ظاهريًًا هناك اتفاق بين الجميع على أهمية تطبيق القانون من دون استثناءات أو حصانات، بوصفه الحل الأمثل والحاسم، لكن نظرة كل طرف تختلف عندما يحين موعد تطبيق القانون. بعض من يطالبون بتطبيق القانون يعترضون عندما يتعلق الأمر بهم. وبعضهم يطالب بالإدانة أو البراءة، وليس بالتحقيق والعدل. وهو ما نراه من مواقف فى مواجهة مخالفات البناء، أو صدام الحصانات أو حتى فى واقعة الفندق الشهير وما تردد حول اتهامات لأطراف مختلفة، حيث تتحول مواقع التواصل إلى مكان لعرض وقائع واتهامات وتصدر أحكام بالإدانة أو البراءة قبل أن تأخذ جهات التحقيق مجالها فى التحقيق والبحث وفرز الشهادات.
اللافت للنظر أن من يطالبون أن تقوم النيابة بدورها، هم أنفسهم من يعترضون على قرارات هنا أو توصيفات قانونية تجاه أى من أطراف القضية، ثم إن مواقع التواصل ليست جهة اتهام أو تحقيق، وما ينشر عليها حول أى واقعة هو شهادة من طرف واحد، لكنها تتحول لدى البعض إلى قرائن أو وقائع لا تقبل المناقشة.
فيما يتعلق بواقعة الفندق، بدأ النشر عن واقعة وجريمة اعتداء قبل 6 سنوات، النشر تضمن أسماء ووقائع واتهامات، كل هذا قبل أن يصل الأمر لجهات التحقيق. وبعد أن بدأت التحقيقات وتم القبض على بعض المتهمين، اتخذ الموضوع اتجاهًا آخر، وتم تسريب فيديوهات وصور وتفاصيل لتأخذ القضية ملامح تختلف عما كان فى البداية.
وهنا أيضا بدأت اعتراضات وغمزات ولمزات بأن هناك تلاعبا. بالرغم من النيابة والقضاء هم الجهات المختصة بالتحقيق أو الإدانة والبراءة وتحديد المتهمين. لكن هذه القواعد تغيب فى ظل أصوات عالية وصراعات أطراف مختلفة. وعمليات نشر وتسريب ونشر مضاد.
واللافت للنظر أن النشر والتسريب تم قبل أن يصل الأمر لجهات التحقيق، وأيضا بعدها، ربما بهدف توجيه القضية أو إدانة طرف وتبرئة آخر، وهو أمر لا علاقة لجهات التحقيق به. خاصة أن القانون بالفعل يضمن للضحايا السرية، لكن التسريب يأتى من أطراف القضية، واللافت أن قضاة «السوشيال ميديا» يبدؤون الإدانة قبل أى تحقيق. وكأنهم يطلبون الذهاب إلى التحقيق من أجل الإدانة، وليس من أجل العدل، مع احتمالية أن تكون الوقائع المنشورة ناقصة أو موجهة، وعندما تنظر النيابة القضية فهى ترى كل الزوايا وتقوم على تحقيق الوقائع، وهنا تبدأ الاعتراضات.
القضية أن القانون وحده يمكن أن يفصل بين الأطراف، ويحدد المتهم والبرىء، وتطبيق القانون مهمة النيابة التى تفحص الأقوال وتستمع إلى الشهود والوقائع، وتحدد المتهمين ثم تحيل القضية إلى القضاء وفى المحكمة هناك جولة أخرى من الاستماع والدفوع تنتهى بإصدار أحكام.
هذه الجهات هى المنوط بها تطبيق القانون وهى التى تمتلك السلطة لاستدعاء الشهود، أو تعديل اتهام بناء على وقائع، وليس بناء على ما تم تسريبه أو نشره والذى يمكن أن يكون جزءا من الرواية، أو شهادة طرف واحد.
لكن بالرغم من كل هذه البديهيات، فهى تتوه فى زحام قضاة يلعنون أنفسهم جهات تحقيق وإدانة وتبرئة، بالافتراض وليس بالقانون أو العدل.