يخرج فى كل صباح وقبل شروق الشمس، متسللًا فى هدوء قاصدًا باب رزقه اليومى بصيد الأسماك وبيعها بجانب عمله فى الزراعة وتربية الماشية، يستقل فلوكته الصغيرة ويجهز لأدوات الصيد ويمضى فى رحلة غيبية لا يعلمها إلا الله، ويعاود ما يفعله فى كل الأيام برضى وأمل فيما يعطيه الله لعباده، مرة يرزق بصيد وفير ومرة أخرى تعود شباكه خاليه الوفاض لينتظر رزقًا جديدًا.
جبريل محمود عباس، ابن قرية كوم الضبع جنوب محافظة قنا، صاحب الـ 33 عامًا، تعلم الصيد فى صغره لتصبح مهنته فى كبره ويعتمد عليها كمصدر من مصادر دخله تساعده على قوت يومه، وبجلد ينتظر جبريل شباكه التى أعد لها مسبقًا، ليغزل بصبره ما ستخبأه الشباك من صيد فى نهاية اليوم ليعود لبيعه فى سوق القرية والمدينة.
"ذات يوم تعثرت جثة فى شباك الصيد فأخرجتها".. هكذا حكى جبريل محمود بدايته مع التطوع فى انتشال جثث الغرقى ومساعدة قوات الإنقاذ النهرى والأهالى فى البحث عن المفقودين من الغرقى وانتشال جثثهم، حيث كان يصطاد فى رحلة يومية وتعثرت شباكه بجثة غريق وأقدم على إخراجها، ومن هنا بدأت حكاية مغامرته على انتشال جثث الغرق حال معرفته بحادثة غرق فى أى مكان بمحافظة قنا وليس بلدته فقط.
وقال جبريل، إن تطوعه فى انتشال جثث الغرقى والإنقاذ بدأ منذ أكثر من 12 عامًا حين شارك فى عملية انتشال جثة غريق، ولم يقتصر التطوع على قريته أو مدينة بل يذهب إلى أى مكان تتوارد إليه أخبار الغرق بمحافظة قنا أو يتم الاتصال عليه لمساعدة قوات الإنقاذ النهرى أو الأهالى فى انتشال جثث الغرق للعالقين والحالات التى ستستمر فى تواجدها داخل أعماق النهر أو الأماكن الغير معروفة.
ولفت جبريل محمود، إلى أن فور وصوله إلى مكان الغرق يشرع فى النزول مع الغواصين أو بمفرده بحثًا عن المفقود ويصل فى بعض الأحيان إلى الغريق قبل قوات الإنقاذ، لافتًا أنه شارك فى حالة غرق لسيارة كبوت كانت عائدة من حفل زفاف بمدينة نقادة إلى مدينة قوص عبر عبارة نهرية، استمر البحث فيها عن مفقودين لـ 31 يومًا، وأخرج يومها أخر جثة غريق لطفل فى نهاية المدة بعد طفوها على سطح الماء.
وأوضح الصياد، أنه استطاع خلال السنوات الماضية انتشال ما يزيد عن أكثر من 20 جثة غريق بمختلف بلدان محافظة قنا سواء من نهر النيل أو الترع، كما ساعد فى إنقاذ العشرات من الشباب والأطفال قبل غرقهم أثناء رحلة صيده، وكانت أخر عمليه انتشال جثث غرق لشقيقين من قرية الشيخ على بجوار كوبرى قرية كوم الضبع، حيث غرق أحدهم وأقدم شقيقه الثانى على إخراجه مما عرضه للغرق أيضًا ويومها استطاع جبريل أن ينتشل جثتى الطفلين الشقيقين قبل قدوم قوات الإنقاذ النهري.
"قلبى قوى ومش بخاف من الجثث" وتابع جبريل أنه يمتلك قلبًا قويًا لا يخاف من منظر الجثث أو إخراجها كما أنه يدخل إلى المشرحة مع الجثث دون مهابة المشهد، وعن أصعب حالات الغرق التى استطاع إخراجها جثة طفل بقرية دنفيق كانت عالقة فى مكان أسفل جزع شجرة بجوار الشاطئ وعلى عمق جانبى كبير وهو ما وجد صعوبة بالغة فى إخراجه ولكنه نجع فى النهاية.
واختتم جبريل محمود حديثه، متمنيًا أن يساعده الله فى تكملة مشوار تطوعه وخدمة الأهالى فى إيجاد ذويهم وأن يبارك فى أولاده الـ 3 الصغار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة