شهدت مستشفيات استقبال حالات اشتباه الإصابة بفيروس كورونا وعزل المصابين منهم ببنى سويف قصص ومفارقات غريبة منذ الإعلان عن ظهور حالات الإصابة بالفيروس واحتجازها بالمستشفيات، ومعظم هذه الوقائع تمثل نماذج سلبية لجحود الأبناء على أباءهم والشقيق على شقيقه ورفضهم استلام جثامينهم، خوفا من عدوى كورونا.
ولكن لا يمكن بالطبع تعميمها لأنها أحداث فردية لكنها تؤثر فى مشاعر الجميع ويرفضها المجتمع، إذ اتصلت إدارة مستشفى الأمراض الصدرية بمدينة بنى سويف العاصمة بإحدى السيدات لتبلغها بوفاة أمها المصابة بكورونا وضرورة الحضور لمتابعة إجراءات الغسل والتكفين واستلام الجثمان ودفنه بالمقابر بإشراف من مديرية الصحة، وعندما حضرت نجلة المتوفية حصلت على تليفون أحد معاونى أعضاء لجنة الزكاة بمسجد عمر بن عبدالعزيز الذين يتولون إحضار "كفن، وجراب جلد، وخشبة" مجانا للمتوفى بالمستشفيات مسلمين ومسيحيين.
وادعت السيدة أثناء الاتصال علمها بأن هناك متوفية بكورونا داخل المستشفى وتحتاج إلى أدوات الغسل والتكفين دون الإفصاح عن أن المتوفية والدتها، وعندما ذهب أحد معاونى أعضاء لجنة الزكاة بالاحتياجات المطلوبة إلى المستشفى أجرى اتصالا بها وتصادف وقوفها أمام باب المستشفى بمكان قريب منه، لتراقب ما سيحدث مع أمها، فسمعها ترد على اتصاله فأغلق التليفون وعرفها بنفسه معبرا عن غضبه مما تفعله فأخبرته بأن زوجها سيطلقها فى حالة تسلم جثمان والدتها أو حضور مراسم الغسل، خوفا من العدوى.
وتولت إدارة المستشفى وفريق الشؤون الوقائية بالمديرية بإشراف من الدكتور محمد يوسف وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، إجراءات الغسل والتكفين ودفن المتوفية فى غياب ابنتها .
وأما الواقعة الثانية التى شهدتها نفس المستشفى فكانت لمريض مقيم بمركز اهناسيا غربى بنى سويف أحتجز بالمستشفى بعدما أثبتت التحاليل والأشعة إصابته بكورونا وبعد أيام لاحظ الطاقم الطبى بإشراف من الدكتور إبرام ماجد مدير المستشفى تدهورا فى حالته، وعدم تمكنه من النطق أو الحركة وبفحصه قرر الأطباء وفاته، وأثناء وضع الجثمان فى الجراب الجلدى الواقى أفاق جالسا، ما أصاب الجميع بالدهشة، وتبين إصابته بغيبوبة كاملة جعلت الأطباء يعتقدون بأنه فارق الحياة، وتم إعادة المريض إلى حجرة عزله بالمستشفى، وشاءت الأقدار أن يفارق الحياة بعد ذلك بثلاثة أيام.
وشهدت مستشفى الحميات ببنى سويف واقعتين مأساويتين أخرتين، الأولى عندما اصطحب مجموعة من الأشقاء أخاهم البالغ من العمر 33 سنة إلى قسم الاستقبال، مصابا بضيق فى التنفس وارتفاع درجة الحرارة، والإجهاد التام، وبعد فحصه أكد لهم الطبيب أنها أعراض الإصابة بكورونا ما جعل أشقاءه يرتعدون من الخوف، وانتهزوا فرصة طلب الطبيب ضرورة انتظار المريض قليلا لحين عمل تذكرة دخول حتى يتثنى إجراء الأشعة والتحاليل اللازمة، وانتزعوا بطاقة الرقم القومى من بين طيات ملابس شقيقهم، وغادروا المستشفى، حتى إذا وافته المنية لا يتعرف أحد على هويته أو عنوان أسرته، ويطالبونهم بتسلم جثمانه، وشاءت الأقدار أن يلفظ المريض أنفاسه الأخيرة داخل المستشفى بعد نصف ساعة من مغادرة أشقاءه، ليتولى الدكتور وليد عبده مدير المستشفى مع مديرية الصحة والشرطة إجراءات الغسل والدفن فى المقابر.
وفى واقعة أخرى استقبل أمن مستشفى الحميات مريضا مسنا وفى حالة سيئة برفقة أبناءه الذين ألقوا به على باب المستشفى فخر مغشيا عليه ونظرا لرفضهم دخول المستشفى تولى الأمن الإدارى نقل المريض إلى الاستقبال، وفور علمهم بوفاة والدهم هرعوا مغادرين المكان، ولم يلتفتوا إلى مطالبة العمال والطبيب والأمن لهم بأخذ جثمان والدهم لتغسيله ودفنه قائلين "مش عايزينه"، فى تجرد من المشاعر الإنسانية وخوفا من انتقال العدوى إليهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة