ليست المرة الأولى وربما لا تكون الأخيرة التى تتبارى فيها وسائل الإعلام الغربى فى نشر أخبار وتقارير تعلن فيها وفاة زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، ثم يتضح أنها أخبار عارية تماما من الصحة، بما يشير إلى أن الكثير مما يعرفه العالم حول ما يدور فى بيونج يانج نقلا عن الإعلام الغربى، أغلبه ليس صحيحا وربما كان مفبركا. وبصرف النظر عن أى موقف أيديولوجى أو سياسى حقوقى أو دعائى تجاه حاكم كوريا الشمالية، نحن أمام اعتياد فى فبركة ونشر أخبار يتضح عدم صحتها، خاصة أن بعضها يبدو فكاهيا ومضحكا.
وبعد أيام من نشر أخبار وتقارير نقلا عن مصادر كورية جنوبية أو غربية، أعلنوا فيها أن كيم جونج أون توفى وأنه مختفٍ من أسابيع، وأن شقيقته تولت السلطة، ظهر الرئيس الكورى لينسف العديد من التقارير التى حملت تكهنات حول إصابته بأزمة صحية تستدعى إبعاده عن منصبه وإيكال المسؤولية لأخته الصغرى حسبما نشرت هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى، ظهر كيم جون أون وأعلن عن خطة كوريا الشمالية لمكافحة فيروس كورونا ومواجهة الضغوط الاقتصادية التى تعانيها الدولة بسبب إغلاق الحدود، وحسب الأنباء الرسمية، لم تسجل كوريا الشمالية أى حالات إصابة مؤكدة بفيروس كورونا لكن تم فرض إغلاق للحدود.
وتتكرر شائعات رحيل أو تدهور صحة جونج أون كل ثلاثة أشهر على الأكثر، ففى مايو الماضى ظهرت أخبار فى مواقع وصحف كبرى ووكالات أنباء وفضائيات كبيرة أكدت وفاة رئيس كوريا الشمالية كيم جونج أون، وتبارت رويترز وسى إن إن وواشنطن بوست ونيويورك فى تقديم تقارير من مراسليها فى آسيا وعلى أحراش كوريا أنهم متأكدون من مصادر متعامدة أن هناك من رآه يرحل وأخته تتولى مكانه وهى عنيفة وشديدة، ومرت أيام وظهر أن جونج أون، وأن الصحف ووكالات الأنباء فبركت الأنباء وأن المراسلين «شهود ما شافوش حاجة» وظهر كيم لينشف الشائعات.
نفس السيناريو والحكاية يتكرر بحذافيره منسوبا لمصدر كورى جنوبى اسمه تشانج سونج قال إن كيم اختفى وترددت أنباء عن دخوله فى غيبوبة، وأن معظم صلاحياته تم تمريرها إلى شقيقته الأصغر سنا منه بثلاثة أعوام، وأنه استنادا لوكالة الاستخبارات فإن كيم ظهر على الملأ 13 مرة، من يوليو، نحن أمام نوع من التكرار يكاد يفتقد إلى أى تجديد.
فى المرة السابقة ظهر الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون، بعد 20 يوما من مزاعم الاختفاء، وهذه المرة ظهر بعد يومين، لينسف مئات الأخبار فى كبريات الصحف والفضائيات الأمريكية والعالمية التى قدمت تحليلات حول الزعيمة الشقيقة وصفاتها العنيفة وقدراتها على القتل والقمع، لكن كل هذه التقارير اتضح أنها مجرد «هبد تكرارى» بلا أصل ولا فصل، حسبما وصفتها فى مايو الماضى.
ونحن أمام نموذج صارخ للفبركة الصحفية والإعلامية، لأن كم ومضامين الأخبار والتقارير والتحاليل فى صحف ووكالات أنباء وقنوات أمريكية معتبرة اتضح كذبها يشكك فيما يبثه الإعلام الأمريكى والغربى، الذى يحظى بتقديس لدى قطاعات معتبرة من نخب سياسية وإعلامية.
فقد تكررت القصة ومعها وبجانبها تقارير كثيرة عن طريقة حكم كيم، أو تعامله مع معاونيه، يبدو أنها كلها مجرد اختراعات مفبركة، يصعب أن تقوم عليها تحليلات، لكن يحدث أن يستند مسؤولون أمريكيون على مثل هذه التقارير، ليبنوا تحركات وقرارات، تقوم على أخبار تفتقد للمصداقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة