ملفات عدة يديرها مكتب الأمم المتحدة المعنى بمكافحة المخدرات والجريمة، أطلعينا على أبرزها، واستراتيجية المنظمة فى مكافحتها والتغييرات التى فرضتها أزمة كورونا؟
نقدم الدعم لأكثر من 103 دول من خلال شبكة مكاتب ميدانية تم إنشاؤها فى 84 دولة، لكن أزمة كورونا خلقت الكثير من التحديات، فزيادة معدلات الفقر وعدم الاستقرار أدى إلى تعرض الناس إلى السقوط فى هَاوية الأنشطة غَير المشروعَة والانخراط فى المخدِرات والجريمة والتطرف وتَعمَل الجماعَات الإجرامية على استغلال الفِئات الضَعيفة التى يمكن أن تَقَع فَريسة للاتجار بالبشَر، أو تجنيدهم على أيدى الجماعَات الإرهابية.
ما هى الملفات التى تعمل عليها المنظمة فى مصر.. وما هى طبيعة التنسيق مع الحكومة؟
نتعاون مع الحكومة المصرية فى مواجهة العديد من التحديات والمخاطر التى تشكّلها الجريمة المنظمة والإرهاب والفساد والمخدرات والتى لها تأثير على السلام والأمن والتنمية فى البلاد، كما تدعم الجهود الوطنية الرامية لبناء تدابير العدالة الجنائية القائمة على سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان، بما فى ذلك حقوق الضحايا، فضلا عن اتباع نَهج مُتَوازن حَول الصِحة فيما يتعلق بمشاكل المخدرات وإعادة تأهيل الأحداث من خلال برامج لإعادة إدماجهم فى المجتمع.
تواجهين مهام كبرى فى منصبك.. هل يشكل ذلك تحديا كونك امرأة ومصرية؟
عندما توليت المنصب شعرت بالفخر لكونى أول امرأة مصرية عربية أفريقية يتم تعيينها على رأس مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة، ولذا فإن من أهم أولوياتى زيادة دعم المكتب للدول الأعضاء من أجل تحقيق مزيد من المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وعلى الصعيد العالمى، تُعَد مُشكلة المخدِرات من أكثر التحديات التى تواجهها المرأة، حيث إن هناك امرأة واحدة من بين كل ثلاثة مُتعاطين للمخدرات، بينما توجد امرأة واحدة فقط من بين كل خَمسة أشخاص يَتَلقون العِلاج، وذلك نتيجة التمييز والوصم الذى تواجهه المرأة فى أنحاء كثيرة من العالم، هذا بالإضافة إلى أن أكثر من 70% من ضحايا الاتجار بالبشر هم من النساء والفتيات.
تستعد مصر لاستضافة مؤتمر دولى لمكافحة الفساد.. ما هى تفاصيله؟
بالفعل ستستضيف مصر الدورة التاسِعة لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد فى شرم الشيخ فى نوفمبر 2021، وهو أكبر تجمع فى العالم للحكومات والممارسين فى مجال مكافحة الفساد باعتباره الجهاز الرئيسى لصنع السياسات فى الأمم المتحِدة فى مجال منع ومكافحة الفسَاد، ويعقد المؤتمر كل عامين، وقد شارك فى دوراته السَابقة ما يَصل إلى 1700 مندوب من نحو 170 دولة، يمثلون الحكومات والمنظمات الدولية ومختلف أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، فضلا عن مؤسسات المجتمع المدنى.
ما أبرز النقاط التى تناولها تقرير مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة فى جلسة مجلس الأمن الأخيرة عن الإرهاب؟
أعاد التقرير تسليط الضوء على مجموعة واسعة الصلات بين الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود ومنها الاتجار فى المخدرات والأسلحة النارية والممتلكات الثقافية والموارد الطبيعية والاختطاف من أجل الفدية والسِرقة والاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، والتى تعد من مصادر تمويل الإرهاب، وأشار التقرير إلى حالات المقاتِلين الإرهابِيين الأجانب الذين يشاركون فى أنشطة إجرامية منظمة وإمكانية تورط جماعات الجريمة المنظمة فى تيسير تَسلل وتَهريب الإرهابيين عبر الحدود.
ما الإجراءات التى اتخذتها الدول الأعضاء لمعالجة الصلة بين الإرهاب والجريمة المنظمة؟
مكتَب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة مكلف - وفقا لاختصاصاته - بمساعدة الدول الأعضاء على تعزيز التصدّى للجريمة والفساد والإرهاب، ودعمها عملا على تفعيل الاتفاقيات والمبادئ والمعايير الدولية ذات الصلة. وعليه، فتَتَمثل أوجُه الدَعم فى المجالات التَشريعية ووضع السِياسَات وخطط العَمل التنفيذية استجابة للتحديات التى تواجهها تلك الدول، ويشمل ذلك على المستوى التَشريعى: التصديق على الاتفاقيات والبروتوكولات القانونية الدولية ذات الصلة ووضعها حيز النفاذ، وعلى المستوى المؤسسى: مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والفَساد عن طريق تعزيز بناء القدرات الفنية لوحدات الاستخبارات المالية الوطَنية، وتعزيز أمن الحدود الوطنية والتَعَاون عَبر الحدود، ومنع التطرف فى السجون، فضلا عن التصدى للطلب على المخدِرات والاتجار غير المشروع بها وفقا لاستِجابات مُتَوازنة مؤسسة على مراعاة الاعتبارات الإنسانية والاجتماعية.. ومن هذا المنطَلق فإن تقديمنا للمُساعدة الفنية ومُشاركتنا مع الأطراف المعنية لتعزيز الاستجابة الشاملة التى ترتكز على دعم ومُساندة الضَحايا هو أمر ضَرورى للتَصدى لمحاولات جماعات الجريمة المنظمة والكيانات الإرهابية لاستغلال نقاط الضعف، لا سيما تلك التى أوجدتها أزمة كوفيد-19، للقيام بأعمالها الإجرامية.
ما خطة المكتب فى إشراك المجتمعات ضمن جهود مواجهة التطرف؟
تعد مشاركة المجتمع المدنى أمرا داعما لأى جهود تبذل من أجل التصدى بشكل شامل وفعال لمخاطر وتحديات التطرف والإرهاب بجميع أشكالِه، ولا شك أن الشباب فى جميع أنحاء العالم يلعبون دورا مهما إلى جانب دعاة تحقيق العدالة من النساء والرجال الذين نجوا من الأعمال الإرهابية، ويدعم المكتب استحداث تدابير شاملة لمواجهة التطرف والإرهاب تشمل كلا من الحكومات والمجتَمعات، ويدعم المكتب مساعدات ميدانية بصفة خاصَة فى مجالات دعم ضحايا الإرهاب والشباب وتمكين المرأة ونشر الوعى لمراعاة الفوارق بين الجنسين فى إجراءات العدالة الجنائية، ما يسهم فى تنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، وعلى سبيل المثال، عمل المكتب بالتَعاون مع منظمَات المجتمع المدنى فى المغرب والجزائر لتقديم دورات تدريبية لمنظمات المجتمع المدنى فى العراق حَول كيفية التَعامل مع أسر المقاتلين الإرهابيين الأجانب، ودعم الجهود للحيلولة دون تجنيد الشباب.
ما هو دور المنظمة فى مكافحة الجرائم ضد الأطفال؟
يعمل المكتب على مُساعدة الدول فى منع التهديدات المستمرة والمستجدة التى يتعرض لها الأطفال، بما فى ذلك التحرش الجنسى والاستغلال عبر الإنترنت، كما يدعم المكتب الدول الأعضاء على مكافحة تجنيد الأطفال واستغلالهم من قبل الجماعات الإجرامية والمسلحة بما فى ذلك الجماعات الإرهابية والمتطرفة.
ماذا عن مكافحة الاتجار بالبشر؟
يعد الاتجار بالبشر جريمة عالمية واسعة النطاق يُستَغَل فيها الرجال والنساء والأطفال من أجل تحقيق الربح، والفقراء والمستضعفين واليائسين الذين يبحثون عن حياة أفضل، هم أكثر الفئات عرضة للخطر وللاستغلال من قبل شبكات الاتجار بالبشر، ورغم الجهود المبذولة لمكافحة الاتجار بالبشر، لا تزال هذه الجريمة مُستترة فى ظل وجود ثغرات تتيح الإفلات من العقاب. والمكتَب هو المسؤول عَن التَعَاون مَع الدول الأعضاء ودَعمها لتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحَة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والبروتوكولات الملحقة بها، وهى الأدوات القانونية الرئيسية التى يَسترشِد بها العالم لمكافحة الاتجار بالبشر على مَدى السنوات العشرين الماضية، ومن المقرر صدور تقرير بنهاية 2020.. ومن المنتَظَر أن يلقى التقرير الضَوء على وضع الاتجار بالبشر الذى سوف تسترشِد به الدول للعمَل للتَصدى لهذه الجريمة. كما يقوم المكتب بدور رئيسى فى رفع مستوى الوعى حول مسألة الاتجار بالبشر وتأثيرها عَلى المجتمعات من خلال حملة «القلب الأزرق» التى تدعمها جمهورية مصر العَربية منذ عام 2018، كما يدير المكتب صندوق الأمم المتحِدة للتبرعات لضحايا الاتجار بالأشخاص من النساء والأطفال وتقديم المساعدة المباشرة إلى 3500 ضحية سنويا فى أكثر من 40 دولة، وتنسيق عمل الفريق الخاص للوكالات المعنية بمكافحة الاتجار بالبشر الذى يضم 27 وكالة.
تابعنا وقائع فساد تتعلق بمعدات طبية تستخدم فى مكافحة كورونا.. فما هى خطتكم لمواجهة ذلك؟
الفساد فى نظم الصِحة العَامة مشكلة عالمية تفاقمَت تداعياتها مع أزمة كورونا، ويبرز ذلك عند الحاجة الملِحة للأدوية ومعدات الوقاية، ودَعا المكتب إلى ضَرورة زيادة مُستويات المسَاءلة داخِل السلطات والأجهزة المعنية بشراء الأدوية واللوازم الطِبية وتوزيعها، وتدعم المنظمة التوجه نَحو وَضع مجموعة من التوصيات المشتركة بشأن الممارسات فى مجال شراء المنتجات الطبية ونُواصِل التَعَاون مع منظمة الصِحة العالمية والإنتربول وغيرهما بهدف التصدى لهذه الوقائع.
مكافحة المخدرات والتوعية من آثارها مهمة معقدة.. ما هى أهم تحركات المكتب لتحقيق ذلك؟
تستخدم أكثر من 100 دولة فى جميع أنحاء العالم، بما فى ذلك مصر، نظام الإنذار المبكر عن المؤثرات العقلية الجديدة التابع للمكتب الذى قام برصد أكثر من 1000 مادة من تلك التى تستخدم فى تصنيع المؤثرات العقلية المستَحدثَة، ما سيساعد على توجيه الاستجابات والإجراءات المتعلقة بسياسات التصدى والمكافحة على نحو دقيق وفى الوقت المناسب.
هل شراكات القطاع العام والخاص لها دور فى مواجهة عمليات غسل الأموال؟
كلاهما له دور مهم خاصة فى المرحلة الحرجة عندما يتم إدخال الأموال غير المشروعة فى النظام المالى، وفى ذلك الحين يصبح القطاع الخاص خط الدفاع الأول ضد هذا النشاط الإجرامى، ولهذا السبب، وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، يجب على المؤسسات المالية وغيرها من الكيانات التابعة للقطاع الخاص أن تتخذ تدابير لمكافحة غسل الأموال، بما فى ذلك إجراءات العناية الواجبة المتعلقة بالأفراد الذين يتعاملون مع تلك المؤسسات وسجلاتهم بما فى ذلك رصد المعاملات وإبلاغ السلطات بالمعاملات المشتبه بها.
الدكتورة غادة والي
ما هو دور المنظمة فى حماية الموانئ البرية والبحرية والمطارات ومَدى تنسيقها مع حرس الحدود؟
تشكل الإدارة الفعالة للحدود والتَعَاون القوى والوثيق عبر الحدود جزءا لا يتجزأ من الحلول التى تهدف إلى وقف الاتجار بالأشخاص والمخدرات والأسلحة النارية وعائدات جرائم الحياة البرية وغيرها من الأنشطة الإجرامية المنظمة والعابرة للحدود الوطنية.هل كان هناك دور للمنظمة بالتنسيق مع الحكومات فى إدارة السجون وسط أزمة كورونا؟
لقد مثلت أزمة كورونا تحديا خطيرا لإدارات السجون فيما يتعلق بالحفاظ على صِحة وسلامة السجناء وموظفى السجون على حد سواء، ومن ثَم فإن الكثير من السجون حول العالم كانت معرضة لأن تشهد انتشارا سريعا للوباء وتفشى العدوى، وبناء على ذلك، أصدر المكتب بصفته المعنى بتطبيق قواعد نيلسون مانديلا، توجيهات إرشادية بشأن التعامل مع الجائحة وشَارك مع إدارات السجون والمؤسسات الإصلاحية الوطنية فى أكثر من 50 دولة فى تعزيز تدابير الوقاية ضد انتشار العدوى فى السجون؛ وتشجيع زيادة استخدام بدائل السجن فى الحالات المناسبة بهدف الحد من التكدس وعَمَلنا بشكل وثيق مع منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعنى بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز فى هذا المجال مِن خِلال توفير التوجيه الفنى والتدريب عن طريق شبكة الإنترنت.