يكشف معرض غير مسبوق فى باريس شغفاً كبيراً بالأنغام الشعبية لدى الرسام الإسبانى الشهير بيكاسو، وميلاً لاستكشاف الآلات بدقة، كما يضيء خصوصاً على موهبة حقيقية فى ابتداع موسيقى صورية، برغم أن بيكاسو لم يكن شغوفاً بالموسيقى ولم يكن فى وسعه قراءة توليفة موسيقية وهو لم يكن بحاجة إلى الموسيقى للعمل، بحسب ما تقول القيمة على معرض "موسيقى بيكاسو"، سيسيل جودفروا، فى حرم أوركسترا باريس الفلهرمونية، المقام من 22 سبتمبر وحتى 3 يناير.
إحدى لوحات بيكاسو
وأضافت جودفروا، كما أن أعمال الفنان الذى يعد من الأشهر فى العالم والذى كان محور معارض لا تحصى "عامرة بالآلات الموسيقية والموسيقيين والرقص"، وقبل أربع سنوات استندت مؤرخة الفنّ هذه إلى تصريح نسبته الصحافية الفرنسية إيلين بارمولان، فى الستينات إلى بيكاسو يبدو متناقضاً مع واقع الحال مفاده "لا أحبّ الموسيقى.
ويجمع هذا المعرض الذى أُجل خمسة أشهر بسبب الوباء أكثر من 250 عملاً على صلة بالموسيقى، منها لوحات مثل "كمان ومخطوطة موسيقية" و"طبيعة ساكنة على البيانو" و"امرأة مع دف"، وثلاث منحوتات بيضاء لعازفين على أنواع مختلفة من الناى، حسب ما ذكر وام 24، ناقلا عن وكالة الأنباء الألمانية، وقد صنعت هذه المنحوتات لحديقة منزله "لا كاليفورنى" على الساحل الشرقى لفرنسا، حيث مكث فى الخمسينات.
وقد يعزى هذا الإعجاب إلى طفولته التى أمضاها مع والده خوسى رويس بلاسكو الشغوف بموسيقى الفلامنكو، وهو كان يتسكع فى طفولته فى أحياء مالقة "مسقط رأسه" الغجرية برفقة والده، وقد أثّر فيه ذلك كثيرا، حسب جودفروا، ونمى فيه حبّه للموسيقى الشعبية التى كان يستمع إليها فى شوارع برشلونة أو حى مونمارتر الفرنسى حيث أقام فى العام 1909.
وهذا النمط الموسيقى "الصاخب والمنفتح والأخوى" يتجلى فى أولى لوحات بيكاسو خصوصاً من خلال شخصية المهرج "أرليكينو" الذى يعزف على قيثارة صغيرة فى إحدى اللوحات الزيتية.
ولا عجب فى أن يكون الجيتار، مع ما يحمله من مدلولات إلى بلده الأم إسبانيا، الآلة الموسيقية المفضّلة لبيكاسو "1881-1973"، بحسب القيمة على هذا المعرض الذى يقدّم للمرّة الأولى نحو عشرين آلة نفخ هوائية وآلة وترية كان بيكاسو يجمعها ليدرسها بدقّة كبيرة، وفى الفترة التكعيبية، كان الفنان الذى أمضى الجزء الأكبر من حياته فى فرنسا يفكك الآلات ويعيد تركيبها.
وقد لا يكون بيكاسو الذى كان على علاقة لمدة 20 عاما تقريبا براقصة الباليه أولجا خوخولوفا وربطته صداقة بكبار الموسيقيين، من أمثال إريك ساتى وإيجور سترافينسكى من كبار هواة الموسيقى، غير أنه يظهر لنا بوضوح أن كل ما له صلة بالموسيقى كان يثير إعجابه"، بحسب غودفروا.
فأعماله، على اختلاف أنواعها، تزخر بالموسيقيين وراقصات الباليه، وهو احتفى بالموسيقى وكانت أعماله الأخيرة غنية بالشخصيات والحيوانات الميثولوجية التى تفيض طاقة وحيوية و"تصدح" بموسيقى صورية تنم عن مكنونات حياة الفنان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة