جمال عبد الناصر في "فلسفة الثورة" يجيب عن سؤال: لماذا خرج الجيش لنصرة الشعب؟.. الزعيم: أخطاء كثيرة ممن سبقنا دفعتنا لتصحيح المسار.. الساسة قبلنا كانوا يخاطبون غرائز الناس لكننا نكره الوهم فخاطبنا "عقولهم"

الإثنين، 28 سبتمبر 2020 11:05 م
جمال عبد الناصر في "فلسفة الثورة" يجيب عن سؤال: لماذا خرج الجيش لنصرة الشعب؟.. الزعيم: أخطاء كثيرة ممن سبقنا دفعتنا لتصحيح المسار.. الساسة قبلنا كانوا يخاطبون غرائز الناس لكننا نكره الوهم فخاطبنا "عقولهم" جمال عبد الناصر
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمر اليوم الذكرى الخمسون لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر، الذى توفى فى 28 من شهر سبتمبر عام 1970، ويحسب لجمال عبد الناصر ورفاقه أنهم استطاعوا أن يخرجوا بمصر من زمن الملكية إلى عصر الجمهورية محملين بأحلام كبيرة للفقراء، استطاعوا أن يحققوا الكثير منها.
 
ويمكن لنا التوقف عند كتاب "فلسفة الثورة" الذي يعد بمثابة سيرة فكرية للزعيم ناصر، حيث جاء في مقدمة الكتاب أن ما يكتبه ليس لشرح أهداف ثورة 23 يوليو 1952 وحوادثها، وإنما دورية استكشاف لنفوسنا لنعرف من نحن وما هو دورنا في تاريخ مصر المتصل الحلقات، واستكشاف الظروف المحيطة بنا في الماضي والحاضر، لنعرف في أي طريق نسير، واستكشاف أهدافنا والطاقة التي يجب أن نحشدها لنحقق هذه الأهداف، واستكشاف الظروف المحيطة بنا، لنعرف إننا لا نعيش في جزيرة يعزلها الماء من جميع الجهات.
 
كتاب فلسفة
 
وبالمجمل فإن فلسفة الثورة كتاب يحمل أفكار الرئيس جمال عبد الناصر، صدر عام 1954م، ويتكون من ثلاثة أجزاء (ليست فلسفة، العمل الإيجابى، بعد غيبة ثلاثة شهور) ،ويمكن أن نتوقف عند جزئية مهمة يمثلها سؤال: لماذا كان لا بد أن يتحرك الجيش؟
يقول الكتاب على لسان جمال عبد الناصر: لطالما ألح على خواطرى سؤال، هو هل كان يجب أن نقوم نحن الجيش، بالذي قمنا به في 23 يوليو سنة 1952؟ إن ثورة 23 يوليو كانت تحقيقا لأمل كبير راود شعب مصر، فمنذ بدأ العصر الحديث وهو يفكر أن يكون حكمه في أيدي أبنائه.
 
ويقول جمال عبد الناصر فى الكتاب: آمنت بالجندية طول عمري، والجندية تجعل للجيش واجبًا واحدًا، هو أن يموت على حدود وطنه، فلماذا وجد جيشنا نفسه مضطرًا للعمل في عاصمة الوطن، لا على حدوده؟ 
 
يقول جمال عبد الناصر: دعوني أنبه إلى أن الهزيمة في فلسطين، والأسلحة الفاسدة، وأزمة نادي الضباط، لم تكن المنابع الحقيقية التي تدفق منها السيل، لقد كانت هذه كلها عوامل مساعدة على سرعة التدفق.
 
 
إذن لماذا وقع على الجيش هذا الواجب؟ قلت: إن هذا السؤال طالما ألح على خواطري، ألح عليها ونحن في دور الأمل والتفكير والتدبير بعد 23 يوليو، وألح عليها في مراحل كثيرة من التجربة بعد 23 يوليو ولقد كانت أمامنا مبررات مختلفة قبل 23 يوليو تشرح لنا لماذا يجب أن نقوم بالذي قمنا به.
 
كنا نقول: إذا لم يقم الجيش بهذا العمل فمن يقوم به؟ وكنا نقول: كنا نحن الشبح الذي يؤرق به الطاغية أحلام الشعب، وقد آن لهذا الشبح أن يتحول إلى الطاغية فيبدد أحلامه هو.. وكنا نقول غير هذا كثيرًا، ولكن الهم من كل ما كنا نقوله، إننا كنا نشعر شعورا يمتد إلى أعماق وجودنا بأن هذا الواجب واجبنا، وأننا إذا لم نقم به فإننا نكون كأننا قد تخلينا عن أمانة مقدسة نيط بنا حملها.
 
ولكني اعترف أن الصورة الكاملة لم تتضح في خيالي إلا بعد فترة طويلة من التجربة عقب 23 يوليو، وكانت تفاصيل هذه التجربة، هي بعينها تفاصيل الصورة.
 
يقول جمال عبد الناصر تحت عنوان "الطريق ودورنا فيه" وإذا ما هو الطريق؟ وما هو دورنا على هذا الطريق؟ أما الطريق فهو الحرية السياسية والاقتصادية،  وأما دورنا فيه فدور الحارس فقط؟ لا يزيد ولا ينقص، الحارس لمدة معينة بالذات موقوتة بأجل.
 
وما أشبه شعبنا الآن بقافلة كان يجب أن تلزم طريقا معينا ، وطال عليها الطريق، وقابلتها المصاعب، وانبرى لها اللصوص وقطاع الطرق، وضللها السراب، فتبعثرت القافلة، كل جماعة منها شردت في ناحية، وكل فرد مضى في اتجاه.
 
وما أشبه مهمتنا في هذا الوضع بدور الذي يمضي فيجمع الشاردين والتائهين ليضعهم على الطريق الصحيح ثم يتركهم يواصلون السير ، هذا هو دورنا ولا أتصور لنا دور سواه.
 
ولو خطر لي أننا نستطيع أن نحل كل مشاكل وطننا لكنت واهما، وأنا لا أحب أن أتعلق بالوهام، أننا لا نملك القدرة على ذلك، ولا نملك الخبرة لنقوم به، إنما كل عملنا أن نحدد معالم الطريق كما قلت وأن نجري وراء الشاردين فنردهم إلى حيث ينبغي أن يبدأوا المسير، وان نلحــــق بالسائرين وراء السراب فنقنعهم بعبث الوهم الذي يجرون ورائه.
 
لقد كنت مدركا، منذ البداية أنها لم تكون مهمة سهلة ، وكنت أعلم مقدما، إنها ستكلفنا الكثير من شعبيتنا. لقد كان يجب أن نتكلم بصراحة، وأن نخاطب عقول الناس ، وكان الذين سبقونا قد تعودوا أن يعطوا الوهم، وأن يقولوا للناس ما يرد الناس أن يسمعوه!.
 
وما أسهل الحديث إلى غرائز الناس وما أصعب الحديث إلى عقولهم. وغرائزنا جميعا واحدة، أما عقولنا فموضع الخلف والتفاوت وكان ساسة مصر في الماضي من الذكاء من حيث أدركوا هذه الحقيقة فاتجهوا إلى الغريزة يخاطبونها، أما العقل فتركوه هائما على وجهه في الصحراء، وكنا نستطيع أن نفعل نفس الشيء.كنا نستطيع أن نملئ أعصاب الناس بالكلمات الكبيرة التي لا تخرج عن حد الوهم والخيال، أو تدفعهم وراء أعمال غير منظمة لم تعد لها العدة ولم تتخذ لها أهبة، أو كنا نستطيع ترك أصواتهم تبح من كثرة هتافهم : يا ربنا يا عزيز .. داهية تأخذ الأنجليز.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة