أكرم القصاص

المرتزقة والإرهابيون فى مواجهة الحل السياسى فى ليبيا

الأحد، 23 أغسطس 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثمرت الجهود المصرية والأوروبية وقفا لإطلاق النار فى ليبيا، وحديثا عن مسار سياسى، وخلال الفترة القادمة سوف تتضح أكثر نوايا الأطراف المختلفة فى الأزمة الليبية. 
وبالرغم من وجود أطراف مختلفة خارجية، يظل القرار الأول والأخير فى إنجاح أى مسارات هم الليبيون أنفسهم، والشعب الليبى من جهته لم يعد مستعدا لتقبل المزيد من الصراعات التى تستنزف جهده وأمنه وثرواته. 
 
بالطبع هناك أطراف خارج ليبيا لا تريد اكتمال حل سياسى يذهب إلى الاستقرار، لأن هذه الجهات لها مصالح من استمرار الفوضى، وهى تركيا وقطر، والأهم هم المرتزقة والميليشيات المسلحة الإرهابية، وهؤلاء يمثلون العقبة والأزمة الأساسية، سواء قبل أو بعد المسار السياسى.
 
 ليبيا استقبلت عشرات الآلاف من المرتزقة خلال السنوات التسع الأخيرة، بعد إسقاط الدولة والقذافى من قبل حلف الناتو، ثم ترك ليبيا بلا أى حلول سياسية.
 
ليبيا تحولت إلى مخازن وممرات لتهريب الأسلحة والبشر، وانتقل إليها آلاف المقاتلين والمهربين والمجرمين، وتحالفوا مع التنظيمات المتطرفة والإرهابية، وخلال الأسابيع الأخيرة تدفق على ليبيا آلاف من المرتزقة أضيفوا إلى من سبقهم. هناك بعض هؤلاء حصلوا على جنسية من قبل الوفاق أو من خلال الانخراط فى التنظيمات الإرهابية المسلحة، وبعض هؤلاء ربما يضغط لإبقاء الحال على ما هو عليه، حتى لا يجدوا أنفسهم مطلوبين للعدالة أو مطرودين.
 
وبعد هزيمة داعش فى سوريا والعراق، انتقل أعداد منهم إلى أفريقيا وليبيا بشكل أساسى، وتحولوا إلى جزء من الأزمة، فهؤلاء حاربوا لصالح جهات مختلفة أو تنظيمات وليس من السهل تسريحهم أو حتى إعادتهم لبلادهم، أغلبهم مطلوب فى جرائم جنائية فى بلادهم أو مطلوب لأجهزة الأمن.
 
وقد رفضت أغلب دول أوروبا استقبال مواطنيها من الدواعش، وطلبت محاكمتهم وإبقاءهم فى سوريا والعراق، ومن كان منهم لديه ثروة، نجح فى الانتقال إلى تركيا والحصول على أوراق إقامة أو جنسية، لكن هؤلاء هم القيادات الثرية التى قدمت خدمات لمولى الإرهاب، وطلبت الحماية. 
 
أما أغلبية المرتزقة والإرهابيين فهم غير قادرين على العودة لبلادهم أو مغادرة ليبيا، ويفضلون البقاء والانخراط فى العملية السياسية للحصول على مكسب. وبالطبع، فإن قيادات المرتزقة والتنظيمات الإرهابية هم من يسعون لتعطيل أى مسارات سياسية، لأنها تضر ببقائهم، وربما يسعى بعضهم للحصول على إقامة وعمل خاصة من الأطراف التى وظفته. 
 
وبالفعل، فإن أطراف الأزمة الليبية لا بد أن يفكروا فى مصائر آلاف المرتزقة ممن يمثلون تهديدا للمسار السياسى وأيضا بعد المسار، لأنهم يفضلون الإبقاء على فوضى تسهل بقاءهم وتضمن رواتبهم ودخولهم، وبالتالى فإن المرتزقة والتنظيمات الإرهابية هم من يمثلون مشكلة أمام الحل السياسى وبعده، وبقدر ما يشكل المرتزقة مشكلة لليبيا، فهم أيضا مشكلة للأطراف المختلفة بما فيها أوروبا، حيث يمكن أن ينتقلوا إلى دول فى أفريقيا أو أوروبا عبر البحر، ليكونوا نقاط ارتكاز أو خلايا نائمة تعيد شبح الإرهاب إلى أوروبا، وبالتالى فإن الميليشيات والمرتزقة يفترض أن يكون هناك تصور للتعامل معهم، حتى لا يتحولوا إلى قنابل فى بلادهم أو يعودوا لخوض حروب وإرهاب بالوكالة لصالح الممولين والمخططين.
 
من هناك فقد حذرت مصر مرارا من الإرهاب والتنظيمات المسلحة، باعتبارها تهديدا عالميا، كما دعت إلى عقد مؤتمرات دولية لبحث مواجهة تمويل الإرهاب والدول التى تسانده، وقد بدأت أطراف أمنية فى أوروبا تنتبه إلى خطر المرتزقة والإرهابيين فى ليبيا، الذى يمثل تهديدا صريحا لأوروبا، لكن الواقع أن بعض الأجهزة والدول فى أوروبا تتعامل مع قيادات متطرفة وإرهابيين، ظنا أنه يمكن توجيههم أو ضمان عدم إضرارهم، لكن النتيجة أن أصبحت أوروبا نفسها بؤرة لليمين المتطرف والدينى على حد سواء.  وما لم تنتبه دول العالم إلى خطر المرتزقة والإرهاب سيكون من الصعب ضمان مسارات سياسية تضمن الاستقرار لليبيا، وهذه رؤية تعيها الدولة المصرية بشكل كبير, وربما تنتبه دول جوار ليبيا إلى مئات من الإرهابيين يمكن أن يمثلوا تهديدات لدولهم حال العودة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة