يقع معبد الأقصر على الضفة الشرقية لنهر النيل على محور واحد من الشمال إلى الجنوب في مدينة الأقصر اليوم المعروفة باسم (طيبة القديمة)، شُيد هذا المعبد لعبادة للثالوث المقدس (آمون رع) الأب، و(موت) الأم، وابنهما (خنسو) بمعبد الأقصر كنموذج لمعابد الأرباب في الدولة الحديثة، واطلق المصريون على هذا المعبد اسم "ابت رست"، وكان موكب الإله المقدس ينتقل بطريق النيل من معبد الكرنك إلى معبد الاقصر ولهذا يعتقد المتخصصون أنه كان يتم فى الفترة التى يقضيها "آمون" فى الأقصر، وأنه كان يتم زواج مقدس (أو احتفال بذكرى الزواج المقدس ) بين الإله آمون والإلهة موت ولهذا اعتبر معبد الأقصر بمثابة "قصر للزفاف" يتم فيه كل عام الاحتفال بذكرى هذا الزفاف المقدس.
أمر الملك أمنحتب الثالث بإقامة هذا المعبد لثالوث طيبة سابق الذكر؛ أغلب الظن لأمرين: الأول أن يؤكد نسبة للإله آمون نفسه؛ فإن احقيته للعرش لم تكن واضحة لأنه يجب أن يكون ابن ملك ومن سلاله ملكية؛ أما إذا كانت سلالة غير نقية فيكتسب أحقيته للعرش بالزواج من الأبنة الكبرى للملك (السابق). ولم ينطبق أحد الشرطين على أمنحتب الثالث فأمه "موت-أم –اويا" لم تكن مصرية بل كانت سيدة ميتانية بنت "ارتاتاما" ملك دولة ميتانى ولم تكن زوجته "تى" من سلالة ملكيه بل كانت سيدة من عامة الشعب. ولهذا فكر أمنحتب أن يؤكد شرعيته للعرش بإثبات نسبه للإله آمون نفسه مثل مافعلت حتشبسوت من قبل؛ فقام بتسجيل ولادته المقدسة على جدران الغرفة الشهيرة بالمعبد والمعروفة بغرفة الولادة وكانت نتيجة هذا أن أصبح ابن الإله آمون رع مباشرة؛ وبهذه الأسطورة أكد أمنحتب الثالث احقيته فى العرش. الأمر الثانى هو إرضاء كهنة آمون لكى يتقبلوه ملكا شرعيا لمصر رغم عدم وضوح أحقيته فى العرش ولم يكن فى وسع كهنة آمون رفض نسب أمنحتب الثالث إلى الإله آمون؛ فقد وعدهم بإقامة معبد كبير لإعلاء شأن آمون العظيم ولهذا تقبل الكهنه الملك الجديد بنسبه الإلهى ولم يرفضه الشعب الذى لم يكن يشك فى أى شىء يقبله الكهنة.
أمر أمنحتب الثالث مهندسه "أمنحتب ابن حابو" بتشييد مجموعة من المبانى بدأها أغلب الظن من الجنوب حيث كان يقام معبد الدوله الوسطى بقدس الاقداس، لأن الهدف الاساسى من إقامة أى معبد هو ايجاد المكان المناسب لتمثال الإله أولا ثم إقامة مجموعة المخازن التى من حوله اللازمة، وأنهاها بالممر الفخم الذى يتكون من صفين من الأساطين، ولم ينتهى العمل فى هذا الممر العظيم فى حياته فلما جاء ابنه أمنحتب الرابع "اخناتون" على عرش البلاد ترك آمون وتعبد للإله آتون بل ومحى آمون من نقوش ابيه فى المعبد ثم اكمل توت عنخ آمون ومن بعده حورمحب هذا الممر العظيم، وامر الملك رمسيس الثانى فى الاسرة التاسعة عشرة مهندسه "باك-ان-خنسو" بإضافة الفناء الكبير المفتوح ذو الأساطين وإقامة صرح ضخم وستة تماثيل للملك رمسيس الثانى ومسلتين أمامه، كما أقام المسيحيون فى أحد أجزائه الجنوبيه كنيسة؛ وبنى المسلمون فى عهد الفاطميين مسجدا لهم وهو مسجد سيدى يوسف ابى الحجاج نراه على يسار الداخل مباشرة فى فناء رمسيس الثانى.
أما بالنسبة لصرح المعبد الذي شيده رمسيس الثاني يتكون من برجين نُقشت عليهما مناظر تمثل انتصارات الملك على الحيثيين، ويوجد على واجهة الصرح أربع فجوات عمودية ؛ اثنان على كل جانب خُصصت لكي تثبت فيها ساريات الأعلام، وأمام الصرح كان يوجد ستة تماثيل تمثل الملك رمسيس الثاني ؛ أربعة تمثلة واقفًا واثنان يمثلانه جالسًا، كما أقام رمسيس الثاني أمام الصرح مسلتين ؛ والآن في ميدان الكنكورد في باريس منذ عام 1936م، ولاتزال الأخرى قائمة في مكانها حتى الآن أمام البرج الشمالي، ويوجد أمام الصرح أيضًا طريق لأبو الهول ويرجع لعهد الملك ( نكتانبو) من ملوك الأسرة الثلاثين كان يوصل إلى معبد الكرنك .
نصل من مدخل الصرح إلى الفناء الفسيح، وقد أقامه رمسيس الثاني، وتُحيط به الصفات التي يرتكز عليها سقف كل منهما على صفين من الأساطين عدا الجزء الذي شيدته الملكة حتشبسوت والملك تحتمس الثالث والذي يقع على يمين الداخل مباشرة، وقد شكلت هذه الأساطين (74 أسطونًا)، وتقوم بين الأساطين الامامية في النصف الجنوبي لهذا الفناء المفتوح تماثيل للملك رمسيس الثاني منها ما يمثله واقفًا ومنها ما يمثله جالسًا، ويوجد في الركن الشمالي الغربي المقاصير الثلاثة التي شيدها كلاً من حتشبسوت وتحتمس الثالث، إلا أن البعض يرى أن الملك رمسيس الثاني هو من أقامها بحجارة اغتصبها من مقاصير لحتشبسوت وتحتمس الثالث، يتقدم هذه المقاصير أربعة أساطين، وقد خُصصت المقصورة الوسطى للرب آمون رع، والغربية للربة موت، والشرقية للرب خونسو رب القمر، ومسجد ابو الحجاج يوجد في الركن الشمالي الشرقي من الفناء .
بعد ذلك نصل إلى الممر الضخم الذي يتكون من صفين من الأساطين العظيمة في كل صف سبعة أساطين ويصل ارتفاع الأسطون إلى 16 مترًا، واقام أمنحتب الثالث هذا الممر العظيم ثم أكمله بعد موته توت عنخ آمون ثم حور محب، وتتميز جدران هذا الممر بمناظر الاحتفالات السنوية التي تقام في النيل وعلى شاطئه عندما يزور آمون رب الكرنك معبد الأقصر.
ثم نصل إلى الفناء الكببر الذي شيده أمنحتب الثالث وقد اُقيم في جوانبه الثلاثة الشرقي والغربي والشمالي صفان من الأساطين، ونصل بعد ذلك إلى صالة أساطين أخرى شيدها أمنحتب الثالث أيضًا وتضم (32 أسطونًا برديًا) في أربعة صفوف وبواسطة درج بسيط في وسط الجدار الجنوبي لهذة الصالة نصل إلى بهوين صغيرين متتاليين فمقصورة الزورق المقدس وكانت تتوسطها قاعدة كان يوضع عليها مركب آمون المقدس عند زيارته لمعبد الأقصر كل عام، ومقصورة المركب المقدس عبارة عن حجرة مربعة محاطة بعدد من الغرف التي ربما خُصصت لحفظ الأدوات والأشياء الخاصة بالخدمة اليومية في المعبد والأدوات المستخدمة في الطقوس الدينية، وكان يحمل سقف غرفة الزورق المقدس أربعة أساطين اُزيلت عندما أراد (الأسكندر الأكبر) عام 332ق.م أن يشيد مقصورة مقدسة للقارب المقدس الخاص بالرب آمون فأقامها وسط الغرفة التي خصصها أمنحتب الثالث لذلك وهي المقصورة المعروفة الآن بمقصورة الأسكندر الأكبر .
نجد في الجدار الشرقي لغرفة الزورق المقدس مدخلاً يوصل إلى غرفة جانبية ذات ثلاث أساطين توصل بدورها إلى غرفة أخرى لها شهرتها التاريخية ويحمل سقفها ثلاث أساطين أيضًا، وهي الغرفة التي تُعرف باسم (حجرة الولادة)؛ وقد عُرفت بهذا الاسم لمناظر الولادة المسجلة على جدرانها وتمثل ولادة الملك أمنحتب الثالث الإلهية .
وأخيرًا، نصل من مقصورة الزورق المقدس إلى صالة عرضية ذات (12 أسطونًا) في صفين ومنها إلى صالة ذات اربعة أساطين وهي مقصورة التماثيل المقدس او قدس الأقداس وعلى جدرانها مناظر تمثل أمنحتب الثالث في علاقاته المختلفة مع الارباب .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة