قالوا في الأثر: «إذا عُرفَ السبب بُطلَ العجب».. في الحلقة السابقة وقفنا على منهج أستاذ مساعد على المعاش بكلية التربية جامعة الإسكندرية يدعى عبد الله سرور، واظب على جر شكل عدد من الأساتذة الجامعيين على طريقة «خالتي فرنسا»، لا هم له ليل نهار سوى البحث عن شخصية بارزة أو ناجحة في مجال التعليم أو خارجه ليشوهها بما فيها وليس فيها.
كانت لدي العديد من علامات الاستفهام بشأن السبب الرئيسي الذي يدفع رجل وصل لهذا السن وهذه الدرجة العلمية، أهمها.. لماذا يقضي وقته في مهاجمة البشر مثل الثعلب الذي يخرج ليلا باحثا عن فريسة سهلة يسد جوعه من غنائم الناس، ثم يعود إلى «وجره» بكل أريحية دون تأنيب للضمير.
علامات الاستفهام هذه تلاشت كلها بمجرد أن حصلنا على المستندات التي نستعرضها بالتفصيل خلال السطور المقبلة.
وقبل أن نعرض ما جاء بالمستندات التي حصلنا عليها، وجب التنويه، بأن تناولنا لأمر الدكتور عبد الله سرور في حلقات متتابعة، لا دخل فيه لخلاف أو خصومة شخصية فالرجل لم يجمعني به سابق معرفة ولم ألتقه يوماً، وإنما هو فقط رد الحقوق لأصحابها التي هي مهمة مهنتنا الجليلة في الأساس، وكشف للحقيقة التي يتعمد الدكتور سرور دفنها مستخدماً منهج «خالتي فرنسا».
صحيفة سوابق الدكتور عبد الله سرور، تقول إن مخالفاته لا تقف عند حد التطاول على بعض الأساتذة والزملاء، بل أن الأمر يمتد إلى صدور ضده أحكام قضائية نهائية، في تهم توصف بأنها مخلة بالشرف.
قبل 15 عاماً من الآن، وبالتحديد في الاختبارات الشفهية بقسم اللغة العربية لكلية التربية في العام الجامعي 2004/2005، تخلف الدكتور عبد الله سرور عن حضور الاختبارات، ولم يقم بتسليم كشوف امتحانات الدرجات الشفهية للدكتور كمال مرسي، أمين مجلس قسم اللغة العربية آنذاك.
التقرير الرسمي الصادر من مجلس الجامعة بشأن تلك الواقعة، يقول إن الدكتور سرور لم يكتف بالتغيب عن التزام مهم كالاختبارات الشفهية، بل قام أيضاً بتزوير توقيعات الأستاذ الدكتور أحمد محمد حسن صالح والأستاذة الدكتورة ليلى عز العرب على استمارات صرف مكافأة تصحيح امتحانات عام 2005، قبل أن يتخلف عن حضور جلسات مجلس قسم اللغة العربية خلال العام 2005/2006 رغم علمه وتوقيعه بالعلم، وعدم تقديم عذر عن ذلك.
وأمام كل هذه المخالفات لم يكن هناك بد من إحالته للتحقيق بمعرفة الأستاذ دكتور حسين عثمان، الذي تنحى عن استكمال التحقيقات نظراً لتقديم «سرور» طلب برده، واستكمل التحقيق الدكتور محمد حسين منصور.
الخوض في الأعراض منهج لم يحد عنه الدكتور عبد الله سرور منذ أكثر من 20 عاماً، ولم يفرق في ذلك بين صغير وكبير رجل أو سيدة، فكما قذف أساتذة كبار، تطاول على معيدين صغار واتهمهم بشكل غير مقبول في شرفهم وسمعتهم، وأمام القضاء فشل «سرور» في إثبات براءته، فصدرت ضده أحكام قضائية نهائية بالغرامة.
كانت البداية عام 2000، عندما سب «سرور» الدكتور زين كامل عبد الحميد الخويسكي، رئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية آنذاك، في مقال بمجلة الأهرام العربي اتهمه فيه بالخلل النفسي، وسرقة الأبحاث، وتلفيق قضايا التحرش الجنسي، وصدر في هذه الواقعة حكم بتغريم «سرور» مبلغ 10000 جنيه في الجنحة رقم 2122 لسنة 2000 جنح الرمل.
هل يقف «سرور» عند هذا الحد؟!، بعد هذه الواقعة بخمس سنوات، كرر الأمر مع معيد بقسم اللغة العربية، وهو ما وثقته أوراق الجنحة رقم 18230 لسنة 2004، والصادر فيها حكم بغرامة نهائي بقيمة 2500 ضد الدكتور عبد الله السرور لصالح السيد سالم عبد الرازق، الذي كان معيداً آنذاك بقسم اللغة العربية بكلية التربية، واتهمه سرور زوراً بضبطه مع فتاة في وضع مخل بالآداب العامة والأعراف الجامعية.
الحكم الصادر ضد سرور ومعه السيد عبد الله أحمد عبد الفتاح، وولاء سلامة عبد الحميد، تم تأييده استئنافياً على المتهمين سالفي الذكر في الجنحة المستأنفة رقم 6151 لسنة 2005، جنح مستأنف باب شرقي.
قد يبدو لكثيرين أن غرامة 2500 جنيه، ليس شيئاً يذكر ولا تمثل شيئاً بالنسبة لرجل يتقاضى عشرات الآلاف، ولكن في حقيقة الأمر، أن حكماً كذلك يمثل نقطة سوداء في مسيرة الأستاذ الجامعي العلمية والمهنية والأخلاقية، وخاصة أن نفس الأمر تكرر مع السيدة إيناس عبد الحميد، فاتهم بالبلاغ الكاذب في الجنحة رقم 12225 من السيدة التي استطاعت أن تحصل على حكم ضده في هذه الجنحة.
قد يستعجب البعض أن تصدر كل هذه السلوكيات من مدرس جامعي، يعلو وجهه علامات الوقار، ولكن يزول العجب بالاطلاع على قرار مجلس التأديب بجامعة الإسكندرية في الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 1999.
اتهم الدكتور عبد الله سرور في هذه الدعوى بالغش في الأبحاث المقدمة منه للترقية إلى درجة أستاذ، وثبت من خلال التحقيق أن خمسة من هذه الأبحاث منقولة بنصها من مصادر أخرى على النحو الذي حددته اللجنة العلمية الدائمة في التقارير الواردة منها ، وبجلسة 12/2/1999، أصدر مجلس التأديب قراره بمجازاة الأستاذ المساعد، بكلية التربية بعقوبة العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة، وبعد طعن سرور على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، خففت المحكمة المجازاة من عزل وظيفي إلى لومه وتأخيره في الحصول على الوظيفة الأعلى لمدة سنتين، وهو ما يقر ارتكاب الدكتور سرور للجرم، ولا ينفيه عنه.
وفي مطلع عام 2019 وجه من قبل جامعة الإسكندرية للدكتور سرور اللوم بسبب قيامه بنشر تعليق على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تضمن عبارات من شأنها الإساءة للقيادات الجامعية ومديري الإدارات بجامعة الإسكندرية، والحط من شأنهم واعتبارهم أمام مرتادي موقع التواصل الاجتماعي مخرجات عطبة لنظام اختيار قيادات جامعية بائس، وكذا الإسقاط عليهم بأنهم يقودون الجامعات الحكومية إلى الهاوية.
من سنة 1999 حتى 2020 مسيرة طويلة كان من الممكن أن يقضيها الدكتور سرور في محراب العلم يعلم ويتعلم، يستزيد من العلم ويزيد غيره، ولكنه آثر أن يقضي كل تلك السنوات داخل قاعات المحاكم والتحقيق والتأديب، شاكياً ومشكو في حقه، صادراً ضده أحكام ابتدائية ونهائية، وطاعناً على بعضها يفوز مرة ويخسر مرات، وفي الحقيقة أنه خسر بعيداً عن القضايا الكثير من الأمور التي كانت من الممكن أن تضعه في مكانة مختلفة تماماً عن تلك التي يقبع فيها الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة