يعد كتاب "الأدب الإنجليزى" مقدمة قصيرة جدًا للباحث وكاتب السير الذاتية الشهر جوناثان بيت، مقدمة رائعة إلى الأدب الإنجليزى من خلال الإبحار عبر ألفى عام من تاريخ الأدب والأنواع الأدبية كافة.
ويشمل تركيزه نطاقا واسعا، ينتقل فيه من نشأة الرواية وازدهار الكوميديا الإنجليزية إلى أصالة الطابع الإنجليزى المترسخ بعمق فى شعر الطبيعة والتنوع العرقى للحائزين على جائزة نوبل فى الأدب فى بريطانيا، ويقدم بيت أيضا تحليلا متعمقا، يتضمن تفسيرات محكمة بدءا من مشهد استثنائى رائع فى مسرحية "الملك لير" إلى قصيدة عن الحرب لكارول آن دافى، ومجموعة من الأمثلة البارزة لطبيعة التغيرات التى تطرأ على مدلول النصوص الأدبية أثناء انتقالها من الكاتب إلى ذهن القارئ.
يركز الباحث فى الفصل الأول على تعريف الأدب وضرورته، فالأدب يقرأ مرة تلو الأخرى مثل رواية "جين إير" لشارلوت برونتى بينما لا تقرأ الرواية البوليسية سوى مرة واحدة، أما الاختبار الوحيد للعظمة الأدبية فقد حدده صمويل جونسون بـ "مدى الاستمرارية ودوام التقدير" (ص8).
وإذا كان الناس فى مختلف الأعمار يحبون القصص ويجدون ضالتهم فيها فإن الأطفال هم الذين يتلذذون بها، ويفهمون العالم من خلالها شرط أن تكون أدبًا مثل "رحلة الحاج" لجون بانيان، و"روبنسون كروزو" لدانييل ديفو وغيرهما من الأعمال التى حققت شهرة كبيرة ويمكن قراءتها عبر الأجيال لأنها تنطوى على عناصر النجاح المتمثلة بالسرد القصصى ووصف الشخصيات الروائية وجودة الكتابة، يجب ألا ننسى البذرة المهمة التى زرعها الباحث فى هذا الفصل وسوف تنمو فى الفصول اللاحقة ومفادها بأن إنجلترا هى أمة هجينة، ومتعددة الأعراق.
يتمحور الفصل الثانى على ماهية الأدب، فهى من وجهة نظر ليفيس وديكنز أيضًا "أمر تعرفهُ عندما تمر به" (ص88)، وهى خطابات مكتوبة، و"مجموعة من أعمال الفن الإبداعى" بحسب دى كوينسى.
ثم توالت الإضافات لتحديد معنى الأدب الذى يهدف إلى "التعليم والإمتاع" ويعزز الجانب الجمالى أكثر من الجانب المعرفى، ثم شددوا على أهمية الشكل والتقنية فليس مهمًا "ما يقال"، وإنما "كيف يُقال؟"، ثم شبهوا العمل الفنى بالكائن الحي، القادر على التطور، والتكيّف مع الظروف الثقافية الجديدة.
يُعدّ شكسبير علامة فارقة فى تاريخ الثقافة الإنجليزية، وخصوصًا تراجيدياته الأربع، فقد قال صمويل جونسون إن «الملك لير» هى أكثر مسرحية «تثير مشاعرنا، ويتمتع تدفق خيال الشاعر بالقوة» (ص109). وقال عنها تشارلز لامب: «عندما نقرأها لا نُشاهد لير، بل نُصبح لير نفسه» (109). لم يتوقع شكسبير أن تُخلّد أعماله الدرامية فى نسخ مطبوعة، وسوف يُدهش إذا اكتشف أن مسرحياته قد تحولت إلى أدب. لقد تفوق شكسبير على أسلافه جون ليلي، وتوماس كِد، وكريستوفر مالرو لكن يظل رأى كوليردج مثار جدل فى مسرحية «الخيميائي» 1610 لبِن جونسون التى اعتبرها «الأعظم حبكة فى تاريخ البشرية لكنه أخفق فى كتابة التراجيديا» (ص114).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة