أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد ثروت

الحوار المفقود في حياتنا اليومية

الإثنين، 14 سبتمبر 2020 08:33 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

التشنج والانفعال المنتشر في مقاطع فيديو أوتغريدات وتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح سمة في لغة التفاهم بين الناس في الأسرة والشارع ووسائل المواصلات والعمل والأسواق، مما يؤكد غياب ثقافة الحوار في حياتنا اليومية وندرة التلطف في الرد، والإنصات والاهتمام بكلام الآخر مهما كان الخلاف معه. وهذه اللغة المنتشرة في مجتمعنا يصاحبها غالبا ظاهرتان مرضيتان هما علو الصوت والإشارة بالأيدي. وكلها ظواهر تعقد المشكلات بدلا من العمل على حلها. 

بداية من البيت حيث يعلو الصوت وتستخدم الأيدي في المشاجرات لأتفه الأسباب بين الاب والأم في البيت، فينشأ الأبناء في جو من المشاكل والصخب، مما يؤثر على صحتهم النفسية، ويجعل الأمراض والعقد تتسرب على نفوسهم البريئة، فيصبحون مهددين بالعدوانية لدى الآخر.

أما المدرسة فقد غابت لغة الحوار الهادئ عن التعامل بين المعلم وتلاميذه، وسادت لغة التهديد والوعيد، فأصبح التلميذ يكره المدرسة ويتعامل معها كسجن وقيد، يريد التحرر منه، فتنتشر ظاهرة التسرب من التعليم في بعض الدول. وفي وسائل المواصلات انتشرت ظاهرة الشباب الذي يقوم برفع صوته والسخرية من كبار السن، وأداء حركات غريبة على مجتمعاتنا في سبيل التظاهر والاستعراض امام الفتيات. كل ذلك يحدث في وجود دراما وأفلام تشجع على نشر ثقافة الحوار، ويمجد من البطل الشعبي/ الممثل صاحب الصوت المرتفع والمثير للصخب في الحارة والحي الشعبي، والذي يرفض التفاهم مع الآخرين إلا بلغة القوة والتهديد والوعيد.         

إن ثقافة الحوار كما يشير محمد زرمان الجزائري في كتابه" ثقافة الحوار في المرجعية الإسلامية، تتطلب ترويض النفس على الخلق الكريم وحملها على الهدوء، وسلامة الطوية وعفة اللسان واحترام مشاعر الآخر وأفكاره، وإفساح المجال للآخر لتوضيح أفكاره وشرح وجهة نظره، وعدم مقاطعته حتى ينتهي من عرض وجهة نظره تماما.

ولعل هذا الكتاب وغيره من الكتب التي تناولت أخلاقيات الحوار، تستحق أن يتم تبسيطها في الكتب المدرسية وفي الأعمال الدرامية، لينشأ جيل متعود على سماع صوت الآخر وضبط النفس، وعدم الانتصار على الآخر بالصوت المرتفع ورفع الأيدي.

نحتاج لمجتمع معافى نفسيا واجتماعيا، حتى يقوم بأعباء عملية التنمية والبناء، ولن يكون ذلك إلا بالحوار الهادئ المتزن، أما العنف اللفظي والتهكم والسخرية من الآخر، حتى لو كنت صاحب حق، فسوف يضيع حقك مع صوتك المرتفع ولسانك المنطلق تهكما وسخرية، ويدك التي تعتدي بها على الآخرين ولو بالإشارة والوعيد. أفلا تعقلون.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة