مدى جواز تفتيش من يتصادف وجوده مع المتهم لحظة القبض عليه متلبسا؟.. القانون يشترط توافر إمارات قوية.. والنقض في حكم لها: وجود الطاعنة في سيارة المتلبس ببيع المخدرات لا يبيح لمأمور الضبط القبض عليها أو التفتيش

الثلاثاء، 25 أغسطس 2020 11:44 ص
مدى جواز تفتيش من يتصادف وجوده مع المتهم لحظة القبض عليه متلبسا؟.. القانون يشترط توافر إمارات قوية.. والنقض في حكم لها: وجود الطاعنة في سيارة المتلبس ببيع المخدرات لا يبيح لمأمور الضبط القبض عليها أو التفتيش محكمة النقض-أرشيفية
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التفتيش هو البحث عن الحقيقة في مستودع السر، ولقد أجازه المشرع في قانون الإجراءات الجنائية متي توافرت قرائن على أن المتهم يخفي معه أشياء تتعلق بجريمة وقعت، واكتفى في هذا الشأن بإذن النيابة العامة، وهو ما نصت عليه المادتان 94، 199 إجراءات جنائية، والأصل أن ينصرف التفتيش إلى المتهم إذا تم اتهامه بجريمة دلت القرائن أنه يخفي أدلتها، لكن قد يكون مبررا لتسلل إلى حياته الخاصة وانتهاك أسراره بالتفتيش. 
 
أما غير المتهم الذي لا شأن له بالجريمة، فلا يصح تفتيشه لمجرد وجوده مع المتهم لحظة التفتيش، ولكن المشرع خرج عن هذا الأصل، وأجاز تفتيش غير المتهم متي توافرت إمارات قوية على أن فى حوزة غير المتهم شئ يفيد فى كشف الحقيقة، ولكن اشترط المشرع أن تحصل النيابة العامة علي أمر قضائي مسبب من القاضي الجزئي، وترجع علة الخلاف إلى أن الأصل في غير المتهم أنه بعيد عن الجريمة، فلا يصح النيل من حقوقه إلا لعلة قوية تدعوا إلى الخروج عن هذا الأصل أو تزعزعه طبقا للمادة 206 إجراءات.  
 

مدى جواز تفتيش من يتصادف وجوده مع المتهم لحظة الضبط والتفتيش؟

 
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية فى غاية الأهمية تتعلق بالإجابة على السؤال مدى جواز تفتيش من يتصادف وجوده مع المتهم لحظه الضبط والتفتيش؟ وما إذا كان مجرد وجود شخص مع آخر ضبط متلبسا بجريمة يبيح القبض عليه وتفتيشه؟ كما أثير تساؤل آخر حول ما إذا كان يصح للنيابة العامة إصدار إذن بضبط وتفتيش المتهم ومن يتصادف وجوده معه؟ وعلة التساؤل أن من يوجد مع المتهم يعد مع الغير، فيلزم توافر قرائن قوية ضده من جهة وأن تستأذن النيابة العامة القاضي الجزئي لتفتيشه من جهة أخري – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض عبد الرحمن الشريف.   
 
من المعلوم أن المشرع في المواد 34 و 46 و 30 من قانون الإجراءات الجنائية، خول لمأمور الضبط القضائي سلطتي القبض والتفتيش على المتهم في أحوال التلبس دون إذن سلطة التحقيق، فأما بالنسبة لمجرد وجود شخص مع آخر ضبط متلبسا بجريمة، فإنه من المعلوم أن التلبس بالجريمة حالة عينيه وليس شخصية بمعنى أن تحقق التلبس يبيح لرجل الضبط القضائي القبض على كل من ساهم فيها، سواء شوهد في مكان ارتكابها أو بعيد عنه، طبقا للطعن رقم 13623 لسنة 87 قضائية، ولكن بشرط أن تتوافر دلائل كافية على اتهامه بتلك الجريمة – المادة 34 إجراءات فإن أثبت الحكم أنه خلال تنفيذ إذن النيابة العامة بضبط وتفتيش الطاعن الأول شوهد الطاعن الثاني الذي كان برفقته وبكمر بنطالة سلاح ناري يحقق التلبس ويُجيز لمأمور الضبط القضائي القبض عليه وتفتيشه، ولكن ومطلق الوجود رفقة المتهم المتلبس بالجريمة لا يعد من الدلائل الكافية على مساهمة الرفيق في الجريمة، وذلك لأن العلاقة بينهما واهية، إذ الدلائل واقعه ظاهرة ملموسة يستنتج منها ضلوع الشخص في الجريمة، ولا تكون الدلائل كافيه إلا إذا كانت علي درجه من القوه يصح معها في الإفهام إسناد الجريمة التلبس بها إلي هذا الشخص، ومطلق الوجود مع المتهم المتلبس بالجريمة يفتقر إلى هذا المعني – وفقا لـ"الشريف".  
 

رأى محكمة النقض فى الأزمة  

 
سبق لمحكمة النقض التصدى لمثل هذه الأزمة برقم الطعن 1345 لسنة 82 القضائية حيث قالت فى حيثيات الحكم: "لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما مفاده أنه نما إلى علم الضابط الذي باشر إجراءاتها من أحد مصادره السرية أن المحكوم عليه الآخر يتجر في المواد المخدرة فتوجه إليه لإتمام التعاقد على بيع المخدر الذي تظاهر الضابط برغبته في شرائه، وبعد أن سلمه الضابط المبلغ المتفق عليه، وقام ذلك المتهم بإحضار المخدر من أسفل كرسي السيارة التي تستقلها الطاعنة، أفصح الضابط عن شخصيته والضابط الآخر المرافق له وألقيا القبض عليهما. 
لما كان ذلك، وكانت المادتان 34 ، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان لا تجيز لمأمور الضبط القضائي أن يقبض على المتهم الحاضر إلا في أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر، إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه، وكان من المقرر أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه، ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق النقل من الغير شاهداً كان أو متهماً يقر على نفسه ما دام هو لم يشاهدها أو يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها . 
 
 لما كان ذلك، وكانت الوقائع ومجمل رد المحكمة على دفع الطاعنة ببطلان القبض - على ما جاء بالحكم المطعون فيه - قد اتخذ من مجرد كون الطاعنة موجودة بسيارة المحكوم عليه الآخر المتلبس بواقعة بيع المخدر حال القبض عليه دون إذن صادر من النيابة العامة بضبطه وتفتيشه أو من عساه يكون موجوداً معه ،ودون قيام حالة من حالات التلبس بالجريمة بالنسبة للطاعنة كما هو معروف قانوناً أو توافر حالة تجيز القبض عليها، وبالتالي فضبطها وتفتيشها يكون باطلاً ويبطل كذلك كل ما ترتب عليه تطبيقاً لقاعدة كل ما يترتب على الباطل فهو باطل، ويكون ما أسفر عنه الضبط والتفتيش وشهادة من أجراه قد وقعت باطلة لكونها مرتبة عليه ولا يصح التعويل على الدليل المستمد منها في الإدانة. 
 
 وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الدليل الوحيد في الدعوى هو ما أسفر عنه ضبط وتفتيش الطاعنة الباطل وشهادة من أجراه، فإن الحكم وقد عول على ذلك الدليل الباطل في إدانة الطاعنة، يكون باطلاً ومخالفاً للقانون لاستناده في الإدانة إلى دليل غير مشروع، وإذ جاءت الأوراق خلواً من أي دليل يمكن التعويل عليه في إدانة الطاعنة، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعنة من تهمة حيازة مخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .  
 

جواز تفتيش غير المتهم بشرط الإذن من النيابة العامة بضبط وتفتيش المتهم

 
وأما بالنسبة لصدور لصدور إذن النيابة العامة بضبط وتفتيش المتهم وكل من يتصادف وجوده معه لحظة التفتيش، فتذهب محكمة النقض في عامه أحكامها إلي صحة الإذن في هذه الحالة طبقا للطعن رقم 2561 لسنة 67 القضائية - غير أن محكمة النقض في حكم لها قضت ببطلان الإذن بضبط وتفتيش من يتصادف وجوده مع المتهم  لعدم جديته، طبقا للطعن رقم 1741 لسنه 63 القضائية، والفقه مختلف في المسألة ومعظم الفقه علي صحة الإذن في هذه الحالة لمظنة مساهمة من يتصادف وجوده مع المتهم في الجريمة محل الإذن الصادر  بالتفتيش. 
 
في حين يري جانب آخر من الفقه وبحق بطلان الإذن بضبط وتفتيش من يتصادف وجوده مع المتهم، وذلك لأنه يشترط لصحة الضبط والتفتيش أن تتوافر دلائل كافية ضد المأذون بضبطه وتفتيشه ولا يعد مجرد التواجد مع المتهم من قبيل الدلائل الكافية، كما أنه من الثوابت القانونية انه يلزم تحديد المأذون بضبطه وتفتيشه تحديدا نافيا للجهالة والأذن في حالتنا هذه جاء مجهلا  
 
دون تحديد شخص من أمر بضبطه وتفتيشه، لأن تحديده يعتمد علي الصدفة البحتة، بل إن تحديده يوكل إلي  هوي من صدر له الأذن حيث يستطيع أن يبادر بالتنفيذ أو يرجى التنفيذ ليوقع بمن يشاء ويتغاض عمن يشاء، أضف إلي ذلك أن القانون اشترط لتفتيش غير المتهم ضمانه إضافية تتمثل في لزوم حصول النيابة العامة مسبقا علي أمر قضائي مسبب من القاضي الجزئي، والرأي الأخير أصوب، فالإذن بضبط وتفتيش من يتصادف وجوده مع المتهم باطل إذ مظنة المساهمة في الجريمة محل إذن التفتيش لا تبيح انتهاك الحرية الشخصية لأفراد المجتمع. 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة