فإن عصر الاتصالات يفرض واقعا وهو أن أى مواقف سياسية أو تصريحات يطلقها الساسة يمكن أن تصنع صراعا أو سلاما، وربما يكون الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أحد أبرز نماذج تصفية الصراعات والمواجهة مع خصومه على تويتر تحديدا، فقد اتخذ ترامب من موقع التدوينات القصيرة محلا مختارا لنشر تصريحاته، لتجاوز ما يرى أنه حصار من قبل الصحافة التى يتهمها ترامب بالكذب والتطرف والعمل ضد مصالح الشعب، وهو ما ردت عليه الصحافة بحملات اعتبرت أنه يشن حربا خطرة ويقلل من قيمة الصحافة والإعلام.
تويتر يمنح الرئيس الأمريكى فرصة لتجاوز البروتوكولات، وكثيرا ما يستخدم ألفاظا وأوصافا يصعب استعمالها فى الأوقات الطبيعية بعيدا عن عالم الافتراض، وطبعا فإن الديموقراطيين يردون على ترامب ويستعملون نفس الطريقة، فيما يشير إلى تراجع فى لغة الخطاب السياسى الأمريكى خلال السنوات الأخيرة.
وحسب صحيفة نيويورك تايمز، فقد نشر الرئيس الأمريكى ترامب، أكثر من 15 ألف تغريدة منذ توليه الرئاسة حتى نهاية 2019، تطرقت إلى قضايا مختلفة مثل التحقيق فى التدخل الروسى بالانتخابات الأمريكية وأخيرًا طبعًا التحقيقات الجارية فيما يخص عزل ترامب بسبب ادعاء طلبه من رئيس أوكرانيا فتح تحقيق يخص نجل خصمه جون بايدن.
الرئيس الأمريكى يتهم الديموقراطيين بأنهم من انحدروا بالحوار ومصطلحاته، بل أن ترامب هاجم وسائل الإعلام الأمريكية، ووصفها بأنها مزيفة، وقال فى تويتة مارس الماضى: يكرهونى، ألا يفهمون أنهم يدمرون أنفسهم.وأضاف ردا على حملة الصحافة التى اتهمته بالفشل فى أزمة كورونا: أشاهد وأستمع إلى وسائل الإعلام المزيفة، CNN وMSDNC وABC وNBC وCBS وبعض من FOX، يتوسلون بحماقة وغباء أن يكونوا صحيحين سياسيًا، ونيويورك تايمز وواشنطن بوست، وكل ما أراه هو كراهية لى بأى ثمن، ألا يفهمون أنهم يدمرون أنفسهم؟.
وهو ما ردت عليه الصحافة الأمريكية متهمة ترامب بأنه يهدد شريان الصحافة الديموقراطية، ولم يخلُ الأمر من صدام لترامب مع مواقع التواصل نفسها وصلت ذروتها فى نهاية مايو الماضى، عندما صنف تويتر رسالة لترامب بكونها «تمجد العنف» عقب تهديده باستخدام القوة ضد المحتجين ووصفه لهم بالرعاع. حيث أعلن الرئيس الأمريكى أنه لن يغلق حسابه فى تويتر بسبب الخلاف مع الصحافة، وشن هجوما حادا على مواقع التواصل الاجتماعى، وعلى رأسها تويتر، متوعدا إياهم، «سيكون يوم كبير لمواقع التواصل الاجتماعى». فى تهديد فهم منه أنه سيسعى لإطلاق تشريع لمحاسبة مواقع التواصل واتهم موقع تويتر بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية، بعد اعتبار تغريدة حذر فيها من خطر الاقتراع بالبريد وصنفها تويتر على أنها مضللة. وقال إن تويتر اعتمد على أخبار مزيفة من سى إن إن وواشنطن بوست».
فى حين انضم جو بايدن، المرشح المنافس المحتمل، واستعمل تويتر ردا على اتهام ترامب له بأنه « تافه» وقال بايدن إن الولايات المتحدة تواجه أعظم التحديات فى تاريخها، وأن دونالد ترامب ليس جاهزا للعمل من أجل الشعب الأمريكى. نحن بحاجة إلى قيادة حقيقية الآن.
نحن إما جولة من التغريدات المتبادلة، والحملات الافتراضية، التى نقلت السباق الدعائى إلى عالم التواصل الاجتماعى، والذى بات يلعب دورا مهما فى السياسة، لدرجة اعتبار بعض الخبراء أن الدور السياسى لأدوات التواصل أصبح يسحب من قدرات الأحزاب والسياسيين التقليديين.