حسنا فعلت الحكومة والدكتور مصطفى مدبولى، أن خرجوا وسارعوا بتوضيح الكثير من الحقائق حول قانون التصالح، ومواجهة المخالفات، وكان التوضيح واجبا والشرح مهما، وهى تجربة يفترض الاستفادة منها فى كل ما يتعلق بقرارات أو قوانين تتعلق بمصالح الناس.
وخلال شهور منذ بدء الإعلان عن القانون والتصالح، ظل الأمر غامضا، بل إن بعض موظفى المحليات والإدارات الهندسية لعبوا دورا فى استمرار الغموض، بل إن بعضهم تعمد تضليل المواطنين، وعندما تقدم المواطنون للتصالح أخبروهم أن التفاصيل غير واضحة وتعمدوا التسويف والتعطيل.
وعندما اقتربت المهلة من نهايتها وبدأ المواطنون يسارعون إلى التصالح، تعمد نفس الفريق المبالغة وإثارة مخاوف الناس ورعبهم من مبالغ التصالح الضخمة، وهو ما كاد يؤدى إلى صدام لولا مسارعة الدولة بالخروج وإعلان التفاصيل.
فقد ساد أن الفقراء مستهدفون، وأن الحكومة تهدم منازل الفقراء، وتترك الكبار، فى وقت كان هناك من بين حيتان البناء المخالف من يغذى الفتنة رهانا على إغلاق الملف، بإثارة الخوف من التمرد، لكن خروج رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، والوزراء، لإعلان التفاصيل كان مهما، لأنه كشف زيف الدعاوى التى تبالغ فى أرقام التصالح، أو ترعب الفلاحين من هدم منازلهم.
وعندما نعرف أن 5 مقاولين فقط سددوا مليار جنيه جدية تصالح، ندرك الأصابع التى وقفت وراء إثارة الخوف والتحريض على الصدام، فقد سدد الحيتان مليارات، بينما تم تخفيض سعر المتر للتصالح فى الريف إلى 50 جنيها، ويصبح كل المبالغ عدة مئات، سدد المواطن الغلبان أضعافها رشاوى وإتاوات ومحاضر للفاسدين فى كل ركن من أركان المحليات، وهنا نعرف أن وراء إشعال الموقف فاسدين يريدون استمرار الوضع ليظل بقرة تحلب فى جيوبهم من دون إنهاء المخالفة.
هناك تفاصيل مهمة جدا عن موظفين حققوا ملايين من الرشاوى والابتزاز، بينما المواطن بعد المصالحة يدفع أقل مما كان يدفعه سنويا لعصابات النهب المستمر فى المحليات، وهؤلاء مع حيتان المخالفات، هم من سخنوا الناس وحرضوا وأثاروا الرعب والخوف.
وهذا درس مهم، أن الحكومة عليها أن تتيح للإعلام المعلومات الضرورية حول أى قانون أو قرار، حتى تسد ثغرات الشائعات، بل إن أى ملاحظات أو انتقادات يفترض أن تؤخذ بعين الاعتبار، وبعض التشريعات ولوائحها التنفيذية تحتاج إلى شرح وتوضيح، أحيانا يظهر من التطبيق أن هناك ثغرات تحتاج إلى علاج، وهو ما جرى خلال الأيام الأخيرة، عندما خرج رئيس الوزراء ليشرح ويوضح قائلا: «إن تطبيق قانون التصالح فى مخالفات البناء أثبت وجود تحديات عند تطبيقه، وأن الحكومة لا تكابر، وتراجع الموقف»، وهذه نقطة تضيف للحكومة وتكشف أنها تستمع للآراء وتتعامل مع مصالح الناس من دون مكابرة.
وفى كثير من الحالات فإن أقصر طريق لمواجهة الشائعات هو إعلان المعلومات، لكن الأهم هنا أن بعض الأطراف داخل دولاب الحكومة تتعمد التعقيد والمبالغة، وتنشر الخوف، بل وأحيانا يتعامل بعض صغار الموظفين ورجال الأمن بعنف وبشدة تصل إلى الإهانة وبشكل يتجاوز حجم المخالفة، وهى سلوكيات تسىء للدولة وللقانون وتغذى منصات التحريض، وهؤلاء يفترض أن يكونوا تحت سمع وبصر الدولة، وهى تتعامل مع ملف ملىء بالمطبات الدقيقة والتقاطعات المهمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة