رُّب خطوة على أرض الواقع عادلت أميالا فوق سحاب الخيال! فما كان طيف حلمي بأن أكون من مؤدي مهنة الصحافة ليصور لي أن الفرصة قد تتهيأ وأنا ما زلت في الثامنة عشرة من عمري، لبداية رحلة عملية تنتهي بي إلى حقيقة تحولت عن حلم رافقني سنوات، ووجدت اليد التي تقودني نحو أولى خطى مسيرتي الصحفية.
رغم أنني لم أكن أعلم كيف السبيل إلى حياة عملية في رحاب موهبة الكتابة التي حباني الله إياها، إلا أن القدر جاد علي بلحظة زفت البشرى بأن فُتِحت أبواب أكبر موقع إخباري بمصر، إنها جريدة "اليوم السابع" التي أضافت لاسمي لقب: "صحفية متدربة" الذي وقع في نفسي موقع الإكبار والشعور الجارف بالمسؤولية، هذا اللقب هو عنوان لخبرات هائلة يتوجب علي تحقيق الاستفادة القصوى منها، ها أنا ذا أخطو أولى الخطوات داخل مبنى الجريدة، يغمرني شعور بالألفة، وكانت لهفتي تسابق قدمي أثناء الجولة بين أقسام الجريدة، تأخذ مسامعي أصوات نقرات لوحة المفاتيح الخاصة بإحدى الحواسيب المنتشرة ويبلغني انهماك صاحب تلك النقرات المتسارعة ليوافي تفاصيل خبرعاجل، وجذبت انتباهي أحاديث متناقلة بين أشخاص متناثرين في أنحاء القاعة وما كانت المسافات لتعوق سرعة تناقلها التي تنتهي عند نقطة التقاء تنأى بالعمل الصحفي موضع الحديث عن الخطأ، ومن بين تلك الأصوات يبرز صوت إذاعي لبق ليسوق نشرة الأخبار الخاصة بالجريدة عبر كلمات أجاد تنسيقها؟
عشت ساعات فى مناخ صحفي متكامل لطالما سعيت إلى خلقه في مدرستي ومع زميلاتي أثناء فترات الأنشطة، وعندما تسلمت البطاقة التي ألحقت باسمي لقب "صحفية متدربة" تأكدت أنني بالفعل سأصبح جزءا من ذلك المناخ، وتنساب إلى مسامعي كلمات عن الصحافة وأنواع المقالات وكيفية كتابتها فأشعر بأنني عثرت على ضالتي ورُزِقت المنبع الذي سيشبع تطلعاتي.
وكان حديثي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي فاتحة وبشرة الخير لي ، وبعده ارتسمت علامات استفهام كثيرة لدى المستمعين إلى حواري مع سيادته، فحين سألني عن أمنيتي لم أتردد في أن أفصح عن حلمي بأن أكون صحفية اعتبر البعض أنني بذلك لم أتمنى شيئا، وعجبوا لذلك، بل وتساءلوا عن سبب اقتصاري في الحديث على ذكر الصحافة في حين أن المستقبل في عيني مختذل في الطريق نحو بلوغ تلك الأمنية، وقد وجدت استحسانا من الرئيس لهذه الأمنية فتألقت في نفسي بارقة الأمل بأن تشرق على حلمي شمس الواقع، وقد كان بفضل الله أولا ثم الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وجريدة اليوم السابع التي استشعرت صدق هذه الأمنية وبسطت إلي يد العون.
منذ سنوات وأنا أسعى لبناء صرح عالٍ من المعرفة، وكانت نفسي تهفو إلى التعمق في الكشف عن مزيد من أسرار الفصاحة والفصحى وصياغاتها وكيفية تطويع ألفاظها والتلاعب بها، فلم أجد خيرا من القراءة منهلا لكل ذلك، ولم يحبس عطاء هذا المنهل سوى محدودية الكتب والقصص وحتى الروايات التي يتم إصدارها بطريقة برايل وهي طريقة الكتابة والقراءة التي يعتمد عليها المكفوفون، وهذه المحدودية شكلت عائقا أمام مسيرتي المعرفية، وإن كنت قد تغلبت عليها بفضل الله من خلال اعتمادي على الحاسب الآلي وشبكات الإنترنت في القراءة، وإن كانت هذه الوسيلة تفتح أبوابا أرحب من المعرفة لكنني من المؤمنين بأن لذة قراءة الكتب الورقية لا تُضاهيها، وما زلت آمل في أن تتوفر الكتب البرايل بشكل أكبر.
وأخيرا سلام على كل مَن أعطاني القوة: سلام على والدتي عوني وصديقتي ومعلمتي، سلام على عائلتي مصدر الدعم اللا محدود، و على أساتدتي، أولئك الذين علموني كيف تكون الثقة بالنفس وأمدوني بخبراتهم لتحميني من تقلبات الدنيا، وكل التقدير للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وأسرة اليوم السابع التي بادرت باستقبالي وتدريبي لتنمي موهبتي في الكتابة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة