- قلت للجنة اللى اختبرتنى معرفش أمثل فنجحونى ونور الشريف قال لى أحرجتنى
- كنت باتعاكس من البنات وأنا صغير والمدرسة اتقلبت بسبب تصوير مشهد فى مسلسل أوراق الورد
- جورج سيدهم كان بيعامل الأطفال فى المسرحية كأب
لا أحد ينسى وجهه الطفولى البرىء وخفة ظله وموهبته التى لفتت انتباه الجميع، وعباراته ومشاهده التى يحفظها الكبار والصغار رغم غيابه عن الأضواء منذ أكثر من 40 عاما.
يبعث البهجة والابتسامة حين نراه على الشاشة، مشاركًا فى أجمل الأعمال الفنية التى أصبحت علامات فى تاريخ السينما والمسرح الدراما.
عاطف الطفل المميز فى فيلم الحفيد، الذى طالما أضحكنا بمشاهده وتلقائيته حين بدت عليه ملامح الغضب وهو يرى البطة التى حملها من السوق حتى البيت تقطع وتوزع دون أن يكون له نصيب فيها، فانفجر قائلا: أمال فين نايبى أنا اللى شايل البطة دى من السوق لحد هنا، وحين وقف مذهولا فى عيادة طبيب النساء ينظر إلى بطون السيدات المنتفخة يتخيل ما بداخلها، والذى جرى ليبشر والده بولادة شقيقته قائلا: أبلة أحلام ولدت.. أبلة احلام ولدت.
إنه الطفل المعجزة مدحت جمال، الذى كان واحدا من أشهر أطفال الفن والذى أبدع فى طفولته فى العديد من الأدوار منذ بدأ رحلته الفنية فى مسرحية موسيقى فى الحى الشرقى مع ثلاثى أضواء المسرح، وبعدها توالت أعماله الفنية بين المسرح والسينما والتليفزيون.
التقينا بالطفل المعجزة الذى أصبح الآن رجلا اقترب عمره من الـ55 عاما، وأبًا لأربعة أبناء أكبرهم شابة فى سن 21 عاما ليتحدث عن مسيرته الفنية وكيف بدأت ولماذا توقفت وأين اختفى خلال السنوات الماضية.
البداية فى فرقة الثلاثى
تحدث مدحت جمال عن بداية مسيرته عندما أعلنت فرقة ثلاثى أضواء المسرح عن مسابقة لاختيار أطفال للمشاركة فى مسرحية موسيقى فى الحى الشرقى عام 1972، وكان وقتها عمره 6 سنوات، حيث إنه من مواليد عام 1966، فرأى والده فيه الموهبة، مشيرا إلى أنه أصغر إخوته ولم يسبقه أى منهم إلى عالم الفن.
وتابع: تقدمت للمسابقة وكان معى عدد كبير من المتسابقين، وكانت اللجنة مكونة من المخرج نور الدمرداش والمخرج حسن عبدالسلام والفنان جورج سيدهم وسألونى 3 أسئلة جاوبت عليهم كلهم بالنفى.
وضحك الطفل المعجزة قائلا: قالولى بتعرف تمثل قلتلهم لا، بتعرف تغنى، قلت لا، بتعرف ترقص قلت لا، فسألونى أمال إيه اللى جابك، قلتلهم بابا اللى جابنى، ورغم ذلك اختارونى لأنهم رأوا أنى تلقائى ومناسب للدور، وبعدها بدأت الرحلة وشاركت فى العديد من الأعمال ومنها، مسرحية جوليو وروميت، وفيلم الحفيد، وشياطين للأبد، وحب أحلى من حب، وعادت الحياة ومسلسل أوراق الورد، والعديد من مسلسلات الأطفال والمسلسلات الدينية.
وعلى خلاف الشقاوة التى كان يتسم بها وهو طفل يتميز الفنان مدحت جمال بالهدوء الشديد والجدية.
واستكمل حديثه عن فترة طفولته وبدايته الفنية الشاقة حيث بدأ بالمسرح الذى يستلزم جهدًا كبيرًا وقدرة على مواجهة الجمهور: كنت فى أولى ابتدائى وكل يوم باشتغل مسرح وارجع البيت بعد الساعة 2 صباحًا، وكان جهدا شاقا جدا وأحيانًا كنت أنام فى الفصل، ووالدتى كانت حريصة على متابعتى فى الدراسة.
أما عن مواجهة الجمهور لأول مرة على خشبة المسرح فقال: كنت طفل وواخد الأمور كلها بتلقائية وبساطة، وما كنتش مستوعب رهبة المسرح، واستمر عرض مسرحية موسيقى فى الحى الشرقى سنتين، وبعدها اشتغلت مع الثلاثى مسرحية جوليو وروميت وكان عمرى 8 سنوات.
جورج سيدهم إنسان فوق العادة
يتحدث عن الفنان جورج سيدهم قائلا: فنان وإنسان عظيم، كان بيتعامل معانا كأب وبيهتم بينا جميعا كأطفال بنشتغل فى المسرحية ولازم يتأكد إننا شربنا اللبن وأكلنا قبل العرض، ويحرص أنه يخلى الإنتاج يوصلنا بعد العرضض ويطمئن علينا.
وتابع: فى إحدى المرات تعبت وحرارتى ارتفعت فقرر الفنان جورج سيدهم وقف العرض وأعاد ثمن التذاكر للجمهور حرصا على صحتى لأن كان دورى محوريا فى الرواية، وجاب لى دكاترة وكان حريصا يحتفل بعيد ميلادى فى مسرح الهوسابير، واشتغلت معاه مسلسل المغامرون الخمسة.
واستكمل مدحت جمال حديثه عن الفنان الراحل جورج سيدهم، قائلا: استمرت علاقتى به حتى كبرت وأثناء دراستى بالجامعة وكان دائم الاطمئنان علىّ وحاولت التواصل معه بعد مرضه، ولكن لم أتمكن من ذلك وحزنت بشدة لوفاته.
وتابع طفل الفن المميز متحدثا عن مسيرته الفنية: عام 1973 وأثناء عملى فى مسرحية جوليو وروميت، عرض علىّ فيلم الحفيد وشاركت فيه وكنا بنصور فترة الحرب، وبعدها توالت الأعمال السينمائية، ومنها أفلام: شياطين للأبد، حب أحلى من حب، وعادت الحياة الذى حصلت فيه على جائزة الدولة التقديرية ومن الدكتور عبدالمنعم الصاوى وزير الثقافة وقتها، وكان الفيلم بطلولة الفنان الكبير نور الشريف والفنانة سهير المرشدى، وفيلم مغامرون حول العالم مع الزعيم عادل إمام والفنان الكبير سمير غانم.
وأشار مدحت جمال إلى أنه شارك فى مسرحية شاهد ماشافش حاجة مع الفنان عادل إمام من بداية العرض وسافر لعرضها فى الكويت، ولكن ترك العمل فيها قبل تصويرها للتليفزيون لأنه كان مرتبطًا بامتحانات الصف الثانى الإعدادى وتركها قبل السفر للعرض فى الأردن، مشيرا إلى أنه شارك خلال هذه الفترة أيضا فى مسلسل أوراق الورد مع الفنانة الكبيرة وردة وفى العديد من المسلسلات الدينية ومسلسلات الأطفال.
ذكريات الفن والطفولة
يتحدث عن ذكريات هذه الفترة، مشيرا إلى أن من الأشياء التى كانت تشعره بالفخر حين كان يمثل مع الفنان الكبير نور الشريف فيلم «وعادت الحياة»، فكان يتم تصوير العديد من المشاهد الخارجية ويتم بعدها عمل دوبلاج للصوت، ويضحك قائلا: كنت أقول كلام المشاهد ولا أعيد وحين يضطر أستاذ نور للإعادة يضحك ويقول لى: يا ابنى أحرجتنى وسط الناس، فأضحك معه وأقول: مبتعرفوش تمثلوا.
وتابع: كنت أنا ودينا عبدالله أصدقاء وجيران فأنا من مواليد السيدة زينب وهى فى المنيل وكنا نؤلف قصص ونتدرب على التمثيل معًا.
كل اللى اشتغلت معاهم كانوا عمالقة فى الفن والأخلاق، لكن كل اللى فاكره من الفترة دى الشغل بس والإرهاق.
يتذكر بعض المواقف الصعبة التى مر بها قائلا: كنت أصور فيلم وعادت الحياة، مع المخرج نادر جلال وإنتاج والدته مارى كوينى فى الإسكندرية، وفى نفس الوقت أصور فيلم حب أحلى من حب، فى القاهرة، فكنت أنام من التعب لأجد نفسى فى مرة فى القاهرة ومرة فى الإسكندرية.
وتابع: فى فيلم حب أحلى من حب كنا مجموعة أطفال وكانت تمثل معنا الفنانة صابرين وأحد الأطفال صدمنى بالدراجة وأصبت بجرح قطعى فى ساقى ومارى كوينى أخذتنى للمستشفى.
وعن تأثير الشهرة عليه فى هذا السن قال ضاحكًا: كنت بتعاكس فى الشارع من البنات وأنا خارج من المدرسة، وكنت طفلا اجتماعيا لم تؤثر الشهرة على شخصيتى، خاصة أنى متربى فى حى شعبى وكل الناس كانت عارفة بعضها.
وعن تأثير انشغاله بالفن على دراسته قال: كان المدرسون مبسوطين أن عندهم طفل مشهور فى الفصل وكانوا متعاونين جدا بيشرحوا الدروس اللى بتفوتنى، وبيساعدونى بكل طاقتهم.
ومن كتر الشغل والإرهاق كنت بعتبر وقت المدرسة هو وقت الترفيه بتاعى باشوف أصحابى وألعب معاهم.
ويضحك قائلا: كنا بنصور مسلسل أوراق الورد واتزنقوا فى مشهد وأنا كنت فى المدرسة ولقيت المخرج والكاميرات واستأذنوا من الناظر علشان يصورنى فى الحوش، ويومها المدرسة اتقلبت وكل المدرسين والتلاميذ وقفوا يتفرجوا عليا، وقبل ما ييجوا راحوا البيت وخدوا لبس علشان أغير فى المدرسة.
وأوضح جمال أنه ظل يعمل بالفن ويحاول التوفيق بينه وبين الدراسة حتى وصل للصف الثانى الثانوى وحينها اعتذر عن المشاركة فى فيلم الباطنية مع الفنانة نادية الجندى لانشغاله بالدراسة، قائلا: كنت باحلم أدخل كلية الطب وركزت فى الدراسة واعتذرت عن أعمال كتير خلال هذه المرحلة.
وتابع: حصلت على الثانوية العامة سنة 1983، وفرق معايا درجات بسيطة وبعدها التحقت بكلية التجارة، ثم درست علوم كمبيوتر بالجامعة الأمريكية، وأحببت هذا المجال وتخصصت فيه، وبعد تخرجى سافرت لمدة 10 سنوات للعمل بالكويت، وأعمل حاليا استشارى برمجيات.
أما عن الحياة الشخصية فالطفل المعجزة أصبح الآن أبًا لأربعة أبناء أكبرهم رنا شابة فى سن 21 عاما، وإنجى 17 عاما، ومحمد 7 سنوات، ومروان 4 سنوات، مشيرا إلى أنهم ليس لديهم ميول للتمثيل، وأن ابنته الكبرى رنا لديها موهبة موسيقية والتحقت بكلية التربية الموسيقية وتخصصت فى آلة الكامنجا.
سألناه إن كان يحن للتمثيل والعمل الفنى بعد هذه السنوات فأجاب مبتسمًا: لما بتفرج دلوقت على شغلى اللى عملته زمان باقول لو جت حاجة مناسبة ممكن أفكر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة