لعبت وسائل إعلام، من المفترض أنها عربية، دورا شيطانيا فى تأجيج الصراعات بالمنطقة العربية وإشعال الحروب فيها لنشر الفوضى والخراب فى دول المنطقة، بل واستغلت إخفاق ثورات "الربيع العربي" في مصر وليبيا وتحويلها في الأخيرة إلى حرب أهلية نتيجة عدم استيفائها لمقومات الثورة، وتواصل تلك الوسائل، وفى طليعتها قناة الجزيرة القطرية، محاولاتها في نقل صورة الأحداث في سوريا بطريقة معينة مخالفة في كثير من الأحيان للحقيقة الميدانية.
لم يعد سرا ذلك الانحدار المهني في التغطية الإعلامية للأحداث في سوريا من جانب قناة الجزيرة القطرية التى دأبت على بث أخبار سرعان ما تبين أنها فبركات لا تمت للحقيقة بصلة، وانحدرت مكانتها في الشارع العربي وانخفضت نسبة متابعتها إلى حد كبير، لا سيما بعد تغطيتها المثيرة للجدل لأحداث "الربيع العربي" وما تبعه من أزمات في كل من سوريا وليبيا واليمن.
أداء قناة الجزيرة تجاه الأحداث في سوريا تخطى الدور الإعلامى المهنى فى نقل الحدث، إلى لعب دور مباشر في صناعة الحدث وتوظيفه لخدمة أجندات سياسية إقليمية ودولية، فهذه النقلة في أداء الجزيرة، أحدثت عاصفة كبيرة من الانتقادات سواء داخل المحطة أو خارجها دفعت عدد كبير من اعلاميين الجزيرة لتقديم استقالاتهم اعتراضاً على السياسة التحريرية للقناة.
وبرزت خلال سنوات الأزمة السورية الكثير من الشواهد على صناعة الأحداث وإملائها وتزوير الحقائق، مدفوعة بسياسة التحريض التي تهدف إلى إسقاط الدولة السورية بأي ثمن، ولاشك بأن المشاهد العربي مازال يتذكر العديد من الأسماء الذين صورتهم قناة الجزيرة على أنهم ضحايا مدنيون سقطوا بنيران النظام السوري، ليتبين فيما بعد أن من قتلهم هم الجماعات المسلحة، لتوظيف صورهم ودمائهم ضد النظام السوري، ويكفيك عزيزى القارئ أن تضع في محرك البحث عبارات مثل "ساري ساعود"، "زينب الحصني"، "مالك سليمان"، للوقوف على مدى التزوير الفاضح الذي ترتكبه هذه القناة.
دعنا نبدأ بزينب الحصنى، فى سبتمبر 2011، انتشرت قصة هذه الشابة التي باتت رمزا لضحايا القمع الذي يمارسه نظام بشار الأسد، في كل انحاء العالم، بعد اعلان منظمات دولية لحقوق الانسان العثور على جثتها مقطوعة الرأس ومقطعة الأوصال، وذلك بترويج وغطاء إعلامى من قناة الجزيرة القطرية، وفى أكتوبر من العام نفسه بث التليفزيون السوري مقابلة مع زينب الحصني لينفي بذلك المعلومات عن عملية قتل وحشية لهذه السورية التي باتت أحد رموز القمع الدامي الذي يمارسه النظام على حسب زعم الجزيرة.
فضيحة أخرى للجزيرة كانت في رواية مقتل الطفل ساري الساعود على يد الجيش السوري واللقطات التي عرضتها الجزيرة لأمه تبكيه بين مجموعة القتلة، وأظهرت المشهد على أن الطفل الشهيد استهدف من قبل الجيش السوري، لتظهر الأم بعد يوم واحد وتحكي ما جرى معها وتلوم خروج الجيش السوري من "الحواير" ما أدى إلى النهاية المأساوية لولدها، قائلة: "فلو بقي الجيش لما مات ساري" بخلاف رواية الجزيرة، ثم اتهمت الجزيرة بالمشاركة في قتل ابنها لأنها عرضت الصور مباشرة حتى قبل أن يعلم بقية أفراد أسرة الطفل الشهيد بما جرى.
الطفل مالك سليمان اختطف وشنق وتركت جثته أمام منزل أبيه، وقبل علم شقيقته التى كانت على بعد خطوات منه داخل منزل أبيها عرض الخبر على قناة الجزيرة، واتهمت أسرة الطفل قناة الجزيرة بأنها كانت على علم مسبق بهذا الأمر.
صحيفة فورين بوليسي الأميركية تناولت من قبل تغطية القناة القطرية للأحداث في سوريا، لافتة إلى أنها تختص ناشطين سوريين، بعضهم ذوو خلفيات مشبوهة، إما يتمركزون خارج سوريا أو داخلها، ويتحدثون عبر سكايب حول أحداث تجري بعيدة مئات أو آلاف الكيلومترات عنهم، ويرصد تقرير فورين بوليسي الأميركية الكثير من المقالات شككت في مصداقية ما يسمى بـ"المرصد السوري لحقوق الإنسان" ومقره لندن، والذي كثيراً ما تعتمده الجزيرة مصدراً رئيسا لما يجري ميدانياً في سوريا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة