أحمد منصور

الاستثمار فى البشر والحجر

الجمعة، 15 يناير 2021 01:35 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ما الداعى إلى إنشاء كل هذه الكبارى فى مصر؟ وما العائد على الشعب؟ ولماذا نبني كل يوم كوبرى؟، هذه الأسئلة قد تكون لسان حال عدد من الناس فى الشارع المصرى، وهم يرون مصر تتحول بفضل مشروعاتها التنموية، إلى قطعة من أوروبا، بين ليلة وضحاها، فى إنجاز غير مسبوق يسجله التاريخ.

البعض ربما يرى أن ما يتم أمور ترفيهية وليست ضرورية، ومن الممكن أن توفر البلد هذه النفقات الكثيرة فى مشاريع أخرى تحقق حياة كريمة لكل مواطن، ولا شك أن الرغبة فى تحقيق حياة كريمة حق مكتسب لكل فرد من أفراد الشعب، وهو ما تعمل عليه الدولة خلال السنوات القليلة الماضية لتوفير الخدمات، من خلال إطلاق عدة مبادرات تحقق هذا الهدف، منها مبادرة حياة كريمة و100 مليون صحة والتى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى جانب مشروع التأمين الصحى الشامل، وهناك أيضًا مبادرات لتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة عبر مجموعة من مؤسسات المجتمع، منتشرة فى جميع أنحاء مصر.

لكن دعونا نعود مرة أخرى لمرجعنا الأساسي، وهو مشاريع إنشاء الكباري فى مصر فوفقًا لآخر تقرير صدر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن إجمالى عدد الكبارى المخصصة للمركبات فى مصر التابعة للهيئة العامة للطرق والكبارى ومديريات الطرق "المحليات" وهيئة المجتمعات العمرانية، يبلغ 1762 كوبرى، نصيب محافظة القاهرة منها 94 كوبرى فقط، وبالطبع سينظر البعض إلى تلك الأمور إلى أنها لا تعود عليه بالنفع، لا من قريب ولا من بعيد، وهذا غير صحيح تمامًا، لماذا؟

نحن فى مصر تخطينا الـ100 مليون نسمة، ما يؤثر على الطرق ويتسبب فى التكدس والزحام، ويعيق وصول مريض فى حاجة لنقله إلى المستشفى فورًا لإسعافه بشكل سريع، بل قد يتسبب فى موته، كما أن هناك مواطنين يحتاجون كل دقيقة لإنهاء مصالحهم الخاصة أو استخراج أوراق رسمية من عدة جهات، وهناك الموظف الذى يحتاج الذهاب إلى عمله دون تأخير حتى لا يتعرض للجزاء، وهؤلاء لن يتحقق لهم ما يريدون إلا من خلال تطوير الطرق وإنشاء الكبارى، التى ستوفر ساعات عمل الموظفين بالدولة بنحو 7.2 مليار ساعة عمل سنويًا.

كما أن إنشاء الكبارى فى مصر يساعد على تحقيق الراحة النفسية للمواطنين، وقد يستعجب الكثيرون من ذلك، لكن الأمر ليس خرافيًا، فنحن نشاهد حالة التكدس المروري وما تشعله من توتر ومشاجرات ومضايقات عبر الطرق، وهو ما يترتب عليه تقلب مزاجي لا يؤهل للتعامل مع الآخرين فى الشارع أو فى العمل أو حتى مع أسرته، بعد معاناة طويلة فى المواصلات، ولكن مع تحقيق السيولة المرورية جراء تطوير الطرق سيكون المواطن مؤهل للتعامل مع الآخرين دون اضطرابات نفسية.

كما تساهم الكبارى فى تنمية المجتمع من خلال مواطنيها، كيف يتم ذلك؟، جميعنا يلاحظ أن الموظف أو العامل الذى يذهب إلى عمله وهو مضطرب ومتقلب المزاج ومشحون نفسيًا نتيجة إرهاقه فى الطرق للوصول إلى مؤسسته التى يعمل بها، لا يستطيع أن يعمل بكل طاقته لأن نصفها فقد أهدر في الزحام، فإذا تحقق عامل السيولة المرورية ووصل في موعده المحدد إلى وجهته الأساسية، وتم توفير جهد وطاقة المواطن، لتحققت التنمية والرخاء بكل تأكيد.

كما نجد أن مشروع إنشاء الكبارى يساعد بشكل كبير على توفير الوقود، وهذا ما أقره المتخصصون حيث إن مصر تستهلك 17 مليون طن منتجات بترولية سنويًا، لكن بعد تطوير شبكة الطرق والمواصلات من المتوقع أن تقل الكمية بمقدار الربع تقريبًا، وذلك سيوفر على المواطن استهلاك وقود لسيارته بنسبة 25%، حيث إن مسافة الطريق التى كان يعهدها من قبل تم تقصيرها بعد إصلاحات الطرق وإنشاء الكبارى والمحاور الجديدة.

أما الحديث حول قيام الدولة بتطوير الطرق وإنشاء الكبارى بالكثير من الجنيهات التى وصلت حسب آخر إحصائية للحكومة إلى إجمالى استثمارات لبرنامج الطرق والكبارى خلال العام 2019/2020، تقدر بنحو 23 مليارا و727 مليون جنيه، فهذه الأموال لا تلقى على الأرض دون عائد، بل إن العائد هو أن مصر كانت تخسر سنويا 175 مليون جنيه بسبب الزحام المرورى، وأن 84 مليار جنيه من هذا الرقم تمثل قيمة الوقت الضائع الذى يقضيه المواطن زيادة فى الرحلة اليومية، وأن خسائر الدولة جراء التكدس المرورى بالقاهرة الكبرى وحدها 47 مليار جنيه، وهو الأمر الذى سوف يعمل إنشاء الكبارى وإصلاح الطرق على تعويضه، وستعود هذه الأموال فى نهاية المطاف إلى المواطنين وليس لغيرهم.

مشروع إنشاء الكبارى ليس مجرد أسمنت ورمل وزلط بل هى العمود الفقرى لمشروعات التنمية والتعمير فى مصر، وهى شريان الحياة والربط بين محافظات مصر، وتوفير وقت وجهد وتحقيق الراحة النفسية والرخاء الاقتصادي، والتنمية، تحيا مصر.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة

رقصة ترامب الأخيرة

الخميس، 07 يناير 2021 03:52 م

ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

الجمعة، 18 ديسمبر 2020 12:00 ص



الرجوع الى أعلى الصفحة