رحل الفنان الكبير هادى الجيار عن عالمنا وترك لنا إرثاً فنيًا ضخمًا واعمال تشهد على عبقرية هذا الفنان الذى كان يبدع بهدوء وبلا ضجيج، وربما لم يحصل على ما يوازى موهبته ، ولكنه كان دائمًا راضيًا قانعًا متواضعًا.
وفى أخر حوار أجريناه مع الفنان الكبير هادى الجيار قبل رحيله بشهور قليلة تحدث برضا وقناعة عن مشواره الفنى ومسيرته التى كان للدراما التلفزيونية فيها نصيب الأسد وأثراها بروائع العمال والمسلسلات.
وكان الفنان هادى الجيار قد شارك فى عدد محدود من الأفلام السينمائية ومنها «ثم تشرق الشمس، احترس عصابة النساء، رحلة المشاغبين»، وكذلك قدم عددا قليلا من الأعمال المسرحية ومنها «مدرسة المشاغبين، ولما قالوا ده ولد، وقصة الحى الغربى، وأولادنا فى لندن، وأحلام ياسمين، والقاهرة فى ألف عام، والسفيرة عزيزة».
و تميز المبدع الراحل فى الدراما التليفزيونية حيث كان شريكا فى نجاح معظم الأعمال الدرامية الشهيرة بعكس مشاركاته القليلة فى السينما والمسرح.
وعن ذلك قال الفنان الكبير هادى الجيار فى حواره لليوم السابع: «ماشتغلتش كتير فى السينما هما 4 أو 5 أفلام، وعلى العكس حبيت العمل فى الدراما التليفزيونية، التليفزيون خطفنى ولقيت فيه أدوار حلوة قريبة من حياة الناس، واشتغلت مع كتاب كبار كانوا بيرسموا الشخصيات رسما دقيقا، واستمتعت وأنا أؤديها، وحبيت معظم أدوارى، ولو ماكنتش حبيتها ماكنتش عملتها»
وعن إتقانه لهذه الأدوار على اختلافها وتنوعها ومهما اختلفت انفعالات الشخصية، قال: «لما بتجيلى الشخصية بذاكرها كويس، واللى مش فاهمه بسأل عليه المؤلف والمخرج علشان أحدد ملامح الشخصية، وفى الأيام الأولى من التصوير بكون عصبى، علشان ببقى لسه مش عارف الشخصية وبتعرف عليها وأحدد ملامحها».
وتابع: «من بداياتى اتعاملت مع مجموعة أساتذة مؤلفين ومخرجين وممثلين من حظى إنى اشتغلت معاهم، واهتميت بإنى أتعلم منهم وهمه اهتموا بينا ونصحونا وعلمونا بدون صيغة الأستاذ والتلميذ، ولكن بصيغة الإخوة الكبار، ومنهم محمد جلال عبدالقوى وأسامة أنور عكاشة والمخرج مجدى أبوعميرة والفنانين صلاح قابيل وعبدالله غيث وغيرهم».
لم ينشغل الفنان الراحل بفكرة البطولة المطلقة، وكان كل ما يهمه جودة الدور والشخصية، وأن يقتنع بها ويجيد أداءها، لتترك أثرها عند المشاهد، وعن ذلك قال : «البطولة الجماعية التى يكون كل فنان فيها يؤدى دوره المناسب ويتقن أداءه، هى انعكاس للحياة وللواقع بشخوصه، فالحياة ليست فيها بطل واحد، وكل منا يؤدى دور».
وبقناعة ورضا عكست الكثير من صفاته تابع: «ماندمتش على عمل عملته ولا عمل معملتوش، لأن اللى من نصيبى اشتغلته واللى مش نصيبى ماشتغلتوش، وراح لغيرى»
وبتواضع شديد قال: «ماقدرش أقول إن الدور اللى عملته غيرى مكانش يقدر يعمله زيى، وممكن كان غيرى يعمله أفضل، لكنى دايما بجتهد علشان الشخصية تكون طبيعية ومعبرة وحقيقية».
وأشار إلى سر بقاء وارتباط الجمهور بمسلسلات وأدوار معينة وشغفه لمشاهدتها مهما تكررت قائلا: «اللى بيخلى الأدوار والمسلسلات تعيش إن موضوعاتها من البيوت وبتهم الناس والشخصيات قريبة من الواقع، والناس وهى بتتفرج بتشوف حياتها وواقعها، وكلما كانت الموضوعات قريبة من الناس بيحبوها ويصدقوها»، وأردف قائلا: «دلوقت بيعتمدوا فى بعض الموضوعات مثلا على الأكشن والمطاردات والعربيات اللى بتجرى ورا بعض وبتتكسر، عمرك شفتى ده فى شوارعنا؟ علشان كده الناس مش بتقتنع بالموضوع ومش بتصدقه والأعمال مش بتعيش»
وأشار الفنان الكبير هادى الجيار إلى أننا نعانى من أزمة فى الكتابة، قائلا: «الأول الكتاب كانوا بياخدوا وقت فى الكتابة علشان يخلقوا ملامح وتفاصيل لكل شخصيات العمل، وعلشان كده كانت الناس بتصدقها وبتقتنع بالعمل وبيعيش، شوفى أسامة أنور عكاشة كان بياخد وقت وجهد كبير علشان يكتب عمل، وحاليا هناك بعض الكتاب بيهتموا بتفاصيل العمل، ومنهم على سبيل المثال باهر دويدار مؤلف مسلسل الاختيار، ولذلك تحقق هذه الأعمال نجاحاً كبيراً».
ومثلما شارك الفنان الكبير هادى الجيار نجوم الفن الكبار فى العديد من الأعمال الفنية، شارك عددا من النجوم الشباب ومنهم محمد رمضان ويوسف الشريف وعمرو سعد، ويقول عن جيل الشباب: «معظم الشباب والبنات اللى بيمثلوا النهاردة موهوبين، ومانقدرش نقول إن الموهبة قاصرة على الأجيال االسابقة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة