مع اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيرروس كورونا، المنتشر فى مختلف دول العالم، يسير العمل فى المتحف المصرى الكبير بشكل منتظم، مع تطبيق كل تعليمات الدولة لعدم تفشى الفيروس، واستطاع "اليوم السابع" عمل جولة داخل أحد معامل ترميم المتحف الكبير وهو "معمل الآثار العضوية".
وقال الدكتور أحمد الشيخة، أخصائى معمل الآثار العضوية بمركز الترميم بالمتحف المصرى الكبير، إن المعمل من أهم المعامل الموجودة بمركز الترميم يحتوى على قطع أثرية سواء من أصل نباتى مثل البردى والكتان والألياف، أو حيوانى مثل العظم والجلد، ويتم التعامل معها على أعلى مستوى من الدقة خلال أعمال الترميم.
وأوضح أحمد الشيحة، فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، أن التعامل مع القطع الموجودة بمعمل الآثار العضوية يجب أن يكون بحرفية شديدة، نظرا لأن تلك القطع هشة للغاية، فلدينا ابهر المرممين الموجود في مصر، والذين يستخدمون أحدث الطرق العلمية، حيث يتم استلام القطع من المخازن لتدخل على التعقيم، ثم يستلمها المعمل، للبدء في عمل دراسة شاملة وفحصها، والتي تستمر لعدة أيام لتجميع المادة العلمية الصحيحة والسليمة، وبعد ذلك يتم وضع خطة لأعمال الترميم ويتم مناقشتها مع الرؤساء، وبمجرد اعتمادها نبدأ أعمال الترميم، من خلال الفحص والتعرف على مكونات المادة ومدى تأثير المواد المستخدمة على القطعة.
كما يلازم أعمال الترميم لكل قطعة داخل المعمل أعمال التوثيق، بالتصوير الفوتوغرافى لمراحل الترميم المختلفة، وذلك من أجل إثبات حق المرمم في الترميم، حيث يتم استلام القطعة شبة مدمرة ويتم تسليمها كما كانت عليها في العصور القديمة، وبعد الانتهاء من أعمال الترميم والتوثيق يتم إعداد القطع للتخزين، تمهيدًا لعرضها خلال افتتاح المتحف المصرى الكبير الذى ينتظره العالم أجمع.
ومن جانبه قال صفوت محمد السيد، نائب رئيس معمل الآثار العضوية، أن ترميم الآثار العصوية بمرور الزمن المواد تتحول لمواد هشة وضعيفة، إلا القليل منها، وحتى نستطيع تحديد وقت استغراق القطعة في الترميم يتوقف على الحالة التي وصلت عليها وحالتها، وإذا كانت القطعة تحتاج إلى إزالة للأتربة والتنظيف من الممكن أن تأخذ من يوم إلى يومان، اما القطعة التي تحتاج نزع من الكرتون تأخذ ما يقرب من 10 أيام، وهناك قطعة أخرى مثل الدرع الحربى للملك توت عنخ آمون والذى استغرق شهرين من أعمال الترميم.
واستوقفنا الدرع الحربى للملك توت عنخ ىمون النادر، والذى سيتم عرضه لأول مرة بالمتحف المصرى الكبير ضمن المجموعة الكاملة لمقتنيات الملك الذهبى الصغير على مساحة 7000م.
قال اللواء عاطف مفتاح، المشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير والمنطقة المحيطة، إنه فى إطار سياسة المتحف المصرى الكبير بتخطى التحديات والصعوبات الهندسية والأثرية، والتى من بينها أعمال الترميم والتأهيل للقطع الأثرية الخاصة بالملك توت عنخ آمون وتجهيزها للعرض كاملة لأول مرة فى قاعة واحدة على مساحة 75000 متر مربع، فقد نجح فريق من المرممين المتميزين بمعمل الآثار العضوية بمركز الترميم وهم "منة الله محمد، محمد عياد ، صفوت السيد، محمد يسرى" فى تحقيق إنجاز غير مسبوق، وذلك بترميم الصدرية الجلدية الخاصة بالملك توت عنخ آمون، والتى لم يشملها الترميم منذ اكتشافها، وهى من القطع الأثرية النادرة، والتى لم يتم عرضها من قبل لسوء حالتها، حيث كانت مخزونة بمخازن المتحف المصرى بالتحرير.
وأوضح الدكتور الطيب عباس، مدير عام الشئون الأثرية، أن هذا النوع من الصدريات الحربية نادر الاستخدام فى الحضارة المصرية القديمة، وكان يتم تصنيعها من الجلد المثبت على أرضية من الكتان، وبتقنية تجعلها متداخلة مع بعضها البعض، لتوفر الحماية لمنطقة صدر المحارب، ويأتى تميز هذه الصدريات لكونها كانت من قبل مقتصرة على الصدريات المصنوعة من الوحدات المعدنية.
ومن ناحية أخرى أضاف الدكتور حسين كمال، مدير عام شئون الترميم، إن الصدرية كانت تعانى من تلف شديد منذ اكتشاف المقبرة عام 1922م، وكانت معظم الوحدات الجلدية منفصلة عن الأرضية الكتانية، بالإضافة إلى هشاشة وضعف الجلد وفقد جزء منه، ونظرًا لصعوبة ترميمها آنذاك فقد اكتفى المرمم الإنجليزى الفريد لوكس - الذى كان مصاحبًا لمكتشف المقبرة هاورد كارتر - اكتفى باستخدام شمع البرافين لتثبيت حالتها، وظلت مخزونة فترات طويلة، حتى تم نقلها الى المتحف المصرى الكبير.
وقد استغرقت خطة ترميم القطعة نحو شهرين ليتسنى دراسة أنماط وأشكال الوحدات الجلدية وتصنيفها، ومعرفة أماكن تثبيتها، باستخدام أساليب التحليل والفحص الحديثة، بالإضافة إلى استغراق شهرين فى أعمال الترميم وإعداد وسيلة التثبيت المناسبة، حتى نجح فريق المرممين أخيرًا فى تجميع هذه الصدرية ، والتى جاءت كقطعة فريدة نادرة ، وهى تظهر للنور لأول مرة بأيد مصرية خالصة، وهو إنجاز آخر يضاف إلى مجموعة إنجازات المتحف المصرى الكبير، ليقدر العالم مدى مهارة وتفانى المصريين فى حماية وحفظ تراثهم الحضارى والثقافى.
كما رصد "اليوم السابع" خلال جولته "وشاح" تم اكتشافه داخل مقبرة الملك الفرعونى الصغير توت عنخ آمون، وخلال حديثنا مع أحد أخصائى الترميم بالمعامل العضوية بالمتحف المصرى الكبير كشف لنا عن مفاجأة خلال أعمال الترميم وتوثيق والدراسة.
قالت سارة إسماعيل، أخصائى الترميم بالمتحف المصرى الكبير، إن القطعة كانت ضمن مقتنيات الملك توت عنخ آمون وتم استلامها بمعمل الآثار العضوية، وهى عبارة عن كتلة غير واضحة المعالم، وبعد الدراسات التى تتم على كل قطعة يستلمها المعمل، والفحوص والتحاليل والتصوير باستخدام اللمبات الـ Yd وRI، بحيث يتم معرفة إذا كانت الطبقات متماسكة من عدمه.
وأوضحت أنه تم وضع خدة عمل، حيث كانت الحالة متوسطة وليست سيئة، ومن المستطاع فرد القطعة، وباستخدام الأجهزة الحديثة فى المعمل مثل الالترا سكونك وهو عبارة عن جهاز بخار ماء والذى من خلاله أستطيع ترطيب القطعة وفردها.
وأشارت إلى أن القطعة بعد الفرد وصل طولها إلى نحو 4 أمتار و80 سم، واستغرق ترميمها نحو 3 أسابيع، وبعد تجهيز القطعة بالكامل بطولها على أرض الواقع، كان هناك تحدى آخر وهو كيفية تصميم حامل لطول تلك القطعة، فلا يوجد كارتون بهذا الطول وبالتالى تم عمل وصلات داخل الكارتون.
ولفتت سارة إسماعيل أنه تم تمديد القطعة على نوع من القماش، وعند فرد القطعة اكتشافنا عليها كتابات فى الجزء الأمامى من الوشاح، والتى جارى فك رموزها فى الوقت الحالى.
إحدى-الكراسى-الأثرية-بالمعمل
إحدى-المركاب-بالمعمل
أحمد-منصور-محرر-اليوم-السابع-داخل-معمل-الترميم-(1)
أحمد-منصور-محرر-اليوم-السابع-داخل-معمل-الترميم-(2)
خلال-ترميم-وشاح-توت
خلال-ترميم-وشاح-توت-عنخ-آمون
درع-توت-عنخ-آمون-بعد-ترميمه
وشاح-توت-عنخ-آمون
وشاح-توت-عنخ-آمون-قبل-ترميمه
وشاح-فريد-للملك-توت-عنخ-آمون
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة