اكتمال إقامة المسلة المعلقة لرمسيس الثانى فى شهر أكتوبر المقبل
وفرنا فى تصميم واجهة المتحف المصرى الكبير أكثر من 180 مليون دولار
المتحف المصرى الكبير، أحد أكبر المتاحف العالمية والأكبر لحضارة واحدة، الذى ينتظر العالم كله افتتاحه، وذلك لما يتضمنه من القطع الأثرية التى يتجاوز عددها 50 ألف قطعة أثرية، تشمل مقتنيات الملك توت عنخ آمون التى تعرض لأول مرة فى التاريخ أمام الجمهور بشكل كامل.
والمشروع محط اهتمام الحكومة المصرية التى تزيل أى معوقات قد تؤثر على اكتماله، ويتابع الدكتور خالد العنانى بشكل مستمرما يحدث فى المتحف مع قيامه بزيارات متتالية، للوقوف على آخر المستجدات، وفى المتحف نجد رجالا يعملون بكل إخلاص وتفانى سواء أثريين أو مرممين أو إداريين أو مهندسين، أوعمال، الكل يعمل بلا كلل أو ملل، لإيمانه لأنه يساهم فى بناء مشروع قومى يحكى ويتحاكى به الزمن عبر التاريخ، على مستوى العالم، وعلى رأس تلك المجموعة اللواء المهندس عاطف مفتاح، المشرف العام على مشروع المتحف المصري الكبير وتطوير المنطقة المحيطة، صاحب الأفكار والابتكارات الجديدة التى لاحظاها الجميع منذ تولى الإشراف على المتحف، فهو يعمل فى مشروع يعرف قيمته قارئ التاريخ، والدليل هو أن العالم سيرى فى المتحف أشياء لا يجدها إلا فى هذا الصرح الثقافى الكبير، ولهذا أجرينا حوار مع اللواء عاطف مفتاح، والذى سينشر على عدة حلقات لما يتضمنه من تفاصيل يكشف عنه لـ "اليوم السابع".
س / كيف جاء التفكير فى إقامة مسلة معلقة؟
قال اللواء عاطف مفتاح، فكرة المسلة المعلقة بدأت منذ وصول المسلة فى شهر سبتمبر 2018م، حيث فوجئت بأن في خرطوش في أسفل المسلة لم يكتشفه أحد قبل ذلك، وعندما قمت بمعاينته قررت أن يكون هذا الخرطوش ظاهر للزوار، وتعليق المسلة على 4 أعمدة وتم أعمال التفريغ في السقف، حيث عندما يرتقى لسقف المسلة سيرى لأول مرة في التاريخ القاعدة الأصلية التي استخدمها المصرى القديم منذ 3500 سنة، والتي توضح أن المهندس المصرى القديم مهندس عبقرى للغاية، فكان يصمم الرسوم الهندسية بشكل دقيق.
وأوضح اللواء عاطف مفتاح، كانت المسلة تقام أو تشيد بالوزن فقط، فكان المصرى القديم ينحت المسلة من الجبل، ثم ينحت القاعدة الخاصة بها، ويحفر حفرة كبيرة، وكأنه يؤسس للتربة ويدفن القاعدة الأصلية للمسلة التي تكون على سطح الرض، ثم يقيم المسلة، ولهذا أخذنا القاعدة الأصلية، لدفنها مثلما فعل المصرى القديم في بيئة جيدة، وعليها سطح زجاجى، والزائر يستطيع أن يخطو فوق هذا السطح الزجاجى، ويرى القاعدة الأصلية، وبمجرد ما يلتقى بعينه يرى خرطوش الملك رمسيس.
س / أين وصلت أعمال إنشاء المسلة هندسيًا؟
ج / تم الانتهاء من الهيكل الانشائى بنسبة 100% وجارى التشطيبات التي وصلت لحوالي 80% ويتبقى فقط كسوة الأعمدة، ورغم أن هذا العمل بسيط لكنه معقد هندسيا، لأنه يجب المحافظة على المسلة من أي اهتزازات تصدر من مترو الأنفاق بعد اكتمال عمله، أو من اهتزاز السيارات بمحيط المتحف، فتم عمل نظام حماية دقيق للغاية لجسم المسلة من الاهتزازات، وفى غضون أسابيع قليلة سنقيم المسلة في شكلها النهائي.
ـ هل هناك مؤسسات شاركت فى إنشاء المسلة؟
شارك معنا في إنشاء المسلة أحد المكاتب الاستشارية الضخمة المتخصصة في التصميمات الانشائية، إلى جانب جامعة القاهرة في التحليل ومعامل الاختبار ومتابعة تصميم القفص الحديدى حامل المسلة، الذى سيكون مثبت على السقف، وخلال أسوبيع أو ثلاثة سنبدأ في إقامة الجزء الأول من المسلة، ثم تركيب الجزء الأخر، وقد تكون المسلة مكتملة خلال شهر أكتوبر المقبل، بنسبة 100 %.
ــ كيف جاءتك فكرة أن يكون هناك مسلة معلقة؟
ج / الفكرة جاءت بمجرد ما رأيت خرطوش الملك رمسيس الثانى، وانبهرت، مجرد أن هناك بصمة أو اسم الملك موجود فى كعب المسلة ومخفى عن أنظار الناس، حيث كانت قاعدة المسلة السفلية هي التي تلاصق قاعدة توازن أوتثبيت المسلة، ولا يوجد ميدان للمسلة منشئ داخل أو خارج مصر راعى هذا الجزء، وفى إحدى الزيارات المهمة للدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار، والفنان فاروق حسنى والدكتور زاهى حواس والدكتور مصطفى الفقى، تفاجئوا أيضا بأن هناك خرطوش للمسلة في أسفل بدن المسلة، فكان المتعارف هو أن يضع الملك 4 خراطيش على أوجه المسلة يبين إنجازه في كل ضلع يمثل إنجازه في الاتجاه الموجود به الخرطوش، ولكن كانت المفاجأة هو الخرطوش الموجود في كعب المسلة، ولهذا أخذت القرار بإظهار هذا الخرطوش، ولنبين أن المصرى القديم كان واعى جدًا ويحافظ على إنجازاته ، لأنها تعد وثيقه لم يكتشفها أحد من قبل.
ــ كيف تم دراسة الفكرة ؟
ج / في العادى كل المسلات تقام على قاعدة خرسانية أو معدنية فكان لابد من إيجاد فكرة لجعل الزائر يدخل خلال هذه القاعدة فقمت بتفريغها بالكامل، ورفعت قاعدة تثبيت المسلة على الأعمدة وفرغت جزء من السقف، وجعلت منسوبة يرقى للرؤية بالعين، بحيث يستطيع الزائر على ارتفاع 2 متر و80 سم أن يرى الخرطوش في مظهر ومشهد بديع لأول مرة يتم عرضه، وبالفعل أنا صاحب الفكرة هندسيا وسألت زملائى بآليات تنفذها، وتم الاستعانة بخبراء في الآثار، فاستشرت الدكتور سليم حسن وقال لى : إن كل تحفظى أثرى بطريقة التثبيت والحفاظ على الأثر، وبالفعل تم مراعاة هذا بدقة شديدة وكلفت جامعة القاهرة إلى جانب مركز البحوث إلى جانب المكتب الاستشاري، وجميعهم عناصر أكفاء تعاونوا معى في التصميم وإجراء التحاليل والـ 3D، إلى أن وصلنا إلى الدراسة النهائية بعد أكثر من 6 أشهر دراسة، لدرجة أننا استوردنا من ألمانيا أداة تفصل الحركة والاهتزازات عن الأثر، فهى التي أصبحت تصد الحركة الخارجية عن الأثر بعمل حائط خرسانى ونفق حول القاعدة ثم القاعدة وأسفلها .
ننتقل إلى ثانى شئ يراه الزائر عند وصوله إلى المتحف الكبير بعد مروره من المسلة المعلقة، وهى واجهة المتحف، التى تم تصميمها من جديد واستبدالها.
س / ما هو السبب في تغيير واجهة المتحف الأصلية ؟
ج / لم يتم تغيير الواجهة، ولكن التصميم الأصلى لها كان يبعد حوالى 17 مترا وكانت لا تعتبر واجهة بالمعنى الصحيح، ولكنها كانت لوحة إعلانية، الواجهة الرئيسية للمتحف كانت وراء تلك اللوحة، وكان بها بعض الرموز والتشكيلات التي تدعي أن بناة الأهرام ليسوا مصريين وبها رموزمثيرة للجدل.
س / كيف تم وضع تلك الرموز على واجهة متحف مصرى؟
ج / هذا خطأ كبير وحتى لا نظلم أحد فمكن الممكن أن يكون التركيز في أشياء دون أشياء أخرى لم يعطى الفرصة عن ما هي الرسومات التي توجد على الواجه، أوأن تفاصيل الواجهة لم تكن مكتملة فى ذلك الوقت، ولم تتم بشكل نهائى، ولكنها كانت واضحة بالنسبة لى جدًا وبها رموز مثيرة للجدل، وكان الرمز مرسوم على الأرضية والحوائط، وتداركت هذا الأمر وحاولت أن أغير في الواجهة، ولكن وجد أن التكلفة ستكون مرتفعة وبند الاحتكار مسيطر على الخامة المستخدمة، حيث أن هناك محجر في العالم كله توجد في مقدونيا هو من يصنع الخامة المراد استيرادها، حيث أننا كنا بحاجة إلى 25 متر مربع من تلك الأحجار، وحتى ينتج هذه الكمية سيستغرق الأمر سنة كاملة، بالإضافة إلى أن الأسعار سوف تتغير من بداية السنة إلى نهايته، وبالتالي يرتفع السعر المتفق عليه.
س / كم كانت القيمة التقديرية التي كانت مرصودة لذلك في هذا الوقت؟
ج / كانت القيمة التقديرية تتجاوز الـ 200 مليون دولار وقد تصل لـ 250 مليون ومدة التنفيذ تستغرق عام ونصف العام حتى نستطيع استيراد الرخام من الخارج، فالحقيقة كان الموضوع معقد ويتسبب في تعطيل المشروع.
س / ماذا فعلت أمام كل هذه التعقيدات؟
ج / كان السبيل الوحيد هو إلغاء الواجهة نهائيًا، وبدأت فى التعامل مع الواجهة الأصلية للمشروع ووضعت العناصر المعمارية المصرية القديمة، فنجد الواجهة بها 3 أضلاع، ضلعين في اتجاه الشرق وضلع في اتجاه الشمال، أضلاع الشرق يوجد بها 3 أهرامات في كل ضلع، وجعلت الهرم في حالة حركة، فالهرم جزء كبير داخل المتحف وجزء خارج من واجهة الجدار، فنجد الهرم في المصرى القديم عبارة عن مقبرة ولكنه في المتحف يبث الحضارة والنور للعالم كله، فكان لابد من عكس فلسفة إنشاء الهرم، فتم استخدام العنصر المعمارى للمصرى القديم وجعلت الهرم مضئ، وبزوغه من الواجهة الشرقية تأكيدا على استمرار مد الحضارات المحيطة بالحضارة المصرية، أما الهرم في الضلع الشمالى فتم تصميمه شفاف تمامًا تأكيدا على استمرار بعث الحضارة المصرية من الجنوب وتصديرها إلى الشمال، ولهذا فان الواجهة الشمالية نافذة تأكيد على هذا الدور .
س / ما هي الخامات التي نفذت منها الواجهة الأصلية للمتحف؟
ج / تم تنفيذ الواجهة بخامات مصرية ووفرت في تكليفاتها أكثر من 180 مليون دولار، بمعنى أنه تم تكلفتها بقيمة 10% من القيمة التقديرية التي كانت مرصودة لها من قبل، والتنفيذ أيضا من قبل 5 شركات مصرية، وتم عمل بها دراسة للإضاءة بشكل دقيق للغاية، وقمت بتصميمها بنفسى، وتمت معاونتي من قبل متخصصين في الكهرباء لحساب الأحمال، ولكن فكر وفلسفة الإضاءة كان تصميمى مع فكر العناصر المعمارية المستخدمة في مصر القديمة، وسوف يرى العالم واجهة مبهرة للعالم كله وناكد ونرسخ أننا قادرين و أننا مهندسين نستمد حضارتنا من جددنا وقادرين على هذا التنفيذ بأذن الله.
س / إلى أين وصلت أعمال التنفيذ في واجهة المتحف؟
ج / تجاوزت نسبة التنفيذ إلى الآن 98% لأعمال الواجهة، وخلال شهر أكتوبر المقبل سوف يتم الانتهاء من كامل أعمال الواجهة بنسبة 100%.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة