فتاة عشرينية بـ100 راجل، استطاعت أن تقتحم مجالاً قد يكون مخصص للرجال فقط، ولكن بإصرارها وإرادتها فى تحقيق النجاح استطاعت أن تؤسس مبادرة لوقف سلسال الدم والحد من ظاهرة الثأر فى صعيد مصر، من خلال "درع التسامح" البديل لـ"الكفن" فى إنهاء الخصومات الثأرية.
التقى "اليوم السابع" بصفاء عسران من محافظة قنا، ولكنها استطاعت أن تكون بنت الصعيد بكل محافظاته لما لها من جهود شتى لرأب الصدع ومحاربة الثأر وإفشاء التصالح والسلام بين المتخاصمين فى جنوب مصر، تحت شعار "العفو من شيم الرجال".
تحكى "صفاء" عن نفسها قائلة: أنا البنت الوحيدة فى الصعيد ومصر عامة التى استطاعت أن تتوغل وسط الخصومات الثأرية لمحاولة إنهائها على أرض الواقع وليس مجرد شعارات، فهناك العديد من الخصومات التى استطعت إنهاؤها فى قنا ومحافظات الصعيد، ومنها على سبيل المثال خصومة بمحافظة المنيا وقضيت فيها فترة لإنهاء خصومة بين 3 عائلات وامتدت لأربع سنوات، وتدخلت فيها بمفردى، وعلمت من ولى الدم الذى قبل الصلح أن سبب قبوله التصالح هذه المرة رغم رفضه قبل ذلك، هو حالة القبول التى رآها منى، على عكس ما كان يشهده قبل ذلك من أغراض أخرى على خلفية المصالحة.
وتابعت الفتاة الصعيدية، بأن بعض المحافظين يتعجبون من كون بنت هى التى تتحرك للم الشمل بين القبائل وإنهاء الخصومات الثأرية، خاصة وأن المرأة فى معتقد الكثير قد تكون سبباً رئيسياً فى الثأر، مشيرة إلى أنها دائماً ما تكون حريصة على إخماد الفتنة فى وأدها وقبل أن تتطور إلى خصومة وثأر، لافتةً إلى أن هناك العديد من المشاكل التى تكون فى بداياتها أصعب من غيرها، لذلك يجب التحرك فيها سريعاً ووقفها عند حد معين قبل تفاقمها، وأشارت فى مثال على ذلك إلى تلقيها اتصال من سيدة كبيرة فى السن تصرخ من الألم حزناً على ابنها الوحيد بعد وفاة زوجها والمهدد بالقتل من جانب أحد العائلات.
وعلقت: أن قضايا الثأر التى يكون خلفها رجال أسهل بكثير من القضايا التى خلفها نساء، والسبب فى ذلك أن الرجال يمكن التفاهم معهم ومحاورتهم فى المشكلة وأخذ الوعود منهم خاصة فى مجتمعات الصعيد، أما النساء فهى تنحاز دائماً وراء مشاعرها، علاوة على أنها قد تفضى وتبوح بأسرار داخل المشكلة تؤدى إلى ضرر أكبر، مشيرة إلى أن رجال المصالحات لابد وأن يعملوا فى سرية تامة.
وأشارت "عسران"، إلى أن مفاتيح نجاحها فى إنهاء الخصومات الثأرية تعود إلى "حالة القبول" وهى هبة من عند الله، ولكن المصالحات ليست حقلاً للتجارب وعلى من يسعى فى هذا الشأن أن يكون لديه مواصفات معينة، وأن يكون كاتماً للأسرار العائلية، ويتحمل الأذى من الناس أثناء الصلح، وسريع البديهة فطن لديه حسن التصرف فى المواقف الصعبة، مضيفة أن تحركها يكون بناء على دعوة من أحد الأطراف حتى ولو كان محايداً وفى أى محافظات الصعيد كانت وليست محافظة قنا فقط، وعلقت: "أنا خدامة قضايا الثأر والدم فى أى مكان فى مصر".
وأكدت صفاء عسران، أنها استطاعت أن تنهى ما يقرب من 250 ثأراً قدمت خلالها مئات الأدرع للأطراف المتخاصمة ولرجال المصالحات المشاركين فى إنهاء الخصومة الثأرية، على مدار فترة المبادرة التى انطلقت قبل 9 سنوات، ولا زالت تواصل جهودها فى هذه المبادرة التى أطلقت عليها "درع التسامح.. صعيد بلا ثأر" لتحقيق المزيد من النجاح فى هذه المبادرة التى تهدف إلى رأب الصدع وإنهاء الخصومة ومحاربة الثأر وإفشاء التصالح والسلام بين المتخاصمين فى جنوب مصر.
وأوضحت، بأن مبادرة درع التسامح هى عبارة عن درع يقدم إلى طرفى النزاع مدعوماً من الحكومة متمثلة فى وزارتى التنمية المحلية والشباب والرياضة وبعض مؤسسات المجتمع المدنى، مدون عليه شعار: "العفو من شيم الرجال"، ليكون بديلاً عن عادة "الكفن" التى أصبح لا يتقبلها الكثير من الناس، خاصة أنه قد يكون فيها إذلال لحياة القاتل، وترفضه بعض العائلات خاصة فى الحالات المتساوية فى الدم، مشيرة إلى أن هذه المبادرة حظيت باهتمام حكومى وشعبى وتم تكريمها من قبل محافظين.
فى المقابل، كرم اللواء أشرف عطية محافظ أسوان صاحبة مبادرة "درع التسامح.. صعيد بلا ثأر" صفاء عسران، بالإضافة إلى رموز ورؤساء لجان الصلح بالمحافظة وذلك بإهدائهم درع المحافظة تقديراً لدورهم المجتمعى والإنسانى فى رأب الصدع ووقف نزيف الدم ومواصلتهم العمل بجدية لإتمام المصالحات ولم الشمل بين جميع فئات وأطياف المجتمع الأسوانى.
وصرح محافظ أسوان، بأن المحافظة حريصة على تقديم كافة أوجه الدعم والمساندة لهذه لمبادرة الرائدة لضمان نجاحها وانتشارها بمختلف المراكز من أجل محاربة الثأر بين العائلات المتخاصمة وهو الذى يعكس اهتمام الدولة وحرصها على تحقيق التنمية الشاملة وتغيير حياة المواطنين بالصعيد من خلال رفع الوعى الثقافى ونبذ بعض العادات والموروثات الخاطئة ومنها الثأر.
وأشار، إلى أهمية ذلك فى إرساء مبادئ التماسك والترابط والتكاتف ليعيش الجميع فى أجواء من المحبة والوئام ككتلة واحدة وعلى قلب رجل واحد مواطنين ومسئولين لنحقق كل ما نصبو إليه من آمال وطموحات فى مجتمع يعم فيه السلام والأمن والأمان والاستقرار بسواعد أبناؤه المخلصين الأوفياء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة