ارتدى شاب ثوب الرجولة مبكراً، فقرر الاعتماد على نفسه منذ نعومة أظافره، بعدما توفي والده، فنزل لسوق العمل، يجتهد ويكسب الأموال، حتى نجح في تكوين "عش للزوجية" والزواج من فتاة تقاربه في العمر، وإنجاب 3 أطفال، إلا أنه في رحلة "الشقا" والبحث عن "لقمة العيش" اعترض طريقه من لا يرحم، فقتله لص بمساعدة آخرين.
القتيل
هنا..داخل منزل بسيط في منطقة الخصوص بمحافظة القليوبية، كان يقطن "أحمد" برفقة أسرته، حيث الحزن يكتسي المنزل، ودموع الأقارب والأصدقاء لا تتوقف، ونساء يتشحن بالملابس السوداء، وصور "القتيل" تزين جنبات المنزل.
"دا كان حتة من قلبي"، هكذا بدأت والدة القتيل حديثها لـ"اليوم السابع"، قائلة:" أحمد طول عمره راجل، وبيحب يعتمد على نفسه، فمنذ أن توفي والده، وهو ينزل للشارع يجتهد ويعمل، ويكسب "لقمة عيشه من عرق جبينه"، كنت أشفق عليه في كثير من الأحيان، لكنه كان "رجل" بمعنى الكلمة، رغم صغر سنه، تحدى الظروف القاسية، وكان يتحرك برجولة في الشارع، ليكسب "لقمة عيشه".
الأم
وبصوت ممزوج بالآسى، تقول الأم:" بدأت الفرحة تدخل منزلنا مجدداً منذ وفاة زوجي، بزواج ابني أحمد، ومع مرور السنوات زادت الفرحة فرحتين بل ثلاثة بإنجابه ثلاثة أطفال، طالما أدخلوا السعادة والسرور علينا جميعاً".
بدأت السعادة تعرف طريق منزلنا البسيط مجدداً ـ الأم تكمل حديثها ـ لكن يبدو أن الدنيا رفضت ذلك، ليأتي الموت ويخطف "أحمد" من بيننا"، عندما اعترضه لص وقتله بقلب قاس، حيث كان في رحلته اليومية بحثاً عن لقمة العيش، فطلب منه المتهم توصيله لمكان ناء، وما إن توارى عن أعين الناس، حتى طعنه بخنجر الغدر، ولم يكتفي بذلك، وإنما أشعل النار في جثته، ليزيد قلوباً ألماً وحسرة، ثم إن المتهم بعد ذلك شاركنا فى البحث عن جثته".
تبكي الأم وتقول:"قتلوه، وحرقوا قلبي عليه، هأفضل العمر كله أبكيه"، لا أستطيع أن أرى المنزل، ولا أتحمل أدخل غرفته، عرضت المنزل للبيع، حتى نرحل ونذهب بعيداً، لعلنا ننسى بعض الشىء، لعل الحزن يهدأ قليلاً، فلن تهدأ نيران القلب حتى أرى المتهم المقبوض عليه أمام "عشماوي".
تلتقط زوجة القتيل أطراف الحديث من حماتها، وتقول:" توضأ أحمد وصلى الفجر، وتناول افطاره وخرج لرزقه، كان وجهه بشوشاً مبتسماً قبل خروجه من المنزل كعادته، لم أتخيل أنه اللقاء الأخير، وأنني لن اراه مرة أخرى".
الزوجة
تحبس الزوجة دموعها، وتقول:"كان كل شيء هادئ وطبيعي في منزلنا، حتى تأخر زوجي عن الحضور، بدأ القلق يتسرب لقلوبنا، بحثنا عنه في كل مكان دون فائدة، فذهبنا للشرطة لتحرير محضر، وبعدها عثروا على جثته مقتولاً بعد سرقة التوك التوك الخاص به، والذي يعمل عليه بالأجرة، كان المشهد قاسياً، وكان الألم حاضراً، والدموع لم ولن تغيب".
تلتقط الزوجة أنفاسها، وتكمل قائلة:" الأكثر ألماً أسئلة صغاري، الذين لا يتوقفون عن الأسئلة: بابا فين؟ هو ليه مش بيجي؟ هو وحشنا، طيب نفسنا نشوفه"، هذه الجمل التي تقطع القلوب، وتزيد الحزن حزناً أكبر، فنسأل الصبر الصبر والسلوان، حتى نلقى "أحمد" عنده في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة