عقب تعيين حكومة جديدة.. محركات ودوافع الحراك السياسى والأمنى بموريتانيا

الثلاثاء، 18 أغسطس 2020 12:54 م
عقب تعيين حكومة جديدة.. محركات ودوافع الحراك السياسى والأمنى بموريتانيا محمد ولد الشيخ الغزوانى الرئيس الموريتانى
/أ ش أ/

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تعيش موريتانيا خلال الآونة الحالية على وقع حالة من الحراك السياسى والأمنى الذى لم تشهده من قبل، فى ظل تشكيل حكومة جديدة خلفاً للحكومة المستقيلة التى لم يمض عام على توليها إدارة شئون البلاد، مقرونة بحالة من تعقب الفساد، واستجواب أولى دفعات المشمولين فى ملفات الفساد من الوزراء وكبار المسؤولين السابقين.

كان الرئيس الموريتانى محمد ولد الشيخ الغزوانى، قد كلف مؤخراً الوزير الأسبق محمد ولد بلال، خبير المياه، بتشكيل حكومة جديدة خلفا للوزير إسماعيل ولد سيديا والذى تقدم باستقالة حكومته فى السادس من أغسطس الحالي.

وأسفرت التشكيلة الحكومية الجديدة، عن بعض التعديلات الفنية، على بعض القطاعات الحكومية، كما تم الاحتفاظ بمعظم أعضاء الحكومة السابقة، وشملت التغييرات دمج قطاعى التعليم الأساسى والثانوي، مع الحفاظ على مركزية الإصلاح، وتم دمج الوزارة المنتدبة للاستثمار مع وزارة الاقتصاد والصناعة.

جاءت خطوة استقالة الحكومة الموريتانية فى خضم جدل سياسى إثر تحقيق بدأه القضاء مع عدد من الوزراء الذين وردت أسماؤهم فى ملفات فساد قبل تولى الرئيس الحالى منصبه وطالب البرلمان بالتحقيق الجنائى بشأنها.

كما جاءت الاستقالة بسبب التحديات التى واجهت رئيس الحكومة السابق إسماعيل ولد الشيخ سيديا والتى كشف عنها بنفسه، فى سبتمبر من العام الماضي، خلال استعراضه برنامج حكومته المستقيلة، من مصاعب مالية تواجه البلد بسبب استلامه ما أسماه بـ"خزائن فارغة" من حكومة الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، مما دفعه إلى اللجوء للاستدانة الداخلية والخارجية لتسيير شؤون البلاد.

فضلاً عن التحديات التى خلفتها جائحة كورونا وتداعياتها التى أثرت على مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية فى موريتانيا، وحالة السخط من قبل الرأى العام الموريتانى على الطريقة التى أدارت بها الحكومة أزمة الجائحة.

ملفات الفساد

لا شك أن ملفات الفساد، ومحاولة تقليص التفاوت الاجتماعى والاقتصادى بين المواطنين فى موريتانيا، كانت أحد الدوافع والمحركات التى أجبرت حكومة إسماعيل ولد سيديا على تقديم استقالتها.

وقد أشارت تقارير موريتانية إلى ملف صفقة التنازل عن رصيف الحاويات بميناء نواكشوط المبرمة فى أواخر عهد الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، إلى جانب 11 ملفا آخر، بينها ملفات تشمل الصيد البحرى وإفلاس بعض الشركات العمومية وبيع عقارات تابعة للدولة.

كان تقرير لجنة تحقيق برلمانية موريتانية، قد أوصى بمحاسبة المشتبه بتورطهم فى صفقات فساد فى عهد الرئيس السابق ولد عبد العزيز، ومنهم الرئيس نفسه وأفراد من عائلته، وتحدث التقرير عن صفقات بقيمة مليارى دولار تمت بطريقة غير قانونية، وتخللتها تجاوزات كبيرة استفاد منها مقربون من الرئيس السابق فى مجالات الثروة السمكية والطاقة والكهرباء والموانئ والمطارات والطرق.

ويُعد فتح ملفات الفساد من طرف البرلمان، وشروع السلطات القضائية فى التحقيق الجنائي، سابقة فى التاريخ السياسى الموريتاني؛ حيث أكد الرئيس ولد الغزوانى خلال فبراير الماضى أن البرلمان هو من قرر فتح هذه الملفات، وأنه لن يتدخل فى عمله بناء على مبدأ الفصل بين السلطات.

وعلى خلفية ذلك تصاعدت حدة التلاسن بين الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، والرئيس الموريتانى الحالى محمد ولد الشيخ الغزواني، حيث اتهم ولد عبد العزيز سلفه الرئيس الحالي، محمد ولد الشيخ الغزواني، بتصفيته سياسيا ومحاكمته بتهم واهية، واصفاً إحالة ملف شبهات الفساد إلى القضاء بـ"التصعيد الخطير ضده".

ويرى مراقبون أن تنصيب الرئيس الموريتانى محمد ولد الشيخ الغزوانى فى أغسطس العام الماضي، قد مثل حدثا بارزا فى الحياة السياسية الموريتانية، كخطوة هى الأولى من نوعها تنتقل فيها السلطة بين رئيسين منتخبين، وتتم فى حضور المدعوين الوطنيين من الشخصيات السياسية والعسكرية فى موريتانيا، وأعضاء السلك الدبلوماسى المعتمد فى البلاد، إلى جانب الشخصيات الاعتبارية، ورؤساء الأحزاب وممثلى هيئات المجتمع المدني.

كان الغزوانى قد أدى فى الأول من أغسطس 2019 اليمين الدستورية رئيسا لموريتانيا خلفا لسلفه ولد عبد العزيز، بعد فوزه فى انتخابات رئاسية جرت أواخر شهر يونيو 2019، شهدت منافسة ستة مرشحين للمعارضة، تعهد فيها ولد الغزواني، خلال خطاب استلامه للرئاسة أنه سيكون رئيسا لجميع طوائف الشعب مهما اختلفت انتماءاتهم، وإنه سيولى عناية قصوى للفئات المهمشة.

ووفقاً لمراقبين موريتانيين، فإن أهم ما حققه الرئيس الغزوانى خلال السنة الأولى من توليه سدة الحكم، هو العمل على تقوية الدولة، من خلال اتخاذه خطوتين مهمتين بهذا الشأن، الأولى خلق مناخ سياسى يعزز تقاليد الانفتاح والتشارك، والثانية تتمثل فى إعادة الحياة للمؤسسات والوزارات ومنحها الصلاحيات المطلوبة، ومن هنا جاء إنشاء الغزوانى لمندوبية حكومية بهدف تجفيف منابع الإقصاء والتفاوت الاجتماعى ومحاربة الآثار الاقتصادية للغبن والتهميش.

يبقى القول إن حالة الحراك السياسى والاجتماعى التى تشهدها موريتانيا، تؤسس لبداية مرحلة جديدة من تاريخها السياسي، والعمل نحو إرساء مؤسسات الدولة، وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وتعزيز الشفافية وتقليص الفوارق الاجتماعية، وتعزيز السلم الاجتماعى وتعظيم العدالة الاجتماعية.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة