تساؤلات كثيرة تدور في الشارع مغلفة بشائعات مغرضة حول قدرة مصر على سداد الدين الخارجي، الذي يتزايد شهرًا تلو الشهر، هذه التساؤلات ردت عليها الحكومة في مناسبات عدة، ولا سيما بعدما طلب مؤخرا الرئيس عبد الفتاح السيسى من وزير المالية الدكتور محمد معيط الرد عليها والتأكيد على قدرة مصر على السداد نظرًا لقوة الاقتصاد الذي يتبوأ حاليًا المرتبة الأولى عالميا من بين 17 دولة فقط في العالم تحقق نموًا إيجابيًا في ظل جائحة فيروس كورونا .
فمصر التي تقترض لا تزال في المنطقة الآمنة ويمكن السيطرة على الدين، بل إن الدول العظمى هي الأكثر اقتراضًا؛ بما يعنى قدرتها على السداد ولو أنه لدى الجهات الدولية سواء صندوق النقد الدولى أو البنك الدولى أو البنوك الأوروبية والأفريقية أدنى شك أن مصر لن تقدر على السداد لن تقرضها، فبما أنك قوى وقادر يمكن إقراضك هكذا تتم الصفقات في العالم .
ولعل الشهادات الدولية للاقتصاد المصرى كفيلة بالرد على تلك الشائعات علاوة على شهادة مهمة للغاية من الدكتور ميرزا حسن، عميد مجلس المديرين التنفيذيين بالبنك الدولى، الذى التقيته في مكتبه بالعاصمة الأمريكية واشنطن العام الماضى تحديدًا فى 4 أبريل 2019، برفقة زملائى الوفد المرافق لبعثة طرق الأبواب التى تنظمها سنويًا غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة، والتي أكد فيها قدرة مصر على السداد .
هناك شهادة أخرى من البنك الدولى نفسه تؤكد قدرة مصر على السداد بدليل رفعها من بين الدول الفقيرة التي تحتاج لتأخير سداد الديون فمصر تسدد ما عليها من التزامات دون تأخير .
وبالعودة الى الدكتور ميرزا حسن فإنه أكد خلال لقائنا معه أنه فيما يتعلق بارتفاع الدين فى مصر، فإن الدين يرتفع فى كل دول العالم، لكن الشيء المهم أن مصر تملك فريقا اقتصاديا يعمل بشكل جيد فيما يتعلق باستخدام التمويلات فى محلها بحيث تكون مصدرًا للمكاسب وللاستثمار واستخدامها فى تعزيز البنية التحتية وتحسين مناخ الاستثمار.
البنك الدولى
وقال إن مصر نجحت فى جذب نحو 2 مليار دولار فى مجال الطاقة، كما أن الدين فى حد ذاته ليس مشكلة بدليل أن أمريكا أكبر مقترض فى العالم لكن ما دام الاقتصاد ينمو وجذاب فلن تكون هناك مشكلا، لافتًا إلى أنه فى مصر هناك تحسن ملموس فى مناخ الاستثمار وتعديل القوانين والاصلاحات بجانب تحسن السياحة وبالتالى فإن الاقتصاد صحى ويسير بشكل سليم"، بالطبع كانت تلك النصريحات قبل جائحة كورونا.
وأوضح عميد مجلس المديرين التنفيذيين والمدير التنفيذى بالبنك الدولى، أن الاقتصاد المصرى بدأ بالفعل فى جنى الأرباح حيث تسير الإصلاحات الاقتصادية فى الاتجاه الصحيح، مشيرًا إلى أن البنك الدولى حريص على تقديم الدعم الفنى لمصر عن طريق إجراء دراسات تستهدف قطاعات واعدة لتعظيم الاستفادة منها لخدمة الاقتصاد الوطنى، وزيادة معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى.
وحول الإصلاحات الهيكلية التى تنفذها مصر، أشار ميرزا حسن إلى أن مصر حققت قفزات كبيرة فى مجال صياغة التشريعات التى ساهمت فى تحسين بيئة الاستثمار، الأمر الذى سيكون له مردود كبير، خاصة فى مجال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتقليل المدة اللازمة للدخول للسوق المصرية.
الدكتور ميرزا حسن مع الزميل عبد الحليم سالم فى واشنطن
وأضاف أن الحكومة المصرية اتخذت خطوات فعالة للتخفيف من التأثيرات السلبية الناجمة عن إجراءات الإصلاح الاقتصادى وحماية الفئات محدودة الدخل فى إطار برامج الحماية الاجتماعية وتوفير أشكال مختلفة من الدعم فى العديد من القطاعات الحيوية كالتعليم وخلق فرص عمل أكثر استدامة وتدريب مهنى وبناء المهارات التى يطلبها سوق العمل، مشيدًا بالاهتمام الكبير الذى توليه الحكومة لتنمية المناطق الأكثر احتياجًا، خاصة فى الصعيد .
وأشار إلى أن تفهم الشعب المصرى لمتطلبات عملية الإصلاح الاقتصادى يعد حجر الزاوية فى نجاح الإصلاحات الاقتصادية والتنمية، قائلا: "أرفع القبعة للشعب المصرى على وقوفه بجانب حكومته، فى ظل صعوبة الإجراءات، لافتا إلى أن مصر لديها كل مقومات البنية الأساسية التى تسمح بتحولها إلى مركز إقليمى لتداول وتجارة الطاقة، حيث تتوافر لديها خطوط النقل ومناطق التخزين، فضلاً عن الموانئ وأيضًا محطات تسييل الغاز علاوة على موقعها الجغرافى المتميز.
وأشاد حسن بالتعاون الإيجابى بين البنك الدولى ووزارة الكهرباء والطاقة المتجددة فى تنفيذ مشروعات الطاقة، منوهًا بأن مصر تنفذ حاليًا خطة طموحة لتعظيم الاستفادة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وثمن خطط الحكومة لتعزيز التعاون مع القطاع الخاص والأذرع المالية للبنك الدولى مثل مؤسسة التمويل الدولية والتى دعمت بالفعل إنشاء محطة بنبان فى محافظة أسوان.
وقال الدكتور ميرزا حسن المدير التنفيذى بالبنك الدولى، إن الإصلاح الاقتصادى فى مصر الذى قاده الرئيس عبد الفتاح السيسى يعالج مشاكل 40 سنة ولابد من تحمله حتى يتم جنى ثماره، معتبرًا أن مصر أصبحت نموذجًا يحتذى.
وأضاف "حسن"، أن التحديات التى تزامنت مع الإصلاح كانت بمثابة السم الذى كان لابد من شربه، لافتًا إلى احتياج مصر لتوفير 90 مليون وظيفة بحلول عام 2050، من بين 300 مليون وظيفة لابد للدول العربية أن توفرها.
وبالتالي فإن شهادة هذا الاقتصادى العالمى، بمثابة تأكيد على أن مصر تسير في طريقها نحو تحقيق آمال الشعب بعيدًا عن الشائعات المغرضة لأهل الشر .
كريستالينا جورجييفا مدير عام صندوق النقد
من جانبه يرى صندوق النقد بحسب مؤشر القدرة على تحمل الدين الذي أعده الصندوق عن مصر فإن الدين تم تقييمه عند مستوى "مستدام"، لكنه عرضة لبعض المخاطر، المتعلقة بالدين هي الأثر المطول والحاد لجائحة كورونا، وارتفاع معدل الفائدة العالمية في ظل إجراءات التشديد النقدي العالمي.
ويعول الصندوق في تقييمه لاستدامة الدين على التحسينات في الوضع المالي والخارجي للدولة، والوصول المستمر إلى الأسواق والقدرة الكافية على السداد، فضلاً عن المشاركة المستمرة في تمديد آجال التزامات الودائع الرسمية المستحقة لدى البنك المركزي لفترات استحقاق أطول.
وحققت مصر تقدما ملحوظا قبل أزمة فيروس كورونا في تخفيض الدين العام من حوالي 104% من إجمالي الناتج المحلي في 2016/2017 إلى 85% من إجمالي الناتج المحلي في 2018/2019، وفقًا للصندوق.
وأضاف الصندوق في تقرير سابق له أن الأزمة فرضت ضغطا كبيرا على المالية العامة، ومن المتوقع أن يرتفع الدين إلى نحو 93% من إجمالي الناتج المحلي مع نهاية السنة المالية 2020/2021.
ويتوقع الصندوق أن يعود الدين العام للانخفاض إلى 77% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2024 -2025.
وتوقع الصندوق أن يبلغ دين مصر الخارجي 126.7 مليار دولار خلال العام المالي الجاري.