أكرم القصاص - علا الشافعي

قصة عشق بين معلم ومهنته بشمال سيناء.. "زايد" على المعاش ويتطوع لتعليم الأجيال

الإثنين، 11 يناير 2021 09:00 ص
قصة عشق بين معلم ومهنته بشمال سيناء.. "زايد" على المعاش ويتطوع لتعليم الأجيال على زايد مع حفيده فى شمال سيناء
شمال سيناء - محمد حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

معلم من الزمن الجميل بشمال سيناء، أمن مبكرا بدور العلم فى تبديد الجهل، عندما قطع 40 كيلو متر سيرا على قدميه للوصول لمدرسته وهو طالب علم، ثم حمل على عاتقه تعليم أجيال بقرى سيناء، ولم يتوقف عن أداء رسالته بعد إحالته للمعاش، وحمل وهو فى سن الشيخوخة أوراقه وأقلامه يلاحق طلابه وهم يلاحقونه فى قصة عشق فريدة من نوعها بين معلم و مهنة يعتبرها "رسالة" عليه أن يواصل إبلاغها حتى آخر انفاسه.

"الأستاذ على زايد"، كما يلقب هو حاليا على أعتاب الثمانين من عمره، روى لـ"اليوم السابع"، رحلته التى بدأها والده الذى أصر أن يكون "المتعلم" من بين 5 أشقاء هو أصغرهم، مضيفا أنه فى منطقته التى ولد بها فى عام 1944 وهى "ام براك"، وتسمى حاليا "قرية الظهير"، بنطاق مركز الشيخ زويد، كان يعم الفقر وبساطة الحال، والأسر البدوية تعتمد فى يوميات حياتها على الترحال والرعى والقليل من الزراعة من بينها أسرته، والعلم شبه منعدم فلا توجد مدارس، ولا يوجد من بينهم من يجيد القراءة والكتابة.

وأضاف زايد، أن معلم كان يحضر من أماكن بعيدة وهو "سليمان أبو جليدان التربانى "، يعلم الأطفال بنظام "الكتاب"، مبادئ القراءة والكتابة عند منطقة "جميزة الدرز" على أطراف القرية، ثم إنتقل لمعلم كتاب آخر بعد أن رحلت أسرته بحثا عن قوت يومها، وهو "حسين ابو راشد القواسمة"، بمدينة الشيخ زويد، ثم لمعلم كتاب ثالث، وهو "سالم أبو ضيف الله أبو زارع"،عند منطقة تسمى "قوز ذيبان" تقع حاليا غرب قرية نجع شيبانة جنوب رفح.

وأشار معلم الأجيال، إلى أن أول إلتحاق رسمى له بالتعليم، كان فى عام 1953 بمدرسة "الجيل" الجديد بالعريش، وقتها تم تقييده بالصف الرابع الإبتدائى بعد إمتحان تحديد مستوى نتيجة التعليم الذى تعلمه بالكتاب، وكان أول طالب من منطقة جنوب الشيخ زويد ورفح يلتحق بهذه المدرسة.

يتذكر "المعلم على زايد"، أنه كان قرارا صعبا على الأسرة أن ينتقل طفل بعمر 9 سنوات إلى العريش لإستكمال تعليمه، وأقام عند أحد أقاربه، ولم يكن الحال سهلا، حيث قطع ذات يوم مسيرة أكثر من 40 كيلو سيرا على الأقدام من العريش وصولا لمنزلهم لزيارة أسرته، بعد أن لم يجد ثمن لمواصلة يستقلها.

وأضاف زايد، أن قطار التعليم مضى به وصولا للمرحلة الإعدادية بمدرسة التعاون "مع زملاء آخرين له من منطقته، ويتذكر أنه فى تلك الفترة إندلعت حرب  1956، وهو بالصف الأول الإعدادى، واصفا مشهد تلك اللحظة " كنا داخل الفصول وجاءت التعليمات بإخلاء المدارس، خرج مدرس اللغة العربية الأستاذ زكريا، وهو يرتدى الطربوش الأحمر ويردد بصوته الجهورى" نحن بنو الصحراء لا نخشى الوغى وقلوبنا كالصخرة الصماء، وجمالنا بطل السلام وأنه لزعيمنا فى الهزيمة النكراء" ،وخرجنا من المدرسة وكنا نغنى (هجموا على سينا شلة مجانين) نقصد الإحتلال الإسرائيلى ".

وتابع المعلم زايد، أنه أنهى دراسته الإعدادية فى عام 1960،وبمناسبة التخرج تلقى هدية من محافظ شمال سيناء فى ذلك الوقت "محمد عبد المنعم القرماني" المصحف الشريف مكافأة يحتفظ به حتى الآن، وفى عام 1965 بعد إنتهاء الدراسة الثانوية عاد لأسرته، وافتتح أول مدرسة لتعليم الأطفال القراءة والكتابة بمنطقة نجع شيبانة، وفى عام 1966 فتح أول مدرسة لتعليم الأطفال بقرية الظهير، وكانت الفصول عشش من الجريد بدأت بعدد 10 طلاب وصولا لـ 30 طالب من جميع المناطق المجاورة.

وأشار زايد، أنه وهو يؤدى رسالته فى تعليم الصغار أبناء قريته، والقرى المجاورة تلقى كتاب للعمل فى شركة الأغذية بالإسماعيلية بشهادة الثانوية العامة القسم العلمى من مكتب العمل، واختار أن يبقى على عهده ورسالته.

وقال "زايد"، أنه أثناء قيامه بمهمته التعليمية إندلعت حرب 1967 وهو داخل الفصل بقريته بصحبة طلبته، وتعرضت مدرستهم ومسجد القرية من طائرات العدو الاسرائيلى للضجيج، وواصل رسالته وتعليم الأطفال إضافة لمهام أخرى أصبح مكلفا به من أهله، وهى إمام وخطيب مسجد الظهير متطوعا من عام 1969 مهمة واصل تأديتها حتى عام 2004، ويذكر أن أول مرة قام فيها بخطبة صلاة الجمعة فى المسجد وهو بالصف الثالث الإعدادى، نظرا لغياب الخطيب ونجح فى المهمة التى أوكلت إليه فيما بعد.

وأشار زايد، إلى أنه خلال الفترة من عام 1967 وحتى عام 1982، هى قرابة 15 عام تحت الإحتلال الإسرائيلي، لم يتوقف دوره فى نشر العلم، واعتبر أنه مقاتلا من نوع آخر، واستطاع أن يخرج المئات من الطلاب من مدرسة الكتاب الذين يتم تحويلهم بإمتحان القبول إلى المرحلة الإعدادية بالشيخ زويد.

واستطرد زايد، أن أول إستلام لعمله كمعلم رسمى بالتربية والتعليم كان فى ديسمبر 1977 ، وصدر قرار بتعيينه فى أول مدرسة بقرية الجورة، كانت وقتها فصل فى بيت مبنى من الطين يملكه أحد الأهالى، وهو "حسن البالى"، وفصلان فى بيت آخر يملكه " شحادة أبو ملفي"، وفى إبريل من عام ،1978 تبرع "الشيخ خلف الخلفات"، بالجهود الذاتية ببناء أول مدرسة شيدت بجهود الأهالى فى منطقة الجورة جنوب الشيخ زويد.

وقامت المدرسة بجهود أبناء القرية الخريجين وقتها وهم "سالم نصير أول مدير مدرسة، ومحمد سويلم، وكيل المدرسة"، وعمل هو مشرفا عاما على المدرسة ومدرس علوم، والشيخ عرفات خضر سالمان، وسلامة سليمان أبو عليان، وحسن صقر، وفى عام 1982 تم إفتتاح مدرسة العوايضة الإبتدائية بقرية الظهير، وتولى إدارتها حتى خروجه للمعاش فى عام 2004.

وأشار المعلم، إلى أنه لم يعترف بإنتهاء رسالته بإحالته للمعاش، حيث دأب على متابعة طلبته ومن يستجد منهم، والحرص على تتبعهم حتى وهم فى الجامعة وإسداء النصح وتقديم المعلومة، والتطوع فى تعليم الصغار بفصول المدرسة، وسد العجز فى حالة غياب المعلمين نظرا لظروف المنطقة، مؤكدا أن متعته الحقيقية وهو أمام طلبته ويشرح لهم.

وقال زايد، أنه بعد تحرير سيناء فى عام 1982 كانت المنطقة تحتاج لجهودهم كطليعة تحمل لواء العلم وبالفعل كان شغلهم الشاغل بناء المدارس، حيث تم إفتتاح مدرسة نجع شيبانة الإبتدائية، ومدرسة العوايضة الإبتدائية عام 1982، وبدأت مرحلة العمل الميدانى والشعبى التى شغلها لمدة 11 سنة متواصلة، عضوا بمجلس محلى المحافظة، ورئيس لجنة التعليم للمركز، وخلال مسيرته حصل على تكريم من المحافظين الذين مروا على سيناء .

وأكد زايد، أن الدور الرئيسى فى دعمه وكل زملائه هو ما قام به "الشيخ خلف الخلفات"، أحد أبرز رموز سيناء الصوفية والقبلية والإجتماعية بمنطقة جنوب الشيخ زويد، وصاحب الدور الوطنى فى مواجهة إسرائيل بمنع بيع الأرض لها أثناء الإحتلال، حيث ركز على إعداد الشباب والحث على العلم والعمل وتحمل المسئولية والتعليم .

وأضاف زايد، أنه قطف ثمار ما زرع من علم بالمرحلة الثالثة من رسالته، التى بدأت بالتعلم ثم تعليم الآخرين والثالثة وهى تخريج تلاميذه وتوليهم مناصب قيادية فى كل القطاعات الخدمية، وكان من بين أهم مواجهات الجهل بالعلم الحث على تعليم الفتيات واعتبارها رسالة ذات أولوية ولم تغب البنات عن منافسة الصبيان فى مقاعد الدراسة.

واختتم زايد، أنه على المستوى الشخصى نجح أن يعد أسرته لتكون نموذج لأسرة معلم طبق رسالته فى مجتمعه وبيته وعمل، فـ 3 من ابنائه فى مهنة التعليم بينهم الأكبر حاصل على الدكتوراة من جامعة عين شمس ويعمل مدير مدرسة الفارابى الثانوية، وإبن مدرس علوم بالأزهر الشريف، والثالث معلم وسائط تعليمية، والأصغر بكالوريوس إعلام جامعة القاهرة، ويؤدى دوره التطوعى فى التعليم لحين تيسر فرصة عمل له، بينما الإبنة الصغرى حصلت على بكالوريوس تربية تخصص الفصل الواحد من جامعة العريش، وتقوم حاليا بتعليم الأطفال القراءة والكتابة، ولديها أكثر من 30 طفل بالقرية، وتقوم بدورها متطوعة فى رسالة كان يقوم بها والدها قبل أكثر من 50 عاما.

مع-الشيخ-خلف-الذى-كان-يدفعه-للتعلم-والتعليم
مع الشيخ خلف الذى كان يدفعه للتعلم والتعليم

 

لايزال-محافظا-على-رسالته
لايزال محافظا على رسالته

 

فى-قريته-مع-اهله
فى قريته مع اهله

 

فى-فصول-التعليم-قديما
فى فصول التعليم قديما

 

على-زايد
على زايد

 

اثناء-عمله-فى-فترة-الشباب
اثناء عمله فى فترة الشباب

 

يواصل-رسالته-وهو-فى-الشيخوخه-كمعلم
يواصل رسالته وهو فى الشيخوخه كمعلم

 

يعلم-الاطفال-بعد-خروجه-عالمعاش
يعلم الاطفال بعد خروجه عالمعاش

 

يتابع--حال-التعليم
يتابع حال التعليم

 

مع-زميله-الاستاذ-سلامه--يتذكران-الماضى
مع زميله الاستاذ سلامه يتذكران الماضى

 

مع-زميل-له-اثناء-العمل-معلمين-فى-فترة-الشباب
مع زميل له اثناء العمل معلمين فى فترة الشباب

 

مع-حفيده
مع حفيده









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة