لا أدري من أين أبدأ فالموضوع جد خطير، هل يعقل و نحن بأشد أوقات الأزمات التي تدعو بحق للتأمل و إعادة الحسابات و التغاضي عن كثير من الأفكار و التطلعات لتحل محلها أخري أكثر هدوءاً و تسامحاً ،ذلك بعد أن واجهنا جميعاً محنة ألمت بكل من علي الأرض، لم يمنعها جاه ولا مال و لا سلطان من الفتك بأي إنسان صغيراً كان أم كبير ، عفياً كان أم مريض .
ناهيك عن الأخبار اليومية التي لم تعد تحظي بنفس ذات الإهتمام و الإنزعاج عن عدد حالات الإصابة و الوفيات ، فلم يعد هناك من هو بمنأي عن الخطر أو بعيداً عن دائرة الإصابة ، فيوماً بعد يوم تضيق دائرة التعرض للإصابة حولنا جميعاً ، فغالباً ما يصدم كل منا بأقرب الأقربين من الأهل و الأصدقاء ما بين مريض أو متوفي ، فما كنا نحسبه بعيد بات أقرب مما نتصور .
و لكن :
الغريب جداً بالامر أنه بالمقابل قد زادت بل استفحلت حالات القسوة و الجشع و موت الضمائر .
فمنذ بداية الجائحة كانت مقويات المناعة التي ينصح بها الأطباء الناس لعلها تفلح بحمايتهم من هذا الفيروس اللعين علي رأسها أقراص فيتامين ج أو سي كما نعرفه بكافة أنواعه ، و الذي تحول بعد أن علم حيتان السوق السوداء و تجار الأزمات برواجه الشديد و الإقبال عليه إلي سلعة نادرة الوجود يتم تداولها سراً و بعد توصيات شديدة و بكميات محدودة كما لو كانت مخدرات لا سمح الله .
إذ تري الإبتسامة المندهشة علي وجه أي صيدلي عندما تتجرأ و تسأله عن أقراص فيتامين سي ، كما لو كانت إجابة واحدة يمنع نفسه من باب الذوق أن يتلفظ بها ، بما معناه أنه سؤال ساذج لا يستلزم إجابة .
إذ أنه منذ اندلاع الأزمة العالمية المفتعلة التي يقودها و يحركها فيروس لا يري بالعين المجردة ، رأينا كافة أشكال استغلال الأزمة من هؤلاء الذين يصطادون دائماً و أبداً بالماء العكر و تمتلئ بطونهم علي حساب امتصاص دماء الناس عند الحاجة .
إذ تسارع هؤلاء الذين لا تشبع نفوسهم النهمة قد سحبوا كافة الأدوية و الفيتامينات الموصي بها للوقاية و العلاج من فيروس كورونا منذ بدايته ليخلقوا بها مزيداً من الأسواق السوداء ،
و في صورة متكررة لتلك الجريمة تعد أشد وطأة و أكثر قسوة و دناءة ، قد اندلعت من جديد أزمة نقص الأكسجين و استحواذ بعض معدومي الضمير و فاقدي الرحمة علي اسطوانات الأكسجين لإخفائها و طرحها بالسوق السوداء بأسعار مضاعفة دون أن يهتز لهم طرف في ما يعانيه مرضي الكورونا من المصريين و أنفاسهم التي تكاد تنقطع لحاجتها لهذا الأكسجين في حين يخزنها هؤلاء القتلة للمزيد من التربح ببحارهم التي لا تكف عن رغبتها بالزيادة .
نهاية :
لم يترك ذوي القلوب القاسية و الضمائر الميتة الذين لا تستوقفهم حكمة أو موعظة و لا يعلمون شيئاً عن محاسبة النفس لهذا المواطن الذي ضاقت به السبل أي خيار ، لتزداد معاناته و تستوحش بحال لم يعد يحتمل المزيد .
فصبرٌ جميلٌ و الله المستعان