يعانى لبنان من أزمات سياسية واقتصادية متلاحقة خلال الأعوام الأخيرة بسبب سياسة حزب الله التي ترفضها قوى إقليمية دولية، وهو ما دفع الدول الكبرى وفى مقدمتها الولايات المتحدة لمقاربة لإبعاد عناصر الحزب من المشاركة في أي تشكيلة وزارية جديدة، وهو ما يرفضه الثنائى الشيعي متمثلا في حركة أمل وحزب الله، وأكدت وسائل إعلام لبنانية، اليوم الأربعاء، أن رئيس الوزراء اللبناني المكلف مصطفى أديب سيتجه للاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة الجديدة، موضحين أن المبادرة التى سبق وأطلقتها فرنسا لمعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية فى لبنان تشهد حالة من الترنح بسبب إصرار حزب الله وحركة أمل على الاحتفاظ بوزارة المالية في الحكومة الجديدة ، بالإضافة إلى تسمية كافة الوزراء الذين سيمثلون الطائفة داخل الحكومة.
وفشلت المشاورات التي أجراها الرئيس اللبناني خلال الأيام الماضية في تحقيق أى تقدم فى مجال حل العقبات الثلاث الأساسية، والتي تتعلق بحجم الحكومة الجديدة، حيث يرغب "أديب" بتأليف حكومة مصغرة من 14 وزيرا في مقابل إصرار قوى السلطة على توسيع العدد لتوزير المحسوبين عليهم، وعملية اختيار أسماء الوزراء في ظل رغبة رئيس الوزراء المكلف باختيار فريقه الوزاري بينما يريد فريق السلطة المشاركة في اختيار الأسماء، إلى جانب العقدة المتعلقة بوزارة المالية والوزراء من الطائفة الشيعية.
ويسعى مصطفى أديب لتشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلين غير منتمين للقوى والتيارات والأحزاب السياسية، باعتبار أن حكومته هي حكومة إنقاذ كما أنه في نفس الوقت لا يريد معركة مع أحد أو اشتباكا سياسيا مع ثنائي حزب الله وحركة أمل، ولا يريد السير بوجه طائفة أو أي طرف.
بدوره، قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري، اليوم الأربعاء، إن وزارة المالية وغيرها من الحقائب الوزارية ليست حقاً حصرياً لأي طائفة في البلاد، في إشارة إلى قضية تمثل جوهر خلاف حول تشكيل الحكومة الجديدة.
وذكر الحريري على "تويتر" أن رفض فكرة تداول السيطرة على الوزارات يحبط "الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان واللبنانيين"، في إشارة إلى مساعٍ فرنسية لحمل الزعماء اللبنانيين على تشكيل حكومة جديدة وتبنّي إصلاحات.
وكشفت تقارير صحفية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوعز إلى الجهات المعنية بتأليفها بأنه يرغب في تمديد المهلة التي كان قد حددها.
وأبلغ ماكرون من يعنيهم الأمر بأن تمديد المهلة ليوم أو يومين تنتهي غداً الخميس، يفسح المجال أمام تكثيف الاتصالات لتهيئة الظروف التي تدفع باتجاه تجاوز المأزق الذي لا يزال يؤخر عملية تأليف الحكومة.
وأكدت التقارير الصحفية أن ماكرون لم ينقطع عن التواصل مع جميع القيادات اللبنانية لتذليل العقبات التي ما زالت تعرقل تشكيل الحكومة.
ولفتت إلى أن الاتصالات الفرنسية لم تتوقف مع الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة السفير مصطفى أديب، وقالت إن الأخير يواكب الاتصالات التي يتولاها ماكرون ومعه الفريق الفرنسي المكلف بمتابعة الملف اللبناني.
من جانبه، أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط أن الجهود التي تقودها فرنسا لإخراج لبنان من الأزمة هي الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلاد، فيما بدا تحذيرا للرئيس ميشال عون وحليفيه حزب الله وحركة أمل من أن القادم أسوأ في حال تم عرقلة المبادرة الفرنسية.
وكتب جنبلاط على موقعه على تويتر "يبدو أن البعض لم يفهم أو لا يريد أن يفهم بأن المبادرة الفرنسية هي آخر فرصة لإنقاذ لبنان ومنع زواله كما قال وزير خارجيتها (جان إيف لودريان) بكل وضوح".
ولفت الزعيم الدرزي إلى عودة "كبار الفرقاء إلى لعبة المحاصصة مع إدخال أعراف جديدة دون الاتصال بأحد يقودها هواة جدد على الساحة. وشكرا للسيد بومبيو على لزوم ما لا يلزم"، في غمز إلى تصريح لوزير الخارجية الأمريكية حذر فيها باريس من أن حزب الله سينسف جهودها في لبنان.
وتأتي تصريحات جنبلاط بعد زيارة قام بها إلى العاصمة الفرنسية في 13 سبتمبر الحالي، فيما بدا محاولة للاستطلاع عن قرب ما يقع بحثه في الشأن اللبنانيين وما هي التوجهات في حال فشلت جهود تشكيل الحكومة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة