بعد 19 عاماً من هجمات الحادي عشر من سبتمبر في ولاية نيويورك، يواجه تنظيم القاعدة الإرهابي المخطط للهجمات حالة من الفوضى والاضطراب، بحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، عن وضع تنظيم القاعدة في الوقت الحالي.
وبمقدمة الخسائر التي تكبدها تنظيم القاعدة خسارة نفوذه في سوريا لتنظيم لصالح تنظيم داعش الذي سطع نجمه في السنوات الخمس الأخيرة، خاصة بعدما قتل أسامة بن لادن زعيم القاعدة في ضربة جوية بطائرات الدرون المسيرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ومقتل قائد شمال إفريقيا في هجمة عسكرية فرنسية على مالي بدون تعيينهم خليفة له.
في الوقت نفسه، أختفى قائد تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، على نحو غير معهود، مما يطرح تكهنات حول تأمر التنظيم ضده والقيام بقتله أو حتى عزله. على الرغم من ذلك كله، تستمر أفرع تنظيم القاعدة في مالي والصومال بتشكيل قوات قوية للتنظيم.
على الجانب الإيديولوجي، يواجه تنظيم القاعدة معضلة بخصوص تحركاته حيث أصبح عليهم تقديم أنفسهم في صورة زائفة للاعتدال لجذب المزيد من الأتباع، ومن ثم النجاة أو التمسك بمبادئهم الجهادية الصارمة المبنية على تكفير الأخر، وبذلك يتعرضوا لمخاطرة تنفير المسلمين من التنظيم.
بحسب تحليل بي بي سي، يعتبر كلا الطريقين محفوف بالمخاطر، حيث إظهار الصورة المعتدلة الهادفة لمداعبة مشاعر أتباعهم المحتملين قد تتسبب في تدمير الثقة في مبادئ التنظيم المبنية على التشدد الأمر الذي قد ينتج عنه انقسامات في صفوفهم، بينما قد يتسبب الطرح الثاني في تحجيم العمليات الإرهابية لدرجة تتسبب في تدمير التنظيم.
وظهرت بعض التراجعات الحديثة في تحركات التنظيم الإرهابي، حيث فشل فرع تنظيم القاعدة في سوريا، المعروف باسم حراس الدين، في تنفيذ أي هجمات. ينتج عن ذلك عن خلق عداوات بين التنظيمات الجهادية الإرهابية، بالإضافة للمراقبة القريبة لقيادات التنظيم من قبل التحالف الأمريكي وغيره.
كما فقد تنظيم القاعدة شعبيته على أرض الواقع في سوريا، حيث يراه السوريون كأداة خطرة من شأنها توحيد الحكومة والجهود العالمية ضد نفسها.
وتراجع نشاط حراس الدين التابع لتنظيم القاعدة لأكثر من شهرين حتى الأن بالإضافة لتشديد الإجراءات من قبل جماعات إرهابية أخرى تستهدف مسئولين رفيعي المستوى لهم علاقة بالضربات القوية الأمريكية.
كان فرع تنظيم القاعدة في اليمن، المعروف باسم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، يعد أكثر أفرع القاعدة مهابةً، ولكن بعد تعرضه للهجمات المتلاحقة والقصف عدة مرات خلال هذا العام، أصبح أحد أكثر أفرع التنظيم خمولاً.
وخسر فرع القاعدة في شبه الجزيرة قائدهم نهاية يناير هذا العام في ضربة جوية أمريكية، بينما خسروا معقلهم الحصين في منطقة وسط البيضاء في اليمن على يد المتمردين الحوثيين.
وبحسب بي بي سي فإن تنظيم القاعدة شهد اختراقات من داخل صفوفه، حيث قدم الجواسيس المتغلغلين داخل تنظيم القاعدة معلومات صحيحة تسببت في عمليات استهداف ناجحة لقيادات التنظيم، وإصابة المفاصل الرئيسية الداخلية للتنظيم. حدث جديد أظهر وجود نشاطات للقاعدة في شبه الجزيرة العربية وهو الأمر الذي كان يخشاه العديد لتحولها بذلك للمنفذ الوحيد للهجمات الإرهابية في الغرب.
تبنى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هجمات أسقطت كثيرين في قاعدة بينساكولا التابعة للقوات البحرية الأمريكية في فلوريدا، فبراير الماضي، كما أكدت مصادر أمريكية لاحقاً أنه تم تنفيذها من قبل الإرهابي السعودي محمد الشمراني.
فرع آخر للقاعدة وهو تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والذي فقد قائده الجزائري في الهجمات الفرنسية في مالي أوائل يونيو الماضي.
لم يتم تعيين خليفة للتنظيم بعد ثلاثة أشهر، الأمر الذي وصفته سي إن إن بالغير واضح، مبررين أن خلو القيادة لا يعطي إنطباعاً إيجابياً عن وضع التنظيم.
بصورة عامة، لا تزال الجزائر وشمال أفريقيا هدفاً صعباً للقاعدة للوصل إليه، فعلى الرغم من الميراث الجهادي عن تسعينات القرن الماضي، والتي تمثلت في جماعة إسلامية مسلحة شديدة التطرف، حيث تسببت تلك الجماعة في مقتل العديد من المدنيين الجزائريين.
تم تنظيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في مارس 2017 وهي جماعة مقرها في مالي ولها أفرع في بوركينا فاسو والنيجر.
بعد تنظيم الشباب التابع للقاعدة في الصومال، تعتبر جماعة نصرة الإسلام ثاني أبرز قواعد تنظيم القاعدة نشاطاً. تركز هجمات جماعة نصر الإسلام على الجنود والقوات العسكرية الأجنبية بصفة عامة، والتي يعد أغلبها قوات فرنسية في منطقة الساحل، ولكن يبدو أنها انشغلت عن أهدافها الأصلية بسبب معاركها مع داعش مؤخراً.
في فبراير أبدت الشباب استعداداتها للتفاوض مع حكومة مالي، لكن حدوث انقلاب عسكري في مالي، أغسطس الماضي، ما نتج عنه تغيير الحكومة جعل مصير الشباب مجهولاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة