المساجد والكتاتيب رهان الجماعة الإرهابية لاصطياد التلاميذ محل التجنيد.. الإخوان تلجأ لشركة تكنولوجيا متخصصة للحصول على إحصائيات عن خريطة استخدام مواقع التواصل وفئات المستخدمين واهتماماتهم لوضع خطة الاستقطاب والوصول لأكبر عدد من المستهدفين
ربما يكون السؤال الأن، لماذا تركز جماعة الإخوان الإرهابية على المساجد ومراكز الدروس الخصوصية لتجنيد التلاميذ والطلاب؟، الإجابة أكدته تفاصيل خطة الجماعة للتجنيد، وهو أن هذه الأماكن سيجعل مهمة العناصر الإخوانية المكلفة بالفرز والانتقاء والاستيعاب والتوجيه أسهل، لأن تلك الحالة تضمن معروضا أكبر وبيئة مؤهلة للتواصل المباشر والتفاعل الخلاق، مع ما يوفره هذا من فرص للتجاوب والتقييم على نطاق أوسع وأكثر تنوعا، إضافة إلى نقطة أخرى مهمة أبرزتها الخطة، فالجماعة تنظر إلى مراكز الدروس الخصوصية، وإلى المساجد، باعتبارها المساحات الأكثر أمانا للعمل الدعوى والتربوى وأنشطة الاستقطاب، بعيدا عما يُسمونه «الضغوط والمطاردات الخارجية» التى يفسرونها بالرفض الشعبى من بعض الفئات إلى جانب الملاحقات الأمنية وتضييق المؤسسات والهيئات الحكومية، فالجماعة فى الوجه القانونى مصنفة تنظيما إرهابيا، والعمل الدعوى داخل المدارس ممنوع بحكم القانون، لذا فإن الاستهداف يتوجه بالدرجة الأولى إلى المدارس التابعة، أو مدارس الجمعيات والتيارات الدينية، ثم إلى الساحات البديلة والمنافذ التى تتوافر فيها عناصر تابعة أو متحالفة، على أن يكون التعامل بحذر مع بقية المدارس الحكومية والخاصة، واستكشاف طرق النفاذ إليها والعمل داخلها بشكل منظم ومتدرج، وتعويض الخسارة فيها بتعزيز الرهان على الأماكن البديلة.
ويؤكد مصدرنا داخل الجماعة، أن من ضمن الأهداف التى دفعت الإخوان إلى وضع مراكز الدروس الخصوصية والمساجد ضمن أهدافها، أنها تعتبر من أخصب أماكن العمل الدعوى والتربوى، وطالما اعتمد عليها التنظيم فى إعداد الصف والكوادر الجديدة، كما تسهم فى تحقيق فاعلية أكبر عبر الأجواء التعليمية أو الروحانية وتأثيرها النفسى على عملية التلقى والتأهيل، وإضافة إلى ذلك فإنها «مكان نموذجى» بحسب تصورهم لتعويض الدور التربوى المفقود للمدرسة والأسرة، ولا يرتبط العمل فيها بحيز زمنى أو قيود تنظيمية رسمية كحال المدارس، فالمساجد مفتوحة على مدار اليوم، ومراكز الدروس تعمل طوال العام سواء خلال فترة الدراسة أو بعدها، لذا فإنها ساحات مثالية لضمان أطول اتصال بالمستهدفين بدون قيود أو محاذير، ما يسمح بتمرير مناهج الاستيعاب والانتقاء والتأهيل وإعداد الكوادر المطلوبة بشكل جيد ومكتمل.
وحتى تستطيع الجماعة تنفيذ خطتها، فإنها حددت ضمن عناصرها مجموعة من الإجراءات والوسائل يلجأ إليها عناصر «وحدة الشرائح» واللجان الفرعية والأجنحة التابعة، منها برامج التحفيز ومسابقات العمل الفردى، وبعض الأدوات مثل «خاطرة قبل الحصة» و«حمامة المسجد» وغيرها، إضافة إلى تنظيم حلقات نقاش ومقارئ قرآن، وإجراء نشاط يومى عنوانه نشر القيم الأخلاقية والارتقاء بالعبادات والمعاملات، وتنظيم رحلات كشفية أو زيارات للمتاحف ولقاءات متبادلة وأنشطة مشتركة، لزيادة الأُلفة وتوثيق الروابط بين المشرف أو المعلم وطلابه، وبين الطلاب وبعضهم، والمشاركة فى أنشطة الوحدة المتنوعة وتحفيز الطلاب على دعوة زملائهم للانخراط فى الفعاليات والمسابقات والأيام الرياضية وحلقات السمر، ومن داخل تلك العملية يجرى الانتقاء والاستيعاب والتأهيل، مع توظيف مواقع التواصل الاجتماعى والصفحات التابعة فى ضمان استدامة التأثير والاتصال مع المستهدفين حتى خارج الأماكن البديلة.
7 مراحل تجنيد لإعداد الكوادر الطلابية
حددت خطة الإخوان لاستهداف الأماكن البديلة للمدرسة سبعة أهداف يعمل عناصر الجماعة على تحقيقها، واللافت فى تلك الأهداف أن كلا منها عنوان لمرحلة يمر بها الطالب المستهدف، فإذا اجتاز المرحلة الأولى ينتقل إلى الثانية وهكذا، وصولا إلى المرحلة الأخيرة التى يكتمل معها التأهيل ويكون الطالب عنصرا فاعلا داخل المجموعات النوعية، وعضوا نشطا بالجماعة أو لجانها وأجنحتها.
تبدأ الأهداف بعنوان «إيصال دعوة الله إلى عموم الطلاب»، ويُعلق مصدرنا على ذلك بأن تلك الصيغة من تمرير أفكار الجماعة عبر حمولات دينية وعقائدية من ثوابت التربية والدعوة داخل الإخوان، فمن خلاله يُمكن العبور الناعم لا سيما أن الجماعة لا تُحبذ الكشف عن نفسها مبكرا للمستهدفين، لذا فإنها تحاول الظهور أمام الطلاب بأنها لا تتحدث فى السياسة ولا تحمل أية أهداف أخرى إلا الدعوة والقيم والتربية والارتقاء بالأخلاق، من خلال تعليم الطلاب بعض الأمور الخاصة بالدين، سواء أركان الصلاة أو المعاملات الدينية الأخرى فى حياتهم الشخصية، وفى إطار اندماجهم فى المجتمع، بحيث لا يظهر لأحد الهدف الحقيقى الذى تسعى له الجماعة، لكن فى الوقت نفسه تستطيع عناصر الجماعة من خلال تلك المرحلة وضع يدها على الطلاب الأكثر استعدادا للتجاوب والأكثر تأهيلا للانتقال إلى المراحل التالية.
استخدام العمل الدعوى هدفه توسيع دائرة العمل والانتشار للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الطلاب، والانتقال لثانى المراحل المتمثلة فى بداية العمل الجاد للتأثير على الطلاب واستقطابهم، سواء من خلال المدرس أو الشيخ الذى يلقى دروسا فى المسجد، أو من خلال المعلم ومُيسّر النشاط بالمدرسة أو مركز الدروس، وبعدها تبدأ المرحلة الثالثة والأخطر، ففيها تتدخل عناصر إخوانية أخرى كانت تراقب أداء الطلاب خلال المرحلتين الأولى والثانية لانتقاء واختيار من يرونهم الأكثر ميلا للتجاوب مع الجماعة، وتُسمّى هذه المرحلة من الخطة «الاختيار الأمثل من وسط المجموع».
بعد وضع الجماعة يدها على المختارين من الطلاب تبدأ المرحلة الرابعة، وهى تربية كوادر وقيادات طلابية، وهنا تبدأ الخطة فى الإعلان عن نتائجها ومؤشرات تقييمها، فالاختيار وقع بالفعل على عدد من الطلاب المستهدفين الذين تأكدت الجماعة من أنهم مؤهلون للانخراط فى الأنشطة والمسارات النوعية والتنظيمية، والاضطلاع بأدوار قيادية داخل مجموعتهم أو فى وحدة الشرائح وفروعها، بعدها تنطلق مرحلة جديدة تستند إلى فرز القيادات المرشحة وفق المهارات والتمايزات الفردية، وتنمية تلك القدرات وصقلها، حتى يمكن للجماعة توظيفها بشكل فعال والاستفادة منها على الصورة المثلى، وتُسمّى تلك المرحلة حسب الخطة «اكتشاف المواهب وتنمية المهارات والاستفادة منها». وأخيرا تأتى مرحلتان وضعتهما الجماعة كأداة تعزيز للقدرات والمهارات واختبار صلابة وكفاءة العناصر المنتقاة، فمن خلال مجموعات خاصة يجرى توجيه المرشحين، أولا من أجل «حصر الظواهر السلبية لدى بعض الكوادر المختارين ومحاربتها»، وثانيا سعيا إلى تدريبهم وتنشيط قدراتهم وإكسابهم المهارات اللازمة من أجل «الحماية وتجنب الهجمات الشرسة والرد عليها بكفاءة وفاعلية».
new25
عناصر خطة الأماكن البديلة
تستند رؤية استهداف الأماكن البديلة للمدرسة ضمن خطة «وحدة الشرائح» إلى أربعة عناصر: المعلمين والمعلمات، والطلاب، والمشرفين، ومسؤولى المكاتب الإدارية، وحددت الخطة أدوارا واختصاصات واضحة لكل منهم، وأهدافا مرحلية واستراتيجية للتنفيذ، إضافة إلى آليات لتوسيع عدد المتعاونين والنفاذ إلى مزيد من الأماكن عبر استكشاف المتعاطفين أو توظيف الغضب السياسى فى شحن القائمين على تلك الأماكن ضد ممارسات النظام.
وتحدثت الخطة عن دور المعلمين والمعلمات داخل مراكز الدروس الخصوصية، لتشير فى البداية إلى جانب معنوى عبر حثهم على ما أسمته «استحضار النية فى كل قول أو عمل مع طلابك»، ثم توجه لهم رسالة مُباشرة: «تذكر أنك صاحب رسالة، وشريك فى التربية، تربطك بالطلاب علاقة الأب والمعلم والشيخ، وعليك تقديم القدوة لطلابك، واستخدام أساليب تعزيزية وتشويقية تتناسب مع الموقف التعليمى، وطبيعة الطلاب، وتحقق الهدف الأسمى»، وتشدد كذلك على ضرورة «التحلى بشعور المسؤولية خلال انتقاء الطلاب وتقييمهم وتربيتهم دينيا واجتماعيا وخلقيا ونفسيا وروحيا»، إذ إن دور المعلم يقوم على تربية الطلاب على مبدأ الجدية فى الحياة، وغرس قيمة الوقت، والالتزام بأوامر المعلم، ومشاورة الزملاء والانحياز لرأى الجماعة، وتشجيع روح التنافس الشريف فى تحصيل العلم والتفوق. ولم تكتف الخطة بالرسائل المعنوية للمعلمين والمعلمات، وإنما حددت لهم دورا عمليا مهما خلال تنفيذ مراحل الخطة، وهو «زيادة المعايشة مع الطلاب، وبين الطلاب وبعضهم، من خلال التواصل المباشر وبالأنشطة، وتبادل الزيارات واللقاءات، ومتابعة صفحاتهم وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، حتى يكون المعلم على دراية كاملة بأحوال الطالب وكل تفاصيله وتطورات حياته، ويجيد التواصل معه واستقطابه وزرع القيم المطلوبة فى نفسه، وأن يدعم كل هذا بالمؤازرة والمساندة وأن يكون إلى جانب الطالب فى أى أزمة، حتى يشعر أنه ليس وحيدا، فيزيد تعقله بمعلمه وتقبله لما يزرعه فى نفسه».
ومن المعلمين والمعلمات إلى المشرفين، إذ تُحدد الخطة أن مهمتهم «إعداد ملف خاص لكل طالب يتضمن رصدا تفصيليا للتطورات ومستويات التقييم والصعود، والمراحل التى عبرها، ومستوى تفاعله مع أهداف وحدة الشرائح ومناهجها»، وغير ذلك من الأمور التى قد تظهر خلال التنفيذ، مع رصد تحركاته الشخصية وعلاقته بمعلميه وزملائه، ومدى قدرته على العمل الدعوى أو الإعلامى أو الحركى، سواء فى إطار جماعى أو فردى. كما تتضمن تقارير المشرفين مدى التزام الطلاب بالأوامر والتوجيهات، والانتظام فى الدراسة، والمستوى التعليمى والعقلى، وهل أصبح مؤهلا لأن يكون قدوة لزملائه أم لا، وقدرته على نشر الخير والرسائل التى يتلقاها بين زملائه وعلى مواقع التواصل، وعلاقته بالوقت وهل لديه حرص على الاستفادة منه وقدرة على تنظيمه أم لا!
يُعلق المصدر على تلك التفاصيل بالإشارة إلى أنها لا تختلف كثيرا عما نفذته الجماعة مع أجيالها السابقة، فطالما كانت تسعى لأن تكون على دراية تامة بكل شىء عن عناصرها، والمتابعة الدائمة والدقيقة لأخبارهم وتحولاتهم. وإلى جانب إعداد التقارير الخاصة بالطلاب، فإن المشرفين مسؤولون أيضا عن المحافظة على اللقاء التربوى، وتدريب الطلاب على الدعوة الفردية، وحضور الأنشطة والفعاليات التى يجرى تنظيمها فى مراكز الدروس الخصوصية أو المساجد، ومتابعة واستثمار «السوشيال ميديا» التابعة للجماعة يوميا، ومتابعة علاقة الطلاب بها، والأهداف والمستهدفات الموضوعة والاتفاق عليها، والتدخل فى حالة الضرورة لإزالة أى عقبة أو مشكلة.
وحددت الخطة دور مكاتب الجماعة فى المناطق والوحدات الفرعية، بحيث يكون هناك تنسيق بين الجميع، وهذا الدور يقوم على توصيل الدعم للمشرفين والمعلمين والمعلمات والطلاب، ومتابعة تنفيذ المستهدفات، وتوفير الإمكانيات التى يحتاجونها سواء كانت مادية أو بشرية. كما حددت دور المكاتب الإدارية على صعيد التنسيق مع المعلمين والأخوات والتربية، ومتابعة جهود كل منها. وانتهت الخطة بوضع مجموعة من المقترحات للتنفيذ من خلال قيادات المكاتب الإدارية بالمحافظات، والشُّعَب التابعة لها، منها التواصل مع إدارة «السنتر» أو بعض المشرفين حسب ظروف كل مكان، والتواصل مع المعلمين القريبين من الجماعة، ووضع وتطوير المناهج دوريا، واستنباط وسائل وآليات عمل واتصال واستيعاب وتأهيل مبتكرة ومناسبة لكل فئة من الطلاب، والتواصل الدائم مع المستهدفين من خلال المشرف أو المعلم أو مسؤول وحدة الشرائح الفرعية، وتشكيل فرق عمل لكل منطقة تتابع خريطة الأماكن وأعداد المستهدفين ومستويات استجابتهم، والعمل على ربط الطلاب المختارين للمراحل التالية ببعضهم داخل المكان الواحد وبين الأماكن القريبة وعبر مواقع التواصل، والتوسع فى تدشين صفحات ومجموعات عبر «فيس بوك» و«واتساب» وغيرهما لضمان سرعة الاتصال وكفاءته، والانتظام فى الأنشطة والمسابقات والفعاليات النوعية لتحفيز الطلاب وربطهم بمجموعات وحدة الشرائح، ثم بالجماعة نفسها مستقبلا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة