وبموجب القواعد التنظيمية للحزب الحاكم في اليابان، ثمة طريقتين للتصويت لاختيار رئيس الحزب، الأولى في حالات الطوارئ، تكون بالتصويت الذي يشارك فيه نواب الحزب الديموقراطي الليبرالي وثلاثة ممثلين عن الحزب من كل منطقة من مناطق اليابان، والبالغ عددها 47، أي نحو 535 ناخباً في المجمل.


أما الطريقة الثانية وعادة ما تحدث في الأوقات العادية، وتشمل انتخابات الزعيم الجديد للحزب الديمقراطي الليبرالي جميع المنتسبين للحزب في أنحاء البلاد، وبسبب كورونا فمن المتوقع أن يتم اللجوء للطريقة الأولى بأن يكون التصويت محدودا ويُشارك فيه المشرعون الحاليون للحزب الديمقراطي الليبرالي وحدهم .
ونظراً لسيطرة الأغلبية التشريعية القوية للحزب الديموقراطي الليبرالي، فإن من يفوز في السباق الانتخابي، سيفوز في التصويت البرلماني المقرر في 16 سبتمبر الجاري، و بموجبه سيتم تعيينه رئيسًا للوزراء، وبالتالي سيكون على رئيس الحزب الجديد وهو رئيس الوزراء، استكمال ما تبقى من فترة آبي ثم السعي لإعادة انتخابه حتى ثلاث مرات، وفق الدستور الياباني.


ومن أبرز المرشحين لخلافة شينزو آبي، وزير الخارجية السابق "فوميو كيشيدا"، والأمين العام السابق للحزب الليبرالي الديمقراطي "شيجيرو إيشيبا"، ووزير الدفاع "تارو كونو"، ورئيس أمناء مجلس الوزراء "يوشيهيدا سوجا"، ووزير الخارجية "توشيميتسو موتيجي"، ويقوم المسؤولون التنفيذيون في الحزب الحاكم حاليًا بوضع اللمسات الأخيرة على خطط اختيار الزعيم الجديد.


و خلال السنوات الثماني الماضية، حققت إصلاحات منظومة الأمن القومي والدبلوماسية النشطة اليابانية التي انتهجها آبي خلال فترة رئاسته مردودًا طيبًا جعل اليابان في وضع أكثر أمانًا، إذ منحت أمانة الأمن القومي اليابانية التي أُنشئت في عام 2013 على غرار مجلس الأمن القومي الأمريكي، رئيس الوزراء آبي قدرة أكبر على التخطيط الاستراتيجي والتنسيق والتنفيذ وتحقيق مركزية في جمع المعلومات وتسريع اتخاذ القرار خاصة للتعامل مع حالات الطوارئ غير المتوقعة.


وثمة مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية المتوقع أن تواجه خليفة آبي وهي: أولًا على مستوى التحديات الداخلية: سيكون على رئيس وزراء اليابان الجديد التعامل بمنهج واستراتيجية مختلفة عن تلك التي انتهجها آبي مع تحدي جائحة كورونا، التي لم تلق قبولًا لدى الشعب الياباني، وتركت آثارًا اقتصادية سلبية.
كما يتعين على خليفة آبي مواجهة التحديات الهيكلية الأخرى التي تفرضها الأزمة الديموجرافية المتزايدة في اليابان، ومعدل الشيخوخة السكانية المتزايد، وتضييق شبكة الرعاية الاجتماعية، وتقلص القدرة التنافسية التكنولوجية.


أما على مستوى التحديات الخارجية، فهي معقدة ومتشابكة وترتبط بالعلاقات مع القوى العالمية والإقليمية وحسابات التوازن الاستراتيجي والأمني ضمن هيكل النظام العالمي الجديد، ولا شك أن البيئة الجيوسياسية التي تحيط بخليفة آبي، تتميز بالتعقيد والتشابك، إذ لابد من انتهاج سياسة خارجية تتسم بالتوازن الاستراتيجي، تضمن الحفاظ على العلاقات مع أكبر شريك تجاري لليابان وهو الصين، وفي ذات الوقت ضمان أقوى حليف أمني وهو الولايات المتحدة.


وإذا كانت السياسة الخارجية لآبي، تميزت بتعزيز الشراكة مع جميع دول العالم، وتعميق العلاقات الثنائية، حتى وصلت لحد تشكيل السياسة الآسيوية للفترة المقبلة بفضل العلاقات الثنائية الوثيقة بين طوكيو ونيودلهي، فإن خليفة شينزو آبي أمامه تحديات جمة لصياغة سياسة خارجية تحافظ على قوة الدولة اليابانية كفاعل استراتيجي مهم في المنطقة، من خلال الشراكة الاقتصادية الشاملة مع أوروبا، في ظل المتغيرات التي لحقت بالاتحاد الأوروبي.