عامل بمرفأ بيروت: لو وقع الانفجار ظهرا لقتل 10 آلاف شخص

الأربعاء، 05 أغسطس 2020 08:32 م
عامل بمرفأ بيروت: لو وقع الانفجار ظهرا لقتل 10 آلاف شخص بيروت
كتب محمد جمال

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قوة الانفجار الكبير الذى وقع مساء الثلاثاء فى العاصمة اللبنانية بيروت، أدت الى تحطيم نوافذ الشاحنة القديمة التى يستخدمها فراس علاو (36 عاماً) لتقديم المشروبات الساخنة للعمال فى أحد أهم المراكز التجارية فى البحر المتوسط، وقد دمر الانفجار، الذى ربطه رئيس الوزراء حسان دياب مساء الثلاثاء بـ «مستودع خطير» يخزن نترات الأمونيوم شديدة الانفجار لمدة ست سنوات على الأقل، الميناء والمنطقة الحرة الاقتصادية فى بيروت، ودمر أجزاء من المدينة لمسافة عدة أميال.

وقدّر محافظ بيروت مروان عبود، بحسب صحيفة " قبس" الأضرار المالية التى لحقت بالمدينة بـ 3 و 5 مليارات دولار، وهو ما وجه ضربة أخرى لدولة تعانى بالفعل أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود، وقال علاو، الذى يعمل فى الميناء منذ ما يقرب من عقدين من الزمن ويدير مقهى متحرك (فان): فى غمضة عين، تغير العالم كله، كان فى الميناء أثناء الانفجار، ويقول إنه محظوظ لأنه ما يزال على قيد الحياة، وقال إنه لو وقع الانفجار خلال فترة ما بعد الظهر بدلاً من حوالى الساعة الثامنة مساءً لكان هناك 10 آلاف قتيل.

وقد تعرضت صومعة الحبوب الوطنية، التى تهيمن عادة على أفق بيروت، إلى التدمير مما سيؤدى إلى نقص فى إمدادات الخبز فى لبنان، وما يزال الدخان الأسود يتصاعد من مكان الانفجار بعد اثنتى عشرة ساعة من الانفجار، كما تدمرت حظائر البضائع المليئة بالبضائع وتوالى انتشار شاحنات محملة بالجنود كانوا يحدقون فى طائرات هليكوبتر تحلّق على ارتفاع منخفض.

تأثير الصدمة كثير من الناس فى بيروت أصبحوا دون مأوى بفعل الانفجار الذى سُمع فى جميع أنحاء البلاد، ارتفع عمود من الدخان الوردى على الفور فى الهواء، وبدأت صافرات الإنذار تعلو فى أرجاء المدينة، ومع ظهور أنباء عن الوفيات، تعالت صرخات الحداد الأولى فى الشوارع.

فى اليوم التالى للانفجار، ما تزال المدينة تحت تأثير الصدمة، حيث استيقظ الآلاف ليجدوا أنفسهم على أسرّة المستشفيات أو على أرائك الأصدقاء، وبدأ أصحاب الأعمال يجرفون الأنقاض من متاجرهم، وأخذ أصحاب المنازل، بإزاحة الزجاج والأنقاض. وما يزال كثيرون فى عداد المفقودين، وتعكف صفحة على موقع إنستغرام على جمع المناشدات عن المفقودين، إحدى المناشدات تحدثت عن رجل من مواليد عام 1958: «لقد كان فى الميناء، إذا كنت تعرف أى شيء عنه فيرجى الاتصال»، وفى فناء مستشفى تحطمت نوافذه، تجمهر حشد من الناس، ملثمين لحماية أنفسهم من انتشار فيروس كورونا ودخان المواد الكيميائية السامة نتيجة الانفجار، انتظارا للحصول على أخبار عن أحبائهم.

ويقول محللون إن اللوم سوف ينصب على الطبقة السياسية التى حكمت لبنان منذ نهاية حربه الأهلية، والتى واجهت احتجاجات جماعية ضد الفساد فى أكتوبر من العام الماضي. شربل نحاس، السياسى المعارض، يقول: لدينا ببساطة خلل وظيفى كامل، ويمكن أن ترتكب جريمة بسبب عدم الكفاءة، نحاول تحويل اليأس إلى غضب، لإنهاء هذه المهزلة الإجرامية. 

كانت الحياة صعبة بالفعل فى بيروت قبل الانفجار، لقد انهار الاقتصاد اللبناني، متأثراً بسنوات من الفساد وسوء الإدارة، وأدت أزمة العملة إلى خسارة الليرة اللبنانية 80 فى المائة من قيمتها فى السوق السوداء، مما أدى إلى ارتفاع كبير فى نسبة التضخم أدى إلى تآكل مستويات المعيشة. وتقدر الحكومة، التى تحاول تأمين موافقة صندوق النقد الدولى على خطة للإنقاذ، أنه بحلول نهاية العام، سينزل 60 فى المائة من السكان إلى ما دون خط الفقر.

 

لقد أصابت مشاكل لبنان الاقتصادية، ميناء بيروت بالفعل، فهو شريان تجارى حيوى للدولة المعتمدة على الاستيراد، ووفقاً لبيانات الجمارك اللبنانية، انخفضت الواردات بنسبة 50 فى المائة فى عام 2020 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وقال سامى نادر، مدير معهد بلاد الشام للشؤون الاستراتيجية، إن الطريق التجاري، الذى يعد محطة مهمة على البحر المتوسط ، له أهمية رمزية تتجاوز قيمته التجارية. يقول نادر: «لقد بُنيت مدينة بيروت بأكملها اقتصاديًا وحضريًا حول هذا الميناء، وإذا أضفت هذه الكارثة إلى وباء كورونا والأزمات المالية، فلا أعتقد أننا بحاجة إلى أكثر من عشر سنوات للخروج من مأزقه».

 

فى الصباح الباكر فى حى الكرنتينا، الذى يتداخل مع منطقة الميناء المترامية الأطراف، ويعيش فيه عدد كبير من العمال ذوى الأجور المتدنية، راقب العامل السورى شادى حمود قطان (20 عاما) عددا من عناصر الدفاع المدنى اللبنانى وهم يغادرون منزلا مدمرا، وقال إن أربعة من جيرانه قد ماتوا

يقول عامل الميناء السورى الذى تلطخ وجهه بالدماء الجافة، ولفت يده المكسورة بالجبس، «إن ما حدث يشبه الحرب فى سوريا. لكن هذه أسوأ». ولم يكن السوريون هم فقط من قارنوا الانفجار بالعنف السياسي، فالانفجار، فى نظر الكثير من البيروتيين، أعاد ذكريات الحياة خلال الحرب الأهلية، ثم سنوات من الاغتيالات السياسية بواسطة السيارات المفخخة التى هزت المدينة بعد ذلك. فقد قالت امرأة تسكن فى منطقة الأشرفية بعد دقائق من الانفجار الذى حطم زجاج بنايتها: «اللعنة عليهم.. ألن يتركونا وشأننا؟ لقد فاض بنا».

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة