عاشت قريتا "حمردوم وأبو حزام"، بمحافظة قنا فوق صفيح ساخن نتيجة لوجود 50 خصومة ثأرية فلم تتوصل لجان المصالحات لإنهاء تلك الخصومات القابلة للانفجار فى أى لحظة، بينما يرجع تاريخها لـ 40 عاماً من الدماء تتجدد بين الحين والأخر، لكن الحملات التى شنتها أجهزة الأمن على مدار 5 سنوات ساهمت فى ضبط كميات كبيرة من السلاح.
قريتا "حمردوم" و"أبوحزام" من قرى الجبل الشرقى بمركز نجع حمادى، ويبلغ عدد سكانها 40 ألف نسمة، وقد كانتا قبل عامين موطناً كبيراً للعناصر الإجرامية الخطرة، التى تتخذ من الجبل مأوى لتمرير عملياتها الإجرامية بكل حرية، ويعود ذلك الأمر إلى انتشار الخصومات الثأرية الموجودة فى القريتين.
"اليوم السابع" عايشت ما يعد تغيرا داخل القريتين، فالوضع أصبح مختلفاً عن السابق حيث السلاح الذى كان يسير بها الأهالى فى الطرقات لم يعد موجوداً، والعناصر المطلوبة تم ضبطها باستثناء بعض الهاربين، الذين تركوا القرية نتيجة الحملات المستمرة على المناطق الجبلية المتاخمة للظهير الصحراوى.
وقال عبد الحق مدثر، إبن قرية حمردوم وأبوحزام، لـ"اليوم السابع": منذ عام 2016 كنا نعيش فى ظلام دامس، وأخذتنا الغيرة على القرية خاصة أن الإعلام كان يتنمر على فكرة انتشار السلاح فى القريتين، وبدأنا فى التنسيق مع الأمن بعام 2017 لنشر الأمن والفكر السياسي والتوعية، وذلك عن طريق عقد لجان وندوات دينية وثقافية للآثار السلبية عن الثأر وخطورته على المستقبل، من خلال إئتلاف الشباب والقيادات لإيقاف وإنهاء الصراعات الثأرية والعمل بالسلام والإنتاج والتنمية، وكان لجامعة جنوب الوادى دور كبير بقيادة الدكتور يوسف الغرباوى فى تنظيم العديد الندوات التثقيفية.
وأضاف عبد الحكيم مدثر: "من هنا بدأ التغيير وبدأت الخصومات تنخفض، والأهالي استجابوا لفكرة تسليم السلاح وساعد فى ذلك مديرية أمن قنا، بإعلانها مبادرة قنا بلا سلاح، وأصبحت القرية تعيش بدون تبادل إطلاق نار خلال تلك الفترة، وساهم فكر شباب حمردوم وأبو حزام فى إقناع كبار العائلات بالتخلي عن حمل السلاح ووضع الخصومات على طاولة المفاوضات، ونجحنا فى عقد أول جلسة صلح بعد 25 عاماً من الصراعات، ونظراً للخطورة التى كانت تتعرض لها القرية من الخارجين على القانون عقدنا أول مؤتمر لدعم الدولة ومؤسساتها حضر فيها جميع أهالى القريتين وكذلك مشاركة 3 ألاف مواطن فى إنتخابات رئيس الجمهورية والتخلي عن الثأر فى 2018
وقال أحمد خليل، من كبار عائلة الحمدية: "الثأر يحرق الأخضر واليابس واجتماع العائلات جاء بعد عدة مشاورات حتى نقضى على الثأر نهائياً فالقرية كانت تعانى من ظلام دامس فلم تكن هناك دراسة منتظمة ونسبة التسرب من الدراسة كانت مرتفعة لأن الثأر كان يقتل كل ماهو جميل".
وأوضح خليل: "الفكر سيغير المجتمع، والقرى تضررت بسبب الثأر وكله يعود على البلد كاملة، فكيف نطالب ببناء مستشفيات ومراكز شباب والثأر موجود فى قرى حمردوم وأبوحزام؟، الشباب بدل ما يقبل على مسك السلاح ستجده يمد يده للسلام والتخلي عن الخصومات" .
30 ممثلا من العائلات فى قريتى حمردوم وأبو حزام والقرى المجاورة، وقعوا على وثيقة وحلول جذرية فى سياق مبادرة "بلدي بلا ثأر" أهمها العمل على تشكيل لجان من الشباب وكبار العائلات من أهل الوعى، وأصحاب الحكمة مدعومة بأعضاء لجان المصالحات وكبار القبائل الممثلين فى مجلس النواب الحالي والسابقين.
وجاء من ضمن الشروط العمل على كتابة جميع الصراعات الثأرية وأسبابها الحقيقية للوصول إلى حلول مرضية لجميع الأطراف بالشرع والقانون والحكمة العرفية دون إنحياز إلى عنصرية أو قبيلة برؤية مصر 2020 /2030، بجانب العمل على إتفاق توقيع جميع أطراف النزاع تسليمهم النزاعات على اللجان المختصة فى محاضر رسمية، واتفاقات عرفية بالشروط التى تراها اللجنة المختصة وقرارت بعدم التعرض لحين رد اللجان بالحلول المرضية طبقاً للشرعية والقانون والأحكام العرفية على المدى القريب والبعيد.
وأصدر كبار العائلات قرار العمل على إظهار بكل ما تقوم به الدولة فى تقديم الرعاية والحياة الكريمة لكل مواطن ودعمها بكل ماهو متاح لديها بدون إنتسابها لجهات أخرى وليعرف كل مواطن ما له وما عليه فى بناء الدولة، وتشكيل لجان من الشباب الواعى والحريص على التنمية والإستثمار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة