فى ظل الحملة القائمة لمواجهة مخالفات البناء، والبناء على الأراضى الزراعية والتعدى على أراضى الدولة، تظهر قضية مهمة تجددت مرات وصدرت بشأنها تعليمات، لكنها ظلت تتم بطريقة موسمية، ونقصد بها التعديات على النيل من الجنوب للشمال.
قبل عامين، تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن أهمية إزالة التعديات على جزر النيل، وأصدر الرئيس تعليمات للحكومة والمحافظين بإزالة التعديات الواقعة على الجزر النيلية والنهر من الجنوب للشمال، وتحركت بعض الجهات لتنفذ الأمر وتزيل التعديات، لكن الحملة توقفت، ولا تزال هناك الكثير من المبانى المخالفة والتعديات الظاهرة على النهر من أسوان للإسكندرية.
وفى ظل الحملات الحالية لمواجهة المخالفات والجدية فى تنفيذ قرارات الإزالة، واستعادة حقوق الدولة، تظل التعديات على نهر النيل قائمة، ومعروفة تحت بصر وسمع المسؤولين بالرى والمحليات، هناك قاعات احتفالات وكازينوهات قامت على أراضى طرح النهر فى قلب نهر النيل، وتصرف داخله، وهناك مبان وقصور بنيت على النهر وحولته إلى ما يشبه ترعة، وهناك مساحات من النهر على فرع رشيد، تم الاعتداء عليها والتهامها، وإقامة منشآت تصب مخلفاتها فى النهر، وهناك مناطق اختفت تماما منه، فى وقت نتحدث عن حق مصر المائى، وأهمية الحفاظ على نصيبنا من النيل.
الدولة تعمل بجدية فى تبطين الترع والممرات النيلية، وتغطية بعضها، بما يساهم فى توفير ملايين الأمتار من المياه، وفى اتجاه مواز، هناك مشروعات بمليارات لإعادة استخدام مياه الصرف، وأيضا مشروعات محطات تنقية مياه البحر، وكلها مشروعات بمليارات، هدفها مضاعفة نصيبنا من المياه، للصناعة والزراعة وباقى الاستخدامات.
وفى ظل هذا الجهد والإنفاق، يبدو مثيرا للانتباه أن تكون هذه هى سياسات الدولة، للحفاظ على كل نقطة مياه، بينما تتهاون إدارات الرى والمحافظات فى مواجهة التعديات الظاهرة على نهر النيل.
فى صيف 2018 بعد صدور التعليمات الرئاسية بإزالة التعديات على النيل، ظهر بعض المسؤولين ونشروا صورهم وهم يواجهون المخالفات، ثم تغاضوا عن مخالفات منشآت سياحية وصناعية وفردية، من قبل أشخاص يبدون أحيانا فوق القانون، بينما الجدية تفرض أن تتحرك وزارة الرى والمحليات لإنهاء هذه الاعتداءات، من دون تفرقة، وتحديدا فى مواجهة الكبار ممن اعتدوا على النيل جهارا.
التعليمات الرئاسية واضحة، حتى فى مواجهة الجهات الحكومية، ولم تعد هناك أى استثناءات، بل إن قانون حماية النيل واضح، ولا توجد أى خطوط تمنع إزالة كل المخالفات من مجرى النهر، فى وقت دقيق نحتاج فيه إلى أن نحافظ على المجرى الذى يعنى لنا كل الحياة، بل إن الرئيس عبدالفتاح السيسى، عندما تحدث فى الإسكندرية، أشار إلى أن خطورة التعديات والمخالفات لا تقل عن خطورة سد النهضة، وبالتالى فإن هناك ضرورة لاستعادة النيل من المعتدين عليه، ويفترض ألا ينتظر المسؤولون تعليمات جديدة، لأن القوانين والقواعد والأعراف كلها تشير إلى أننا لا نملك أغلى من النيل لندافع عنه ونستعيده، وألا نتهاون فى مواجهة التعديات التى تنتهك مجراه وتمثل عدوانا على المياه والنهر بالتلويث والاعتداء.
آن الأوان ليتحرك المسؤولون فى المحافظات والمحليات والرى، لمواجهة العدوان على النيل، من دون انتظار تعليمات جديدة، فى ظل تحرك شامل من الدولة وانتفاضة لمواجهة المخالفات والاعتداء على الأرض، والنيل أولى بانتفاضة تنهى العدوان عليه شمالا وجنوبا.