ما تفعله قطر وتركيا وقناة الجزيرة حرب يشكل الإعلام مجرد عنوان فيها، ولا تتعلق فقط باختلاف فى وجهات النظر الإعلامية أو طرح القضايا، نقول هذا بمناسبة جدل يتجدد كل فترة من قبل بعض الزملاء من أصحاب الرأى ممن يختصرون الموضوع على أنه مجرد معركة إعلامية، وهى رؤية تذهب فى اتجاه آخر.
ما تفعله قطر لا يتعلق بالإعلام، ولو كانت كذلك لتوقفت عند برامج أو وجهات نظر تختلف وتتعارض، وما كانت تصل إلى حد إطلاق مئات اللجان الإلكترونية، تنشر وتعيد نشر فيديوهات وهمية مفبركة أو مزورة، مع علمها أنها كذلك، أو توجيه القناة القطرية لبث برامج تتعمد التحريض وتطرح أسئلة على أشخاص موجهين ولديهم آراء عدائية موجهة، وبوضوح أكثر فإن قطر تدفع ملايين الدولارات لشخصيات مستأجرة لطرح وجهة نظر معينة، وهم ليسوا معارضين، لدى كل منهم وجهة نظر قد تختلف أو تتعارض، لكنهم يمارسون آراء عدائية طوال 7 سنوات من دون تغيير، ويضطرون «للى» الحقيقة وترديد ما يملى عليهم من آراء.
ومع بعض التحفظات على منصات مثل «بى بى سى»، أو «دويتش فيله»، كونها منحازة وتتبع وجهات نظر تمويلية وأحيانا منحازة سياسيا، فإنها تحرص قدر الإمكان على إخفاء توجهاتها، فى أغلفة «شبه مهنية»، لكن الجزيرة وتوابعها فى قطر وتركيا لا تخفى عداءً وكراهية ولا تلتزم بالحد الأدنى من المهنية أو العقل، ولم تعد مهتمة بإقناع المجال الأوسع للمشاهدين، بقدر إرضاء الممول وأذرعه.
ولو كانوا يستهدفون الإعلام لاعتذروا عن الفيديوهات المفبركة والمزيفة، أو سعوا لطرح وجهات نظر مختلفة، لكن الحاصل هو توظيف الجزيرة وتوابعها فى قطر وتركيا، للتحريض ولعب دور دعائى فج، وحتى هذا الدور فشل بدرجة كبيرة، وانتهى إلى بعض مظاهرات الأطفال أو اللقطات الخاطفة لمستأجرين هنا أو هناك.. من هنا نعود للتأكيد أن المسألة ليست سباقا إعلاميا أو دعائيا، لكنها حرب لها أهداف أخرى، يصعب أن تتحقق فى مصر، بل فشلت مرات، ولم تكن الدولة فى مصر بهذه القوة.
ونترك الجزيرة وتوابعها، ونعود إلى بعض محللى السوشيال ميديا، وهم معارضون أو لكل منهم وجهة نظر، دائما ما يرون المسألة سباقا إعلاميا، ويلومون الإعلام المحلى أنه غير قادر على المواجهة، وهى رؤية قاصرة، لأن الإعلام المحلى بحالته هذه يواجه وينجح، بل وينصب فخاخا تسقط فيها قنوات قطر، مثلما حدث فى إرسال فيديوهات قديمة أو مفبركة، ووقوع الجزيرة وتوابعها فى فخ العرض والتعامل معها على أنها حقيقية.
وعندما نقول إنه لم توجد مظاهرات، يرد البعض بأن الأمن يمنع، أو أنه كانت هناك تظاهرات فى القرى والأطراف، ومن يقولون ذلك يعترفون أنها لأطفال، أو مجرد لقطات خاطفة لزوم التصوير، وهى مشاهد مصنوعة لزوم العرض، وبتكلفة مرتفعة لا تتناسب مع سطحيتها وتفاهتها.
ثم إن هذه المشاهد لا علاقة لها ببعض الغضب أو الشكوى التى تتعلق بالحياة اليومية ومطالب عادية أو مخاوف من فواتير أو مصالحات، لكنها لا ترقى لمستويات غضب مثلما جرى فى 30 يونيو، أو حتى فى يناير، ثم إن قطر لا تهدف لحماية الديمقراطية أو حقوق الإنسان، وإنما هى حرب تتعلق بالغاز أو المطامح التركية، ومغامرات تعثرت فى سوريا وليبيا، وهى عناوين لا يمكن لمتابع عادى أن يتجاهلها، لكن بعض المحللين الغاضبين لدينا، كثيرا ما يقعون ضحايا أوهام، ويستقون معلوماتهم من مواقع التواصل وليس من الواقع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة