كان حلم التكامل الاقتصادى بين مصر والسودان، قائما طوال عقود، ويمتلك البلدان إمكانيات طبيعية وبشرية تمثل قاعدة انطلاق للاستثمار بما يوفر للشعب فى البلدين عوائد وفرص عمل، ولهذا من بين الخطوات المبشرة الإعلان عن تأسيس شركة مساهمة مصرية سودانية تعمل فى المجالات الزراعية والصناعية والتجارية، وهو مطلب من المصريين والسودانيين منذ عقود، حيث يدخل فى إطار التكامل ويعود بالنفع على الشعبين، ويفتح المجال لتعاون أوسع فى مجالات متعددة، ويدخل فى سياق التكامل الاقتصادى بين مصر والسودان، بل إنه مدخل لتوسيع عمليات الاستثمار وضخ المزيد من الأموال فى اقتصاد البلدين.
فقد تم إعلان تأسيس الشركة بين «الشركة القابضة للصناعات الغذائية» من مصر و«شركة الاتجاهات المتعددة المحدودة السودانية» من السودان، وهذه الشركة تعمل فى مجالات الإنتاج الحيوانى والزراعى وتغطى السوق المحلى والتصدير.
الشركة المصرية السودانية تعمل فى مجالات زراعية متعددة تبدأ من تسمين وإنتاج المواشى والعجول ومصنعاتها ومشتقاتها للسوق المحلى والتصدير، وزراعة وإنتاج واستيراد وتصدير كل المحاصيل الحيوية والزيتية فى كلا البلدين، والتعاون المشترك فى مجالات «عصر الحبوب الزيتية وتكرير الزيت – السكر – السمسم – الأرز – القمح – الفول السودانى ومنتجاته – القطن – الخضر والفاكهة – العصائر ومركزاتها – الأسمدة الكيميائية – المطهرات والمنظفات»، وما يستجد من منتجات أخرى يمكن التعاون فى إنتاجها وتجارتها من خلال الشركة.
وهذه المجالات المتنوعة تتطلب ضخ استثمارات كبيرة، وتوفر الآلاف من فرص العمل، والأهم أنها تستغل ثروات معطلة، وتدعم علاقات الأخوة بين شعب وادى النيل، خاصة أن هذا النوع من التعاون يوسع من التعاون الشعبى، لأنه يتعلق بمصالح الناس وعلاقاتهم، ولا يتوقف كثيرا على المسؤولين، ويترفع عن بعض الدعاوى الصغيرة لتعكير جو العلاقة بين شعب وادى النيل، ولا تنتمى إلى هذا الشعب، بل هى محاولات خارجية حتى لو ادعت حمل أسماء من مصر أو السودان. بينما الشعب نفسه يحمل كل مشاعر المودة، ونظن أن هذه المشاعر ظهرت تلقائيا فى التضامن المصرى غير المشروط مع الأشقاء فى مواجهة الفيضانات، مشاعر شعبية ورسمية عبرت عن واقع المودة والأخوة، والعلاقة التاريخية المستمرة، التى قامت دائما على التعاون والتكامل والمشاركة.
التكامل المصرى السودانى، يقوى علاقات الثقة والتقارب، ويخدم مصلحة الشعب فى وادى النيل، بل إنه يؤكد دائما قدرة شعب وادى النيل على تطوير تعاونه، وإنتاج الكثير من الفوائد لكل الأطراف، بل ويمكن لمصر والسودان أن يكونا نواة لبناء علاقات قوية ومفيدة لكل دول حوض النيل، وصولا إلى ضمان مصالح كل الأطراف وحقها فى التنمية والتقدم، وأن يتم كل هذا بمراعاة مصالح الأطراف المختلفة، وتثبت التجربة أن الرؤية المنطلقة من التعاون هى التى تنتصر دوما، على الرؤى التى تقوم على الصدام أو التناحر.
ومن المؤكد أن إعلان الشراكة المصرية السودانية فى الإنتاج الحيوانى والزراعى والصناعى، هو تحقيق لحلم مستمر، يدعم من علاقات الأخوة ويدعم المصالح المشتركة.