قضت محكمة استئناف القاهرة الدائرة (12 -188سابقا) شئون أسرة، بتعليق نظر استئناف مقدم من سيدة مسيحية ضد شقيقها، للمطالبة بالحصول على نصيبها من إرث من عمتها وفقا لمبادىء الشريعة المسيحية، وذلك لحين الفصل في الدفع بعدم دستورية المادة الأولى من القانون 25 لسنة 1944، والمادة 875/1 من القانون المدني، والفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون 1 لسنة 2000، وصرحت لمبدي الدفع بإقامة الدعوى الدستورية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الحكم الصادر في 21 ديسمبر 2020، وذلك لمخالفة نصوص تلك المواد لنص المادتين 3 و11 من الدستور، ويأتي ذلك استجابة لطلب المحامية هدى نصر الله.
نصوص مواد القانون
وتنص فى الفقرة الأولى من المادة 875 من القانون المدنى على أن: "تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم فى الإرث، وانتقال أموال التركة إليهم تسرى فى شأنها أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة بشأنها"، بينما تنص المادة الثالثة من الدستور المصري عام 2014 على أن: "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية"، كما تقضي المادة 245 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، بمبدأ المساواة فى الإرث بين الأبناء الإناث أو الذكور.
ومن المتعارف عليه قضائياَ أنها ليست المرة الأولى التي تنظر فيها المحكمة عدم دستورية المواد الثلاثة المتعلقة بتوزيع المواريث لدى المسيحين، حيث أنه سبق وأن نظرت هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا دعوى بذات الطلبات والتى حملت رقم 83 لسنة 41 دستورية للمطالبة بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1944 المعروف بقانون المواريث والفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون 1 لسنة 2000 للأحوال الشخصية والمادة 875 من القانون المدنى لمخالفتهم للمادة الثالثة من الدستور، إلا أن الدعوى تؤجل باستمرار.
سيناريوهات موقف الدعوى لحين الطعن على المواد أمام الدستورية
وعن سيناريوهات موقف الدعوى لحين الطعن على المواد أمام الدستورية – يقول الخبير القانوني والمحامي بالنقض عبد الرحمن عبد البارى الشريف، أن قرار محكمة استئناف القاهرة الدائرة (12 -188سابقا) شئون أسرة بتعليق نظر الاستئناف المقدم من سيدة مسيحية ضد شقيقها للمطالبة بالحصول على نصيبها من إرث من عمتها وفقا لمبادىء الشريعة المسيحية، وذلك لحين الفصل في الدفع بعدم دستورية المادة الأولى من القانون 25 لسنة 1944، والمادة 875/1 من القانون المدني، والفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون 1 لسنة 2000، يعنى وقف نظر الدعوى، وأن سلطة الفصل في مدى دستورية هذه المواد أصبحت في يد المحكمة الدستورية العليا، وفى حال الحكم بعدم الدستورية سيترتب على ذلك تقسيم الإرث وفقا لمبادىء الشريعة المسيحية، ويتم إحالة الأمر إلى البرلمان للتدخل لتعديل المواد.
ويُضيف "الشريف" في تصريح لـ"اليوم السابع" - أن مجلس النواب يستطيع أن يستبق قرار المحكمة الدستورية العليا، ويشرع فى تعديل المواد المطلوبة إذا وجد أن الأمر يحتاج إلى تعديل لأن التفرقة واضحة، وأن هذ مطلب قديم للفقهاء الدستوريين، وبقاء الأمر معلقا حتى تحسمه المحكمة الدستورية العليا قد يعطل المحاكمات في هذا الشأن، ففي هذه الحالة يستطيع المشرع أن يتدخل ويسبق حكم المحكمة الدستورية العليا لتحقيق العدل والمساواة.
المحـاكم لم تصدر ثمة حكم بتطبيق مبادئ الشريعة المسيحية فـي الإرث بشِقَّيه
وفى هذا الشأن – تقول المحامية هدى نصر الله – مقدمة الطلب، أنه مع نهاية 2020 نكتشف أن المحـاكم لم تصدر ثمة حكم بتطبيق مبادئ الشريعة المسيحية فـي الإرث بشِقَّيه (تعيين الورثة- تحديد الأنصبة) حتى اﻵن، رغم اصدار عدة أحكام بتطبيق مبادىء الشريعة المسيحية فى الارث فى شق واحد "توزيع الأنصبة"، وقد رآت العديد من المحاكم جدية الدفع بعدم دستورية المادة اﻷولى من القانون 25 لسنة 1944، وعدم دستورية المادة 875 من القانون المدنى، وصرحت للمتقاضين بإقامة الطعن بعدم الدستورية، وبالفعل اقيمت عدة دعاوى دستورية.
ووفقا لـ"نصرالله" في تصريح لـ"اليوم السابع" - أنه بجلسة 21 ديسمبر 2020 أصدرت محكمة استئناف القاهرة الدائرة 12 جيزة د 188 سابقا، حكمها فى الاستئناف رقم 4568 لسنة 2 احوال بوقف الاستئناف تعليقيا لحين الفصل فى الدعوى الدستورية 65 لسنة 41 ق دستورية، وهو ما أعاد الامل مرة أخرى للمستأنفة، بالإقرار بطلباتها بتطبيق مبادىء الشريعة المسيحية في الارث بشقيه ( تعيين الورثة – تحديد اﻷنصبة)، حين الفصل فى الدعوى الدستورية، حتى لو بعد زمن غير محدد او معلوم، حيث أن المستأنفة لا تعد من ضمن الورثة الشرعيين وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية، فى حين تعد ضمن الورثة الشرعيين وفقا لمبادىء الشريعة المسيحية ممثلة فى لائحة الاقباط الأرثوزكس.
وتضيف "نصرالله" - يعد ذلك القرار خطوة إيجابية باتجاه إنصاف قطاع كبير من النساء المسيحيات اللاتي يتعرضن للتمييز عند توزيع الإرث نتيجة إصرار بعض المحاكم على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بالمخالفة لنص المادة الثالثة من الدستور، استنادًا لعدم صدور قانون موحد للأحوال الشخصية للطوائف المسيحية يحدد طريقة توزيع أنصبة الإرث وفقًا لمبادئ الشريعة المسيحية. وكانت المبادرة المصرية قد شددت مرارًا على موقفها الداعي إلى العودة لتطبيق أحكام لائحة الأقباط الأرثوذكس لعام 1938 بما تتضمنه من مساواة في توزيع أنصبة الميراث لحين صدور القانون المذكور، وإلا تورطت المحاكم في مخالفة صريحة لنص دستوري واضح.
وقائع الدعوى
كانت أمل يوسف حنا قد أقامت الدعوى رقم 2079 لسنة 2019 ضد شقيقها إبراهيم يوسف حنا أمام محكمة أسرة بولاق الدكرور، طالبت فيها ببطلان الإعلام الشرعي الصادر بتاريخ 16 يونيو 2019 بعدم اشتماله على المدعية من إرث عمتها المتوفاه، وتطبيق المادة 247 من لائحة الأقباط الأرثوذكس لعام 1938 وكذلك المادة الثالثة من الدستور المصري لعام 2014 التي تنص صراحةً على أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود هى المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية، وحكمت محكمة أسرة بولاق الدكرور برفض الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
يشار إلى أن المدعية قامت بالطعن بالاستئناف أمام محكمة استئناف القاهرة الدائرة (12- 188 سابقا) شئون أسرة، وطالبت شكليًا باتخاذ اجراءات الدعوى الدستورية للطعن على المواد المستخدمة في تحديد الورثة وتوزيع الإرث للمسيحيين، وموضوعيًا بإلغاء الحكم المستأنف وحصول المدعية على نصيبها من ميراث عمتها وفقا للشريعة المسيحية، واستجابت المحكمة لطلب تعليق الدعوى والسماح للمدعية بإقامة الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا.
جدير بالذكر أنه منذ إقرار المادة الثالثة بدستور 2014 لم يصدر حكم بتطبيق مبادئ الشريعة المسيحية فيما يخص تحديد الورثة، بما يعني إدخال أو إخراج وارث على خلاف الشريعة الإسلامية، فهناك اختلافات في طريقة توزيع الإرث بين الشريعتين الإسلامية والمسيحية بشأن من يرث ومن يحجب من الأقارب لاختلاف أحكام الزواج، ويذكر أيضاَ أن عدد من المحاكم قد صرحت من قبل بإقامة دعاوى دستورية طعنًا على ذات المواد، ولم يتم الفصل فيها منذ عدة سنوات، رغم استحسان المتقاضين مسلك المحكمة فى الاستجابة لدفعهم بعدم الدستورية بديلا عن الرفض، إلا أن استطالة المدد تشكل عائقًا فى تفعيل النص الدستوري.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة