عقد تسعة أعضاء يمثلون مجلس النواب الليبى والمجلس الأعلى للدولة اجتماعا تشاوريا، اليوم الأحد، في مدينة بوزنيقة المغربية بالقرب من العاصمة الرباط، وذلك في محاولات مغربية لإعادة إحياء اتفاق الصخيرات الموقع في البلاد عام 2015.
وقالت وسائل إعلام مغربية، إن وفدا البرلمان الليبى والمجلس الأعلى للدولة عقدا أولى اجتماعاتهم اليوم فى إحدى المدن القريبة من الرباط، مشيرة إلى أن وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة أشار إلى أن بلاده تهدف لدعم الفرقاء الليبيين لحل الأزمة الحالية.
ويعترض عدد كبير من أعضاء مجلسى النواب والدولة في ليبيا الاجتماعات الراهنة في المغرب، مؤكدين أن هذه الاجتماعات لن تضيف أي جديد بسبب انهيار اتفاق الصخيرات بشكل كامل وفقا للتطورات السياسية والعسكرية الراهنة في البلاد.
كان مجلس النواب الليبي قد قرر إلغاء القرار الصادر عنه بشأن الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية، والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بعد التصويت في جلسة عقدت في مدينة طبرق شرقي ليبيا عام 2017م.
ويرى مراقبون أن الأطراف الإقليمية والدولية ترتكب أخطاء الماضى بعدم وضع رؤية واضحة ومحددة لحل الأزمة الليبية التي تراوح مكانها منذ سنوات، مؤكدين أن الأزمة بالأساس أمنية وليست سياسية ويجب حل أولا قبيل الانطلاق نحو تشكيل أية أجسام سياسية جديدة في البلاد، ما يمكن أن يؤدى لتعقيد المشهد وزيادة حالة الاحتقان الشعبى في الشارع الليبى.
ويرفض عدد كبير من أبناء الشعب الليبى سواء سياسيين أو برلمانيين أو قيادات قبلية تكرار تجربة "الصخيرات"، مؤكدين أن ليبيا تجاوزت اتفاق الصخيرات بعد التطورات السياسية والعسكرية التي شهدتها البلاد خلال العامين الماضيين.
وأكد مراقبون صعوبة الاعتماد على اتفاق الصخيرات كونه سقط فعليا بانهيار المجلس الرئاسي واستقالة أكثر من نصف أعضاؤه وتآكل شرعية رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، موضحين أن المجلس الأعلى للدولة المنبثق عن اتفاق الصخيرات منقسم على نفسه بسبب سياسة رئيسه الإخوانى خالد مشرى.
وأشار المراقبون إلى أن ليبيا بحاجة إلى إعادة ترتيب الأوراق والانطلاق نحو توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية باعتبارها قاطرة للحل السياسى، موضحين أن أي حكومة جديدة أو مجلس رئاسى جديد يحتاج إلى قوة عسكرية وأمنية موحدة قادرة على بسط سيادة الدولة في كافة ربوع البلاد.
وتفتقد ليبيا إلى قرارها السيادى بسبب محاولة أطراف إقليمية ودولية فرض أجندتها الشخصية عبر وكلائها داخل الأراضى الليبية دون الإنصات إلى الشعب الليبى الذى لم يستمع المجتمع الدولى إلى رؤيته لحل الأزمة وإرساء قواعد الأمن والاستقرار في البلاد.
ووفقا لمراقبين، تتصارع أطراف دولية فاعلة في المشهد الليبى على النفط والغاز وكعكعة اليورانيوم في جنوب البلاد وهو ما يدفع هذه الدول إلى خدمة أجندتها دون النظر إلى مصالح الليبيين أو الالتفات إلى الأصوات الداعية لإيجاد حلول للمشكلات الأمنية والمعيشية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.
وتسعى بعض أطراف الصراع في ليبيا إلى إطالة أمد الأزمة لفترة أطول لحين تحسين الموقف التفاوضى لكلا منهما في أي عملية سياسية مستقبلية حيث أقدم رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج على القيام بتعيينات حكومية وعسكرية في المنطقة الغربية لخلط الأوراق بعد إدراكه لوجود تحركات دولية للإطاحة به وبمجلسه الرئاسي، ويسعى رئيس المجلس الأعلى للدولة لتجديد شرعية مجلسه المتآكلة بسبب سيطرة جماعة الإخوان عليه.
وتحتاج ليبيا إلى خارطة طريق واضحة ومحددة تدخل فيها مرحلة انتقالية قصيرة تتولى فيها حكومة مصغرة إدارة شئون البلاد، وذلك بعد توحيد المؤسستين العسكرية والأمنية بشكل كامل وحل التشكيلات المسلحة، والانطلاق بعد ذلك إلى كتابة دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.
بدوره أكد عضو مجلس النواب الليبى محمد العباني، أن حوار الفرقاء الذي يجري بمدينة بوزنيقة المغربية، سيزيد الأزمة الليبية تأزما، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن أحد أطراف الحوار مجلس النواب الليبي السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من كل الليبيين، بينما الطرف الثاني ما يسمى بمجلس الدولة المهيمن عليه من قبل جماعة الإخوان الذين سبق لمجلس النواب وأن قرر أنها منظمة إرهابية.
وأشار العبانى في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إلى أن مجرد الالتقاء معهم يتناقض مع عقيدة مجلس النواب الليبى، ويزيد الإخوان سطوة وتسلطا، كما أن هذا اللقاء يستند على مخرجات اتفاق الصخيرات الذي سبق لمجلس النواب الليبى إلغاء المصادقة عليه في الرابع من يناير 2020.
وانتقد العبانى أن تدور اللقاءات على أساس اتفاق الصخيرات المفروض على الليبيين بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2259 مرة أخرى بجلوس النواب المنتخبين من الشعب في انتخابات صحيحة عام 2014 مع أفراد من المنظمات الإرهابية، موضحا أن ذلك سيدخل البلاد في آتون متاهات وخاصة عندما تكون المخرجات من رحم اتفاق الصخيرات الذي رفض البرلمان إدخاله تعديلا في الإعلان الدستوري الصادر في الثالث من أغسطس 2011م، لافتا إلى أن ناتج هذه اللقاءات المشبوهة التي ينظمها إخوان المغرب من أجل إنتاج صخيرات 2 سوف تكون أكثر إيلاما وتمكينا لاخوان ليبيا المتغلغلين في مفاصل الدولة الليبية والذين عاثوا فيها فسادا، على حد قوله.