بيشوى رمزى

موسكو تعيد ترتيب القوى في أوروبا الغربية

الأربعاء، 09 سبتمبر 2020 03:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حالة من الجدل تثور في المرحلة الراهنة في العلاقات بين روسيا وألمانيا، في ضوء العديد من المتناقضات، أبرزها حالة التعاون بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بمجال الطاقة، في الوقت الذى يتبادل فيه الجانبان الاتهامات، حول وقائع غير مؤكدة تدور في معظمها حول اتهام الحكومة الروسية باتباع سياسة الاغتيالات، فى مشهد متكرر في السنوات الأخيرة، كانت موسكو فيه العامل المشترك في كل مرة، بينما تنوعت البلدان الأوروبية، حيث كان لبريطانيا السبق في هذا الإطار، فيما يعكس أن محاولات التحرش الأوروبية بموسكو تتجاوز العلاقات الثنائية، لتمتد إلى المشهد القارى بأسره.
 
التحرش الألماني بروسيا ربما لا يبتعد عن الأوضاع الراهنة في بيلاروسيا، في ظل الدعم الروسى الصريح للرئيس ألكسندر لوكاشينكو، هو ما يتعارض مع توجهات دعاة الديمقراطية في دول أوروبا الغربية، وعلى رأسهم ألمانيا، والتي سبق وأن أعلنت دعمها للمتظاهرين، وهو الأمر الذى ربما أعاد للمعسكر الغربى مخاوف تكرار "كابوس" أوكرانيا، وبالتالي فتصبح المحاولات الأخيرة، والتي وصفتها وزارة الخارجية الروسية بـ"الألاعيب السياسية القذرة"، بمثابة وسيلة لتقييد روسيا، أو ملاحقتها بقدر من الضغوط التي قد تمنعها من تكرار التدخل العنيف الذى شنته في كييف قبل 6 أعوام، عندما أسقط الغرب حليفها فيكتور يانكوفيتش.
 
إلا أن تكرار اتهامات الغرب لروسيا باتباع سياسة الاغتيالات بحق المعارضين لها، قد يحمل دوافع أخرى، تتجاوز الحدث الراهن، وذلك بالرغم من التقارب الكبير الذى تشهده العلاقة بين دول القارة العجوز، وروسيا، في ظل التعاون في العديد من المجالات، وعلى رأسها مجال الطاقة، والاعتماد على الغاز الروسى إلى حد كبير، بالإضافة إلى التباعد الحالي بين الأوروبيين، والولايات المتحدة، على خلفية السياسات الأمريكية التي تبنتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي قامت على ما يمكننا تسميته بسياسة "التخلي" عن الحلفاء، سواء سياسيا أو اقتصاديا، مما دفع عددا من دول القارة إلى البحث عن بديل، أو ربما بدائل، للحليف التاريخى لأوروبا.
 
يبدو أن استقراء دوافع الغرب الأوروبى وراء ملاحقة موسكو تحتاج إلى رؤية أكثر عمقا للعلاقة بين الجانبين، ففي الوقت الذى تمثل فيه روسيا الخصم التاريخى للمعسكر الغربى، إلا أن بقائها قوية ومتماسكة يبقى هدفا للعديد من القوى داخل القارة العجوز، وهو ما بدا في المحاولات التي تطلقها بعض الدول الأوروبية لاستدعاء "الفزاعة" الروسية، لحشد الدول الأخرى ورائها.
 
فلو نظرنا إلى الجانب البريطانى، نجد أنها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماى، قد سعت إلى التحرش بموسكو، عبر اتهامها بالتورط في واقعة اغتيال على أراضيها في 2018، لتكون بمثابة الضالة التي وجدتها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماى، لحشد الأوروبيين وراء لندن، وذلك بالتزامن مع اقتراب الخروج من المظلة الأوروبية الموحدة، وهو ما يساهم بصورة كبيرة في تعزيز القيادة البريطانية لأوروبا، من خارج الاتحاد الأوروبى، إلا أن محاولة ماى باءت بالفشل إلى حد كبير، في ظل الاستجابة الخجولة لدول أوروبا في مساندة بريطانيا، والتي كانوا ينظرون إليها في تلك اللحظة باعتبارها "ابن أوروبا المارق"، كما أنها لم تحظى بمساندة كبيرة من الولايات المتحدة في ظل خلافات عميقة بين ترامب وماى حول سياسة "الخروج الناعم" التي سعت إليها الحكومة البريطانية، والتي رفضها ترامب بشدة.
يبدو أن برلين تحاول تكرار المشهد مرة أخرى، في محاولة لحشد أوروبا من جديد خلف القيادة الألمانية، والتي توارت مؤخرا، وراء طموحات الرئيس الفرنسي الشاب إيمانويل ماكرون، والذى يسعى لخلافة المستشارة أنجيلا ميركل على عرش الاتحاد الأوروبى من جانب، بالإضافة إلى التخلي الأمريكي عن برلين، لصالح بريطانيا مؤخرا، في ظل حكومة رئيس الوزراء الحالي بوريس جونسون، والذى يحظى بتأييد كبير من قبل ترامب من جانب أخر.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة