"التعليم عن بعد"، شعار رفعه العالم كله لاستئناف الدراسة بالمراحل التعليمية المختلفة فى ظل استمرار جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، والتى تهدف إلى توفير العلم للطلاب مع الحفاظ عليهم من خطر الإصابة بالفيروس التاجى أو نقل العدوى للآخرين، وانطلاقًا من هذا التوجه العالمى، كانت شاحنة صغيرة وجهاز موجّه "راوتر" فى الداخل وهوائى اتصال بالأقمار الاصطناعية على السقف، كل ما يلزم لتوفير اتصال بالإنترنت لـ200 طفل من فقراء "سانتا آنا" قرب لوس أنجلوس، وتمكينهم من متابعة دروسهم عن بعد، خلال جائحة "كوفيد-19".
من جهته، قال رومان رينا، المشرف على المشروع التجريبى "واى فاى أون ويلز" (إنترنت لاسلكى على عجلات)، إن "بعض الأهل واجهوا صعوبات الشهر الماضى مع انطلاق العام الدراسى الجديد، وأضاف: "كثير من تلامذتنا ليس لديهم أى اتصال بالإنترنت ومن الصعب عليهم متابعة الدروس خلف شاشة الكمبيوتر"، وذلك وفقاً لما نقلته "العين الإخبارية" عن وكالة "فرانس برس".
ولحل هذه المشكلة، راودت كيفن واتسون رئيس شركة "جى أف كاى ترانسبورتيشن" المتخصصة فى خدمات النقل الدراسى فى سانتا آنا، فكرة تجهيز بعض من شاحنات الشركة الصغيرة بوصلات إرسال للإنترنت ووضعها فى نقاط استراتيجية فى المدينة تكون فى تصرف التلامذة الذين لا يتمتعون بنفاذ إلى الشبكة وفق سجلات السلطات التربوية المحلية.
أوضح واتسون: "نركن المركبة ونبقى فى الموقع لثنانى ساعات لضمان اتصال التلامذة بالشبكة طوال النهار، يغطى إرسال شبكة الإنترنت اللاسلكى (واى فاي) محيط 350 متراً"، وأشار إلى أن دخول شبكة الإنترنت اللاسلكى هذه يتطلب إدخال كلمة سر تُمنح حصراً للتلامذة.
وأوضح الأمريكى صاحب البشرة السمراء الذى كبر ودرس فى أحياء "سانتا آنا"، حيث تعيش عائلات كثيرة من المهاجرين غير المقتدرين: "الأجهزة الموجّهة كلها مزودة تقنية الجيل الخامس وهى سريعة جداً، ولدينا هذه الهوائيات على المركبات لبلوغ أكثرية المنازل والشقق".
وتوفر كل مركبة من هذه الشبكة اتصالاً بالإنترنت لحوالى 200 طفل، وباتت سبع منها تعمل فى إطار المشروع الذى يستمر العمل فيه بفضل مبادرات تطوعية حتى الساعة، فيما تدور محادثات مالية حالياً مع السلطات التربوية فى المنطقة لتطوير المشروع الذى يأمل كيفن توسيعه ليشتمل فى وقت لاحق على 50 شاحنة إنترنت لاسلكى.
ورغم التقدم الكبير فى كاليفورنيا - خامس أكبر اقتصاد فى العالم - واحتضانها المقار الرئيسية لكبرى شركات التكنولوجيا فى العالم، تبقى الهوة الرقمية واقعاً يومياً لآلاف العائلات، وقد بيّن تقرير صدر حديثاً أن 25% من الأطفال المسجلين فى مدارس الولاية، أى ما يقرب من 1.5 مليون تلميذ فى المجموع، لا يتمتعون بنفاذ ملائم إلى شبكة الإنترنت.
وتسجل الظاهرة أيضاً فى كل الولايات الأمريكية، خصوصاً بسبب النقص فى الموارد (إذ يكلف الاشتراك الشهرى بالإنترنت فى الولايات المتحدة 60 دولار فى المعدل)، وأحياناً أيضاً لغياب البنى التحنية خصوصاً فى المناطق المعزولة.
وفى ميسيسيبى (جنوب)، وهى ولاية ريفية أقل تقدماً بكثير من كاليفورنيا، يفتقر نصف التلامذة للاتصال بالإنترنت اللاسلكي، وفق دراسة نشرت نتائجها منظمة "كومن سنس ميديا" غير الحكومية و"بوسطن كونسلتينج جروب" خلال الصيف.
وتشير تقديرات الخبراء إلى ضرورة استثمار ما بين 6 مليارات دولار و11 ملياراً فى السنة لسد هذه "الفجوة الرقمية" فى سائر أنحاء الولايات المتحدة، أى ما بين 1% و2% من الميزانية الدفاعية الأمريكية.
بدوره، قال المستشار البلدى فنسنت سارميينتو، لوكالة "فرانس برس"، "تظهر الأرقام المتوافرة لدينا أن حوالى 10 آلاف تلميذ لا يتمتعون بنفاذ إلى الإنترنت اللاسلكي" فى سانتا آنا، وأشاد سارميينتو بمبادرة كيفن واتسون، لأنها "توفر الإنترنت اللاسلكى فى أحياء يعيش داخل كلّ مبنى فيها ما بين 5 إلى 10 أطفال كانوا يواجهون صعوبة فى الاتصال بالإنترنت، فإما هم محرومون من الشبكة أو أن الاتصال المتوافر لديهم بطيء للغاية".
وقال أنجيل، وهو فتى فى سن الـ13 يتشارك الاتصال بالإنترنت اللاسلكى مع شقيقته البالغة 17 عاماً: "كنت أواجه مشكلات فى الإنترنت اللاسلكى لذا كنت اضطر للذهاب إلى منزل صديق لى حيث كان يُسمح لى باستخدام الشبكة"، لكن بفضل مركبة تابعة لمشروع "واى فاى أون وايلز" متوقفة على بعد ثلاثين متراً من مسكنه المتواضع، باتت هذه المشكلة من الماضى وأصبح فى إمكان التلميذ إنجاز الفروض المدرسية بانتظام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة