ففي السابع عشر من يناير عام 1961 تم إعدام لومومبا رميا بالرصاص على أيدى عناصر انفصالية مسلحة في إقليم "كاتانجا"، ويقول المؤرخون إن قتلة لومومبا وداعميهم من قوى الاستعمار سعوا من وراء إعدام لومومبا جعله عبرة لإرهاب المناضلين من أجل الاستقلال والتحرر الوطني في إفريقيا، لكن خاب مسعاهم وصار لومومبا قدوة ورمزا لكل أحرار العالم. 


كان إعدام لومومبا مأساويا وصادما لحركات التحرر فى أفريقيا، فقد اطلق الرصاص عليه بعد أن تم وثاقه إلى جزع شجرة في إحدى غابات إقليم كاتانجا الساعي للانفصال عن الكونغو، كما تم إعدام اثنين من رفاق نضاله هما جوزيف اوكيتو وموريس مابولو. 


لم يمكث الشاب المناضل لومومبا سوى أسابيع قليلة فى أواخر العام 1960 في منصبه كرئيس أول حكومة وطنية مستقلة في الكونغو الديمقراطية بعد أن قررت مصيرها واختارت استقلالها عن الاستعمار في انتخابات أشرفت عليها الأمم المتحدة. 


ويعد لومومبا أيقونة للأحرار في العالم ولمناضلي القارة الأفريقية الساعين للخلاص من المستعمرين في خمسينيات القرن الماضي، وبفضل كاريزمته العالية تحول لومومبا إلى نبراس للمناضلين في العالم، لكن القوى الرجعية والانفصالية في الكونغو وأعوانهم من أذناب الاستعمار وعملائه لم يكونوا مستعدين للتسليم بهزيمتهم أمام إرادة الشعوب على يد لمومومبا فكانت المؤامرة على حياته وحياة رفاق كفاحه الأحرار. 


وفي الوقت الحالي، تقول عائلة لومومبا، إن النصب التذكاري لهذا القائد التاريخي يعاني اليوم إهمالا شديدا، كما أن التمثال، الذي يجرى العمل فيه تخليدا لنضاله، لم يتم الانتهاء منه حتى الآن، كما نقلت مصادر إعلامية كنغولية عن عائلة لومومبا قولهم إنهم لا يزالون باحثين عن الحقيقة والعدالة في واقعة اغتيال لومومبا وما جرى خلال الأيام الأخيرة في حياته التي سبقت إعدامه برصاص الانفصاليين وعملاء الاستعمار، في فترة شهدت جرائم حرب بشعة ارتكبها آخر حاكم بلجيكي مستعمر للبلاد. 


وفي العام 2018، اعترفت بلجيكا بعظمة لومومبا وشجاعته وروعة نضاله لتحرير مستعمرتها الأفريقية السابقة التى ارتبط اسمها بنهر الكونغو العظيم، وأعرب ملك بلجيكا الحالي فيليب ألبيرت عن أسفه عما وقع فى الحقبة الاستعمارية للكونغو من انتهاكات على يد أجداده وهى البلد التي كان جده ليوبولد يعتبرها "مزرعته الخاصة". 


كذلك اطلقت الحكومة البلجيكية اسم باتريس لومومبا على أحد أهم ميادينها الكبرى في بروكسيل العاصمة، لكن أنصار لومومبا يقولون أن ذلك "غير كاف" بالنسبة لهم اذ تسعى منظمات مدنية كونغولية لدى السلطات البلجيكية لاستعادة أسنان لومومبا التي انتزعها قتلته بعد إعدامه وهو السعى الذي تدعمه السلطات الكونغولية لرمزيته السياسية. 


وتقول الكاتبة والسياسية الكونغولية ميريل توشيشو، التي ترأس رابطة محبي لومومبا، إن مساعي رد اعتبار لومومبا لاتزال في منتصف الطريق.. وتؤكد أن بلجيكا لم تعتذر عما اقترفته في حق الكونغولويين وزعيمهم لومومبا بعد مرور ستين عاما على إعدامه، حيث تدرك بلجيكا أن الاعتذار سيؤدي إلى فتح باب التعويض المالي والمعنوي للكونغوليين عما حدث لزعيمهم.


ويأمل أنصار ومحبي لومومبا إلا يخيب مسعاهم لدى بلجيكا لرد اعتبار لومومبا بحلول الثلاثين من شهر يونيو القادم وهو عيد الاستقلال الوطني للكونغو الديمقراطية، حيث يتوقع بعضهم في أن تعيد بلجيكا أسنان لومومبا التي انتزعت من رفاته بعد إعدامه قبل ستين عاما. 


ويقول فرانسوا لومومبا وهو الأبن الأكبر للزعيم باتريك لومومبا أن والده كان يجسد للكونغوليين رمزا للاستقلال وللوحدة الوطنية لبلادهم وهو الرجل الذي ناضل من أجل استبقاء أراضي الكونغو غير مجزأة في مواجهة دعاوى الانفصاليين في إقليم "كاتانجا" وظل وفيا لهذا المبدأ إلى أن دفع حياته ثمنا لذلك.

تجدر الإشارة إلى أن فرانسوا لومومبا قد استطاع الفرار من الكونغو بعد إعدام والده وقصد القاهرة التي فتحت أبوابها له - كما فتحتها لوالده من قبل - قبل أن يقرر نجل لومومبا الانتقال للعيش في المجر بمنتصف ستينيات القرن الماضي.