مصير مجمع التحرير أصبح يشغل بال عدد من الوزارات بعد إخلاء المبنى التاريخى من الهيئات الحكومية التى كانت تقطنه منذ عقود طويلة، وفكرة الاستغلال الامثل لهذا المبنى الضخم لن تتم بمعزل عن خطة التطوير التى يشهدها ميدان التحرير بالكامل وتحويلة إلى مزار سياحى هاما يليق بتاريخه، تردد سؤال حير الجميع كيف سيتم استغلال مبنى مجمع التحرير.
ويعود تاريخ إنشاء المبنى الضخم إلى عهد الملك فاروق حيث العام 1951، وقبل هذا التاربخ كانت ارض المبنى تشهد انتشار لثكنات عسكرية إنجليزية كثيفة، لتفرض سيطرتها على القاهرة شرقا وغربا، حتى جاء وقت "جلاء الإنجليز" عن منطقة قصر النيل في مارس 1947، ليُقرر الملك فاروق استغلال تلك المنطقة، "ميدان التحرير"، في إنشاء كيان حكومي ضخم، ليقلل نفقات استئجار عقارات لشغل المصالح الحكومية، و لتوفير الخدمات للمواطنين في منطقة واحدة، لينشئ "مجمع الحكومة"، والذي غُير اسمه فيما بعد لـ"مجمع التحرير".
وفى اعقاب ثورة 23 يوليو عمد الضباط الأحرار إلى تغيير مُسمى "ميدان الإسماعيلية"، والذي سُمي نسبة إلى "الخديوي إسماعيل"، ليصبح ميدان التحرير، في رمزية لإجلاء ثكنات ومعسكرات الجيش البريطاني عن هذا الميدان، ليتحول حينها مُسمى "المجمع"، من "مجمع الحكومة"، إلى "مجمع التحرير".
وتولى تصميم "المبنى"، المهندس المعماري المصري "محمد بك كمال إسماعيل"، وهو مهندس عُرف بـ"شيخ المعماريين"، ومن أبرز أعماله اختيار الملك فهد آل سعود، لتنفيذ أعمال توسعة المسجد الحرام، والمسجد النبوي، وهي الأعمال التي نفذها "مُصمم مجمع التحرير" بصورة لاقت إشادة وإعجاب الجميع.
محمد بك إسماعيل"، حين شرع في بناء "مجمع التحرير"، لم يركن إلى الشكل الجمالي في التصميم المعماري، لكن أبرز ما شغله هو ضرورة بناء أماكن واسعة، وعدد كبير من الحجرات والمنشآت حتى تتمكن من استضافة المقار الحكومية الرئيسية، و تكلف إنشائه قرابة 2 مليون جنيه وقتها، وتم بنائه على مساحة 28 ألف متر وارتفاعه 55 متراً ويتكون من 14 دورا وبه 1356 حجرة للموظفين، ويتميز بالصالات الواسعة والمناور والنوافذ العديدة والممرات الكثيرة بكل دور.
ويتميز هذا المبنى الشاهد على تاريخ الميدان المصرى الشهير بتصميمه المعمارى المميز، فمجمع التحرير متعدد الأشكال، فإذا نظرت له وأنت تقف قبل جامع عمر مكرم، سيبدو لك، كمقدمة سفينة على قدر كبير من الرشاقة، خطوطها الجانبية تنساب بنعومة. وإذا نظرت له من شارع الشيخ ريحان، أى إلى ظهر المجمع، سترى ما يشبه جزءا من دائرة، قمتها زاحفة نحوك، تتسم بالحيوية. وإذا وقفت في منتصف الميدان، فإن المجمع سيتخذ هيئة القوس، مرنا وقويا.
وترددت مقترحات كثيرة حول المبنى الكبير الذى يشغل أحد المواقع الهامة بالميدان، البعض طالب بانشاء فندق يخدم تلك المنطقة، والبعض الاخر راح لأفكار تجارية لاستغلال المبنى العريق.
ومؤخرا اجتمعت ثلاث وزارات هى التخطيط والسياحة والاثار والاسكان وصندوق مصر السيادى الذى آل له المبنى بعد قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى، للعمل حاليا على وضع خطة متكاملة لاستغلال المبنى بما يخدم المنطقة بعد تطويرها، حيث تم التشاور مع عدد من المستثمرين للوصول إلى الطريقة المثلى لاستغلاله.
وأوضح العناني، خلال اللقاء أنه تمت إجراء عدد من المناقشات مع المستثمرين ، والتوصل لمجموعة من المقترحات والعروض منها أن يكون مجمع التحرير مبنى متعدد الوظائف والأغراض يشمل أنشطة ثقافية وفندقية وتجارية متنوعة.
واشار إلى أنه يمكن تقسيم المبنى إلى مول تجاري كبير بالأدوار الأولى، خاصًة أن هناك جراچين كبيرين بالمنطقة وهما جراج التحرير وجراج عمر مكرم.
وأضاف أن باقى تقسيمات المبنى يتكون عبارة عن مجموعة من الإنشاءات المتنوعة كالبنوك والمطاعم وغيرها بالأدوار فى منتصف المبنى، على أن تكون الأدوار الآخيرة فندق سياحى.
وإليك أبرز المعلومات الهامة عن المجمع وافكار
تتم خطة تطوير مجمع التحرير وفقًا لخطة الحكومة للاستفادة من الأماكن والمبانى الحكومية والمناطق التى يمكن استثمارها فى الدولة، والهدف من تطوير مجمع التحرير هو العودة بالنفع على الدولة وتقديم قيمة مضافة لميدان التحرير نفسه.
كما تهدف إلى ان يصبح المبنى مكملًا للمبانى الآخرى فى المنطقة ويضيف لخطة تطوير وسط البلد، حيث تعد منطقة التحرير منطقة جذب قوية للمكاتب والشركات ويرجع ذلك إلى موقعها الوسطى ما بين شرق وغرب القاهرة.
ويجرى صندوق مصر السيادى اتصالات مع السفير الأمريكى للتباحث حول العلامات التجارية أو المولات العالمية التى من الممكن أن تقوم بالاستثمار فى مصر، كما ان هناك شركة أمريكية قامت بتطوير أحد المولات الضخمة بالمملكة العربية السعودية؛ هى من أبدت استعدادها للاستثمار فى تطوير مبنى مجمع التحرير.
وأوضح العنانى ان تطوير المبنى سيتم بما يخدم خطة منطقة ميدان التحرير، حيث تستهدف وزارة السياحة والاثار تنظيم رحلات مسائية للمصريين والضيوف الاجانب والسياح فى عدد من المناطق السياحية بمنطقة مصر القديمة وميدان التحرير وغيرها، واقترح ان تكون تحت مسمى "كايرو باى نايت" أو "القاهرة ليلا"، وتكون عبارة عن رحلات مشى أو بالعجل، فى ميدان التحرير مساءا مع توفير سماعات يستمعون فيها إلى شرح المرشد السياحى عن المعالم المختلفة بما فيها المجمع.
ولفت إلى أن هذا النموذج سيكون قابل للتنفيذ فى ميدان التحرير بعد عملية التطوير التى تتم به حاليا، وكذلك يمكن ان يكون فى القلعة وأيضا القاهرة القديمة وشارع المعز.