خطوات ثابتة تخطوها عدد من الدول لمواجهة التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية، بعد أن فرت الأخيرة إليها هاربة من محاصرتها أمنيًا وشعبيًا فى مصر، وعدد من الدول العربية، بعد ثبوت تورط قيادات الإخوان فى قضايا إرهاب، وتجسس، وخيانات دول.
وقاد مجلس العموم البريطانى تحركات مكثفة بهدف تأمين البلاد من مخاطر الفكر المتطرف، حيث تدير جماعة الإخوان حاليًا أعمالها من مكتب لندن الذى يعد المركز الرئيسى الذى تتابع من خلاله الجماعة كل أنشطتها على مستوى العالم، بعد انهيار مكتب الإرشاد للجماعة فى مصر، وأصبح مديره إبراهيم منير.
ويعطى مكتب لندن المسجل باسم شركة الخدمات الإعلامية العالمية المحدودة التعليمات لكل أفراد التنظيم، وتمدد الإخوان فى بريطانيا، وتجاوز عدد مؤسساتهم 39، منها منتدى الشباب المسلم فى أوروبا الذى كان يرأسه الإخوانى إبراهيم الزيات قبل استقالته منه، وهو عبارة عن شبكة تتألف من 42 منظمة تجمع الشباب من أكثر من 26 بلداً، خلافًا لعلاقاته مع البرلمان الأوروبي.
وتواصل بريطانيا محاولات طرد الإخوان منها، بعد محاولات بدأت منذ عهد رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون، حيث يطالب نواب مجلس العموم بحظر تنظيم الإخوان الإرهابى، لأنه يمثل خطرا واضحا على أمن المملكة المتحدة.
وجاء الحادث الإرهابى الذى شهدته العاصمة البريطانية لندن والمشهور بحادث "جسر لندن" ليفتح الحديث من جديد حول مصير قيادات الإخوان وحلفائهم المقيمين فى بريطانيا، وبدأت الأجهزة الأمنية البريطانية بالتحقيق مع بعض العناصر الإخوانية المتواجدة داخل أراضيها لمعرفة ما إذا كان لديهم علاقات مع بعض عناصر تنظيم داعش الإرهابى المتورطين فى هذا العمل الإرهابى.
وتورط زهير خالد نصرات فى حادث مانشستر الإرهابى الذى وقع فى عام 2017، هو ابن دبلوماسى ليبى وناشط إخوانى معروف، والسلطات البريطانية تربط بين تنظيم داعش الإرهابى وبعض عناصر الإخوان الهاربة فى أراضيها.
وأكد عضو مجلس العموم البريطانى، إيان بيزلى، أن جماعة الإخوان لديها أنشطة غير قانونية فى المملكة المتحدة، كما تستغل مواقع التواصل الاجتماعى لنشر الكراهية والتطرف فى بريطانيا والشرق الأوسط.
وأشار عضو مجلس العموم البريطانى إلى أن هناك عددًا من طلبات الاستجواب داخل البرلمان حول قيام أعضاء من تنظيم الإخوان بأنشطة مشبوهة، مطالبين الحكومة بطردهم من البلاد خشية من تأثيرهم على الأمن القومى البريطانى.
وأوضح أن أعضاء فى البرلمان البريطانى وعدد من المنظمات تطالب بوقف دعم جماعة الإخوان فى المملكة المتحدة، حيث إنهم يجمعون التبرعات لتمويل أنشطة إرهابية، موضحًا أن بريطانيا ستتخذ خطوات عديدة تجاه جماعة الإخوان خلال الفترة المقبلة وستعيد فتح التحقيقات حول نشاطهم داخل البلاد.
وطالب عضو العموم البريطانى وزارتى الدفاع والداخلية بمناقشة الأمر فعليًا، لافتًا إلى أنه بالرغم من انشغال العالم حاليًا بمكافحة فيروس كورونا، ألا أن الإرهابيين لا يعتدون بذلك بل يقومون بكثير من الأعمال الإرهابية العدائية والقتل فى العالم والشرق الأوسط، مطالبًا بلاده باتباع النموذج المصرى وغيرها من الدول الأخرى فى الشرق الأوسط، والتى صنفت وحظرت جماعة الاخوان واعتبرتها جماعة إرهابية.
كما ركزت الجماعة على التواجد فى أكبر الدول الأوروبية بعد بريطانيا وهى فرنسا وألمانيا ووظفت وجودها المؤسسى فى البلاد، من خلال بناء شبكة تحالفات ومصالح متبادلة مع الكيانات الممثلة للكتل الإسلامية الرئيسية فى العالم، وانفتحت على الاسلام التركى الموجود بكثافة فى ألمانيا واستغلت الجاليات المغاربية الكبيرة الموجودة فى فرنسا، واعتبرتها بوابة عبور لجماعة الإخوان إلى منطقة المغرب العربى.
وأسست مكاتب لها فى فرنسا وبلجيكا مثل حركة النهضة التونسية وجماعة العدل والإحسان المغربية، وأسست امتدادات مؤسسية إخوانية فى الدول الأصغر المجاورة التى تدور فى فلكها، مثل بلجيكا بالنسبة لفرنسا وإيرلندا بالنسبة لبريطانيا وسويسرا بالنسبة لألمانيا.
وفى النمسا توجد مجموعة كبيرة من الإخوان موجودة فى فيينا وجراتس، وتتمثل ذراعها الأساسية فى الجمعية الثقافية أو Liga Kultur، ومجموعة من المساجد والمراكز الثقافية مثل النور فى جراتس، والهداية فى فيينا.
على صعيد آخر، يرى حزب البديل لأجل ألمانيا إن جماعة الإخوان هى العقل المدبر الذى يقف خلف شبكة الإسلام الراديكالى المنتشرة هناك، خاصة أنهم لديهم تواجد قوى بحوالى ـ١٦٠٠ قيادى، ومنظمة المجتمع الإسلامى، وعدد من المنظمات الصغيرة والمساجد المنتشرة فى عموم البلاد، وصنفتها هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" بأنها تهديد للنظام الدستورى والديمقراطى.
فيما أشار الخبير الكندى بنشاطات المجموعات الإرهابية، توم كويجن، إن الإخوان يقومون بعمل دعاية متطرفة يقودها القيادى الإخوانى الكندى وائل هدارة، وهو طبيب مصرى عيّنه الرئيس الإخوانى المعزول، محمد مرسى، مستشاراً له، عام 2012، وإنه يتجول بين الجامعات الكندية يلقى محاضرات تحريضية ويفتتح جمعيات ومدارس إخوانية فى طول البلاد وعرضها.
كما تحدث كويجن عن زعيم الإخوان المسلمين فى أمريكا الشمالية، جمال بدوى، وهو الشخصية الإخوانية الأقوى فى كندا والولايات المتحدةـ، والذى يضع هاتفه ضمن هواتف مراكز وجمعيات ومساجد ومدارس تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين فى أمريكا وكندا.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فهى أحد البلدان المهمة التى تحتضن المراكز الإخوانية، وتضم عدداً من المنظمات الإسلامية التى يسيطر عليها التنظيم، على رأسها منظمة "كير" الإسلامية الأمريكية.
وحتى تسهل الجماعة مهمة عقد الندوات والمؤتمرات التحريضية فى الجامعات الغربية، استخدمت عدداً من مراكز الأبحاث الأمريكية، واشترت بعض القائمين عليها وظهر المال السياسى فى توجيه بعض الكتاب والباحثين العاملين فى المؤسسات الإعلامية والمراكز البحثية المنتشرة فى الدول الغربية.
وتواجه جماعة الإخوان الإرهابية حالة من الارتباك الداخلى بعد تصريح الإدارة الأمريكية بأن إدراج التنظيم على قوائم الإرهاب الدولى بات أمرا وشيكا.