أقلام واشنطن فى خزانة قطر.. الجزيرة توظف نادى الصحافة الأمريكى لخدمة حملاتها ضد مصر.. قصة استئجار فريدمان وأنجيلا كين وجون دونيلى.. وسطاء من نيويورك تايمز وحزب الله و"رايتس ووتش".. و4 منظمات إخوانية تنفذ الصفقة

الأربعاء، 19 أغسطس 2020 05:05 م
أقلام واشنطن فى خزانة قطر.. الجزيرة توظف نادى الصحافة الأمريكى لخدمة حملاتها ضد مصر.. قصة استئجار فريدمان وأنجيلا كين وجون دونيلى.. وسطاء من نيويورك تايمز وحزب الله و"رايتس ووتش".. و4 منظمات إخوانية تنفذ الصفقة جون دونيلى و تميم بن حمد أمير قطر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أواخر العام 2015 عاش نظام الحكم فى قطر أزمة كُبرى، مع اختطاف 28 مواطنا كانوا فى رحلة صيد بالخليج العربى من جانب ميليشيات شيعية عراقية. وبحسب شبكة BBC البريطانية فقد تسلّم محمد بن عبد الرحمن آل ثانى الذى كان يقترب من منصب وزير خارجية الدوحة، قائمة بأسماء الرهائن، ثم كتب لسفيره فى بغداد "جاسم ابن عمى وخالد زوج عمتى. عندما تحصل على أى خبر أرجو إخبارى فورا"، وانقضت 16 شهرا من الارتباك قبل أن يتحرر الرهائن فجأة فى ظروف كانت غامضة، لكنها سرعان ما تكشّفت.

 

deb3b97c-1c94-4e6a-9e75-f23724b85ab6
 

تقول BBC فى تقرير لها أن إحدى الروايات تُشير إلى سداد قطر مليار دولار على سبيل الفدية للميليشيات التى تعتبرها الولايات المتحدة منظمات إرهابية. لكن المفارقة التى فضحتها الوقائع أن عملية التحرير انطلقت من الأراضى الأمريكية نفسها، وهو ما أكدته وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية فى تقرير بالمحتوى نفسه، وقد جرى الأمر من خلال شركة "جلوبال" المتخصصة فى العلاقات العامة، وبتنسيق مع حزب الله وجبهة النصرة. وبعيدا من بعض الأمور الفاضحة فى الصفقة، ومنها هجوم الحكومة العراقية على قطر واتهامها بتمويل الإرهاب فى العراق، وضبط حقائب دبلوماسية تحتوى على نحو 500 مليون دولار فى مطار بغداد، فقد تحرر الرهائن فى النهاية بالطريقة نفسها التى تعمل بها قطر حتى الآن، وتُوظفها فى خدمة مصالحها أو استهداف خصومها إعلاميا وسياسيا.

 

1c84280a-f3e5-461b-bbc8-34c615195dc7
 

فساد فى نادى الصحافة الأمريكى
 

عرفت الإمارة الخليجية الصغيرة طريق شراء الحلفاء والداعمين، فأبرمت عشرات العقود مع شركات العلاقات العامة، وضخت ملايين الدولارات لتمويل منظمات حقوقية ومؤسسات إعلامية، وشراء مساحات إعلانية ومواد مدفوعة. وبات شائعا خلال السنوات الأخيرة أن تمرر "الدوحة" رؤاها ومواقفها من خلال منصات خارج حدودها، بل إنها توسّعت فى الأمر باختراق تلك المنصات، سواء بالعمل المباشر والتقارير المشتركة، أو بوضع عناصر يتبعون الإمارة أو حليفتها "جماعة الإخوان" مثلما حدث بتعيين عمرو مجدى وسلمى ابنة القيادى الإخوانى أشرف عبد الغفار فى منظمة هيومان رايتس ووتش.

أحدث تلك الصفقات جرت مع نادى الصحافة الأمريكى، الذى أطلقت قطر تعاونها معه من خلال اتفاق لتسويق قضية مراسل شبكة الجزيرة محمود حسين، المحتجز على ذمة قضايا داخل مصر، وإثارة الأمر فى الداخل الأمريكى ولدى صناع القرار وأعضاء الكونجرس. وسريعا عمل النادى على تفعيل الاتفاق بكثافة، فخرج رئيسه مايكل فريدمان، ثم رئيسة المعهد التابع له أنجيلا جراى لينج كين، وأخيرا رئيس لجنة الحريات دون جونيلى، فى بيانات متتابعة للحديث عن "حسين" وفق وجهة نظر الشبكة القطرية. واستضافت "الجزيرة" دونيلى فى لقاء قبل ساعات، استفاض فيه فى توجيه رسائل عاطفية من دون اقتراب من الموقف القانونى لمراسل الشبكة، أو الرد على الاتهامات المنسوبة إليه، أو الاعترافات المصوّرة التى بثتها بعض القنوات من وقائع التحقيق معه.

فى تسجيل مصوّر عقب ضبطه أواخر العام 2016، يظهر محمود حسين معترفا بمشاركته فى إنتاج فيلم "العساكر" الذى بثّته الجزيرة فى وقت سابق، وبأن "الفيلم تضمّن مشاهد لتشويه القوى العسكرية والجندية المصرية، وأن إدارة قناة الجزيرة تنتهج نهجا غير مسؤول ويتضمن استراتيجية لمعاداة الدولة المصرية". وبعيدا من تلك القضية والاعترافات، أو مما يتردد من شائعات بشأن تورط "حسين" إلى جانب علا ابنة يوسف القرضاوى وزوجها حسام خلف فى تمرير الأموال بين أجنحة الإخوان ومؤسسات قطر بالخارج، ومكاتب الجماعة وعناصرها داخل مصر، فإن تركيز نادى الصحافة الذى سبق أن منح جائزته للمصور محمود أو زيد "شوكان" بالعام 2016، وقتما كان موضوعا رائجا عبر الشبكة القطرية وفى دوائر الإخوان بالمنصات الإعلامية ومواقع التواصل، لم يذكر "حسين" وقتها وطوال قرابة 4 سنوات، وفجـأة أصبح موضوعا حاضرا بقوة على أجندته، بترابط واضح بين بيانات النادى ورسائل الجزيرة وأذرعها فى المنصات الصادرة عن "فضاءات ميديا" أو منتدى الشرق المملوك لمدير الجزيرة السابق وضاح خنفر، والذى يتخذ إسطنبول مقرا له.

يقول مصدر من الحقل الإعلامى، تحفظ على التصريح بهويته لسابقة عمل والتزام أخلاقى مع بعض الأطراف المرتبطة بالقضية. أن الرابط الأول مع نادى الصحافة جاء من جانب جماعة الإخوان وليس قطر، ولكن الإمارة دخلت على الخط لاحقا وتولّت تدبير النفقات المالية اللازمة لإبقاء هذا المسار مفتوحا. ويوضح بصورة أكبر: "هناك 4 منظمات إخوانية أو مرتبطة بالجماعة بدأت مسار الصداقة مع نادى الصحافة، أولها مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية CAIR ثم جمعية الطلاب المسلمين، والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، والدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية، ونشطت عناصر الجماعة بالولايات المتحدة مثل عبد الموجود الدرديرى وعمرو مجدى وأشرف عبد الغفار فى التواصل وتوطيد الروابط، واستغلوا فى ذلك علاقاتهم ببعض الصحفيين الأمريكيين مثل ديفيد كيرباكتريك مراسل نيويورك تايمز السابق بالقاهرة، ولاحقا دخلت قطر على الخط بإنفاق بالغ السخاء، وعقود مباشرة مع النادى والصحف والكتاب أنفسهم، وبمرور الوقت أصبح الفريق القطرى الإخوانى قادرا على تمرير رسائله من خلال النادى".

 

رحلة اختراق النادى بأموال آل ثانى

فى وقت سابق، كشفت مجلة "ويكلى ستاندرد" أن ما يُعرف باسم منظمة "التجارة العربية الحرة الكبرى GAFTA" ترعى عديدا من فعاليات النادى، وأن وراءها رجل الأعمال غسان منصور صاحب شركة "منصور وإخوانه" المسجلة بولاية فلوريدا. بحسب المجلة ينفذ "منصور" ومنظمته عمليات غسل أموال لصالح "حزب الله" اللبنانى. وتعليقا على أنشطة مشبوهة من جانب النادى اعترف مديره تومى بار بالتعاون مع منظمات أهلية، وأشار إلى ما أسماه "التحالف الدولى لمكافحة الإرهاب" كأحد الشركاء ورعاة الأحدث والأنشطة.

بالنظر إلى الصيغة الأهلية غير الربحية للنادى، فإن نفقاته وأنشطته والمقر الذى يشغله وحجم الأعمال السنوى والنفقات الدورية تتجاوز موارده الطبيعية، حتى مع امتلاكه بعض المرافق التى يُمكن أن تُمثّل بابا للموارد، لكن يبدو أن الأمر يجرى تعويضه عبر تدفقات مالية مخفية فى صورة تعاقدات سخية للخدمات. يُدير نادى الصحافة مركزا لعمليات البث بالطابق الرابع فى مبناه منذ العام 2006، ويضم وحدات إنتاج فيديو متكاملة الخدمات فضلا مع معدات ومرافق للبث عبر الإنترنت، وحلول متطورة للاتصال ومؤتمرات الفيديو، وبوابات إرسال عالمية ووسائط متعددة لدعم خدمات "الويب". وبحسب المصدر فإن شبكة الجزيرة تعمل من داخل المركز، وتبث كثيرا من موادها ولقاءاتها المباشرة عبر تلك الوحدات، من خلال تعاقد سخى يُضاف إلى غيره من التمويلات المتدفقة عبر مؤسسات أهلية وعقود تعاون واستغلال للخدمات من منظمات تابعة للإمارة أو مرتبطة بجماعة الإخوان، أو من خلال عقود المحتوى السخية مع "بلومبرج".

وإلى ذلك، تدعم الدوحة والجمعيات الإسلامية فى الولايات المتحدة المعهد الوطنى للصحافة التابع للنادى، وتستفيد من خدماته فى مجال تدريب متخصصى الاتصالات، وتوفير منح دراسية للصحفيين، وتدريب العاملين من خلال مركز بلومبرج للصحافة الإلكترونية، وإتاحة أبحاث ودراسات فى الاتصالات للمهنيين من خلال مكتبة "إيريك فريدهايم". ويؤكد المصدر أن السنوات الثلاث الأخيرة على الأقل شهدت تدريب بين 30 و40 شخصا من العاملين فى شبكة الجزيرة وعدد من المنصات الصديقة، مثل شبكة العربى و"ميدل إيست آى" و"عربى 21" وقناة الحوار وغيرها.

 

اختراق واشنطن وشراء ضمير الإعلام الأمريكى

فى قضية الرهائن، وقعت قطر عقدا برقم 4610 ضمن لائحة تسجيل وزارة العدل الأمريكية، مع مجموعة Global Strategies Coucil ومّثل الإمارة فيه خليفة بن فهد آل ثانى حفيد أمير قطر السابق حمد بن خليفة، للبحث عن الصيادين المختطفين والتواصل مع المسؤولين والمصرفيين والمستشارين والإعلام، ووضع اللمسات الأخيرة على شروط الاتفاق وكُلفته، وبلغت قيمة العقد مليونا دولار، إضافة إلى نص غريب يُلزم قطر بـ"المساهمة بمبالغ معينة فى الجمعيات الخيرية والإنسانية الدولية"، وهو المدخل الذى فتح الباب لمزيد من الاتفاقات الشبيهة، فضلا عن منح وتمويلات مباشرة وغير مباشرة لعديد من المؤسسات، منها المعهد الوطنى للصحافة.

فى تقرير موسع بالعام 2017 كشفت صحيفة "المونيتور" الأمريكية أن إدارة تميم بن حمد ضاعفت حجم إنفاقها داخل أمريكا 4 مرات قياسا على مستوياته خلال ولاية أوباما، ونجحت فى شراء صمت وزارة الخزانة وأعضاء الكونجرس والخارجية. أما فى التفاصيل فإن تلك التحركات تجرى عبر عشرات الشركات والصحف، ومئات الصحفيين والسياسيين، وبدأت بالتعاقد مع 4 شركات. وبحسب أوراق رسمية مقدمة لوزارة الخزانة من مجموعة "جالاجر" تدفع السفارة القطرية 25 ألف دولار شهريا لتنفيذ أجندتها، إضافة إلى 332 ألف دولار شهريا لشركة "سكوير باتون بوجز" لتوطيد علاقتها بنواب الكونجرس، وأكثر من 150 ألف دولار شهريا لشركتى ميركيورى وليفيك للاتصالات.

وتؤكد مجلة "فورنت بيج" الأمريكية تعاقد الدوحة مع مجموعتى "بورتلاند" و"يرسون مارستيلر" لاستهداف الكونجرس والوكالات الفيدرالية والأمنية ومجتمع الصحافة والإعلام، لتوجيه دفتها فى الأمور المتصلة بشؤون الدوحة أو مصالحها فى المنطقة والعالم، بينما كشف موقع "ميمرى" سيطرة الإمارة على عديد من الصحف والمنصات الإعلامية وشراء ولاء كثيرين من الكتاب والصحفيين، وبحسب عقود نشرتها وزارة العدل الأمريكية فقد تعاقدت الدوحة مع الصحفية فى نيويورك تايمز كاثرين لويس، والكاتب المعروف روسايفر بيرلى، إضافة إلى شراكتها السابقة فى "هافنجتون بوست" وتمويلها نوافذ أخرى عبر عقود إعلانية مباشرة أو رشاوى خفية، ومنها: واشنطن بوست، ونيويورك تايمز، وشيكاجو تريبيون، و"يو إس إيه توداى"، و"وول ستريت جورنال" وغيرها، ومن قلب تلك التحالفات وشبكات العاملين نجحت الإمارة فى اختراق نادى الصحافة الوطنى ومعهده والمؤسسات التابعة، ووطّدت روابط عديد المؤسسات الإسلامية والإخوانية بقادة المعهد، فضلا عن ربط حلقات اتصالها فى "هيومان رايتس ووتش" وغيرها من المؤسسات غير الربحية داخل الولايات المتحدة بالنادى والقائمين عليه.

بحسب وثائق وعقود رسمية توصلنا إليها ونشرها "اليوم السابع" من قبل، فقد رصدنا 14 عقدا تجمع الإمارة بعدد من شركات العلاقات العامة والاستشارات والحشد والترويج السياسى فى واشنطن. أحدها مع شركة Ashcroft للمحاماة بتاريخ 9 يونيو 2017 وموثق لدى وزارة العدل الأمريكية برقم 6438، يتضمن دعم الجهود القطرية فى التواصل مع المسؤولين الحكوميين وخبراء السياسة، وبموجبه حصلت الشركة على مليونين و500 ألف دولار أمريكى لبدء العمل، وعقد ثانٍ موثق برقم 6277 تتولى بموجبه شركة Gallagher تنسيق اتصالات السفارة القطرية بالفروع التشريعية والتنفيذية والإعلامية، والتجهيز لزيارة وفود قطرية، والرد على استفسارات وطلبات الحكومة، وتمرير الرسائل ووجهات النظر القطرية من خلال المنصات الرسمية والأهلية، وسمح هذا العقد لقطر بالحصول على قائمة بالمصادر والشركات وأعضاء الكونجرس والصحف والكتاب. وفى عقد برقم 6228 تتولى شركة Levick تنسيق اتصالات قطر بمسؤولين حكوميين وأعضاء بالكونجرس ومجتمع الإعلام والصحافة مقابل 54 ألف دولار شهريا، وفى ملحق آخر بقيمة مماثلة تلتزم الشركة بتحليل الخطاب الإعلامى وتعزيز التواصل مع وسائل الإعلام الرئيسية والاجتماعية ومع المعاهد والمؤسسات الفنية المتخصصة.

 

الصحافة الأمريكية فى المزاد

رغم اختلاف قصة نادى الصحافة الأمريكية مع قطر، وتوظيف قضية مراسل الجزيرة محمود حسين فى صناعة خطاب مشترك بصيغة العلاقات العامة والمحتوى المدفوع، عمّا تشهده الساحة الإعلامية الأمريكية من تشابكات على أرضية الصراع السياسى الداخلى، إلا أن الأمر يُلخص أزمة هيكلية طالما تحدث عنها إعلاميون وقادة أمريكيون. الرئيس دونالد ترامب لا يتوقف عن انتقاد الصحافة والإعلام، وحتى الآن لم تجف دماء الانحياز الصارخ والممارسات غير المهنية فى انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016 لصالح هلارى كلينتون والديمقراطيين. ويبدو أن منطق السوق قد تسرّب إلى إدارة المؤسسات بأكثر مما يجب، فبات الأمر ممارسة تجارية تحت غطاء يبدو مهنيا، أو يستحلب ميراث الولايات المتحدة ورصيدها من الحرية والسُمعة السابقة.

الأمر أكبر من قضية الصحفى المصرى محمود حسين، إذ ما يزال الأمر قيد النظر وفق الأطر القانونية، وأغلب الظن أن تلك المعالجات الملونة أو المدفوعة لن تُغير مسار التقاضى المعتمد داخل منظومة العدالة المصرية. لكن فى القلب من هذا التعاون الواضح بين شبكة الجزيرة ونادى الصحافة الأمريكى، ومن ورائه تعاون قطر نفسها مع عشرات من شركات العلاقات العامة والدعاية السياسية، يبدو الأمر مُزعجا على صعيد النظر لمساحة استقلال العمل الأهلى والأنشطة والمؤسسات غير الربحية، وتوظيف العلامات البارزة حول العالم فى خدمة برامج دعائية بصورة تبتذل قيمة تلك المؤسسات، وتُشيع مناخا من السيولة وانعدام المعايير، فضلا عن إثارة الشكوك فى الدول والحكومات التى تحتضن تلك الأنشطة، وتبدو كما لو أنها حارس على باب غرفة نوم غير شرعية!

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة