قال الدكتور إبراهيم نجم -مستشار مفتى الجمهورية والأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العام، إنه من المعلوم أن رسالة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم كمظلة جامعة للمؤسسات الإفتائية تكمن فى إيجاد منظومة عِلميَّة وتأهيلية للقيادات المسلمة فى العالَم تُرسِّخ عندهم قِيم الوسطيَّة والتعايُش، وتقود قاطرة تجديد الخطاب الدِّينى فى مجال الفتوى والإفتاء، وتؤكِّد على أن الفتوى التى تصدر من غير المتخصِّصين تُسبِّب اضطرابًا كبيرًا فى المجتمعات، موضحًا أن هذه الرسالة لا يمكن تحقيقها إلا بتوطيد التعاون بين هذه المؤسسات، وهو أحد أهم الأهداف الاستراتيجية للأمانة العامة التى قد اتخذت خطوات عدة نحو تحقيق هذا التعاون والتكامل بين المؤسسات الإفتائية؛ بدءًا من توحيد الرؤى عبر إعلان القاهرة الصادر عن الأمانة العامة والميثاق العالمى للفتوى الصادر عام 2018م، ثم توحيد القِيَم عبر وثيقة التسامح الإفتائى الصادرة عن الأمانة العامة عام 2019م، ثم تعبيد طرق التعاون عبر الإعلان عن اليوم العالمى للإفتاء، ثم شحذ الهمم بالإعلان عن جائزة الإمام القرافى للتميُّز الإفتائي؛ هذا كله إلى جانب المؤتمر العلمى المدعوم بالورش التطبيقية الذى تعقده الأمانة العامة كل عام كإحدى أدوات ضبط الفتوى وترسيخ المنهج الوسطى فى القول والرأى بين سائر دور وهيئات الإفتاء فى العالم.
وأضاف نجم، في بيان اليوم، أنه من هنا نشأت فكرة عقد مؤتمرٍ هذا العام 2021 يُمثِّلُ تفعيلًا لأهم هدفين استراتيجيين للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء؛ ألا وهما: إقامة جسور التعاون بين المؤسسات الإفتائية، وتطوير العمل الإفتائى بتطبيق التحول الرقمي؛ وذلك حتى تؤدى الأمانة العامة رسالتها وتحقق أهدافها فى تفعيل التعاون بين أعضائها من المؤسسات الإفتائية وخاصة فى سياق الدخول بالعملية الإفتائية فى عصر النهضة الرقمية؛ فعزمت الأمانة على إقامة مؤتمرها لعام 2021م تحت عنوان «مؤسسات الفتوى فى العصر الرقمي.. تحديات التطوير وآليات التعاون» ليُمثل إجراء فاعلًا يعكس هذه الأهداف، ويكون كاشفًا عن أهمية التقنية الرقمية؛ مناقشًا ومحللًا قضايا إدخال المؤسسات الإفتائية فى العصر الرقمى وتحديات تطبيق الرقمنة داخلها وكيفية الاستفادة بالتقنيات الحديثة فى إقامة جسور التعاون بين هذه المؤسسات، وخاصة فى سياق استخدام الاجتهاد الجماعى ووضع طرائق وآليات للفتوى الجماعية بجميع صورها الوطنية والعالمية.
ولفت دكتور نجم إلى أن الدار وضعت نصب أعينها مجموعة من الأهداف تسعى إلى تحقيقها من خلال ذلك المؤتمر ومن تلك الأهداف الهامة: زيادة الوعى بأهمية الرقمنة وما يعود من تفعيلها فى المؤسسات الإفتائية على حالة الإفتاء وتفعيل دوره فى المجتمعات، وتوضيح متطلبات تطوير المؤسسات الإفتائية تقنيًّا لإدخالها فى عصر الرقمنة، وكذلك دعم التقنيات الرقمية القائمة فى المؤسسات الإفتائية ونشرها بين أعضاء الأمانة العامة، مع مناقشة وسائل الوقوف على متطلبات المستفتين فى مختلف الدول الأعضاء، ووضع الآليات المناسبة لتحقيق هذه المتطلبات باستخدام التقنية الرقمية، بالإضافة إلى إظهار قدرة المؤسسات الإفتائية على التخطيط الاستراتيجى للتعامل مع العالم الرقمى وغيره من التحديات، وبيان مدى استجابة الإفتاء كعلم للتقنيات الحديثة، إلى غير ذلك من الأهداف فى هذا الصدد.
وبشأن المناقشات والمحاور المرتقب مناقشتها خلال فعاليات المؤتمر، أوضح مستشار مفتى الجمهورية، أنه من المخطط أن تدور النقاشات فى المؤتمر حول محورين رئيسيين؛ المحور الأول، وهو الإفتاء الجماعى ومؤسساته.. الواقع والمأمول، ويرتكز هذا المحور على عدة موضوعات رئيسية، أهمها مفهوم الإفتاء الجماعى وأهميته فى مؤسسات الإفتاء، ومعايير وضوابط الإفتاء الجماعي، ونماذج ومسارات الإفتاء الجماعى ومدى تأثيرها فى العملية الإفتائية، والاستفادة من التقنية الرقمية فى تفعيل الإفتاء الجماعي، والتمذهب وأثره فى الإفتاء الجماعي.
كما أوضح نجم أن ذلك المحور سوف يتناول عدة عناوين لأبحاث قد تكون هامة فى هذا الصدد، ومنها الإفتاء الجماعي، مفهومه الإجرائى وأهميته فى العصر الحديث، ومعايير الاجتهاد الجماعي، والاجتهاد الجماعى وإلزامية الفتوى.. المفهوم والآلية، وتحديات العمل الإفتائى الجماعى فى العالمين العربى والإسلامي، وقرارات وفتاوى المجامع الفقهية وتأثيرها على الفتوى فى العالم، ودور الإفتاء الجماعى فى مواجهة التشدد والتطرف والإرهاب، وآليات استخدام التقنيات الرقمية فى الإفتاء الجماعي، وكذلك دور الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم فى تفعيل الإفتاء الجماعى فى مؤسسات الفتوى.
أما المحور الثانى من محاور المؤتمر، فقد أكد الدكتور "إبراهيم نجم" أنه سوف يتناول مؤسسات الفتوى فى العصر الرقمي.. تحديات التطوير ونماذج المعالجة، ومن المقترح أن تدور نقاشات ذلك المحور حول واقع المؤسسات الإفتائية فى العالم، وأهمية التحول الرقمى وأثره فى مجال الإفتاء، والتحديات التى تواجه المؤسسات الإفتائية فى سبيل التحول الرقمي، ونماذج الإفادة من التقنية الرقمية فى دعم العملية الإفتائية، وآليات التعاون بين المؤسسات الإفتائية فى الاستفادة بالتقنية الرقمية، وكذا آفاق التحول الرقمى فى مؤسسات الإفتاء المعاصرة، ومن عناوين الأبحاث المقترحة فى هذا المحور: مؤسسات الفتوى والتقنية الرقمية.. عناصر التواصل بين القوة والضعف، والأسس النظرية والعملية للاستفادة الرقمية فى مجال الإفتاء، وتحديات التحول الرقمى فى المؤسسات الإفتائية، وتجربة دار الإفتاء المصرية فى التحول الرقمي، ودار الفتوى اللبنانية.. تحديات التحول الرقمي.
وكشف مستشار مفتى الجمهورية أنه من المزمع أن يُختَتَم المؤتمر بجلسة ختامية تحتوى على عدة فعاليات بجانب البيان الختامي، وأبرز تلك الفعاليات: الإعلان عن "وثيقة التعاون الإفتائي"، وتوقيع مذكرات تفاهم بين الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء والمؤسسات المعنية، والإعلان عن الفائز بجائزة الإمام القرافى للتميز الإفتائى وتسليم الجائزة، وعرض نتائج المؤشر العالمى للفتوى، وتخريج دفعة من المتدربين على الفتوى فى الخارج.
وأضاف: كما يُنتَظَر أن يخرج عن المؤتمر مجموعة كبيرة من الإصدارات مع الانتهاء من ثلاث دورات تدريبية، الأولى: فى مهارات استخدام البرامج الإلكترونية فى العملية الإفتائية، والثانية: فى تقنيات التفكير الاستراتيجى فى المؤسسات الإفتائية، والثالثة: فى المهارات التقنية والإدارية لحفظ واستدعاء وأمن المعلومات فى المؤسسات الإفتائية.
ومن المزمع أيضًا أن تقام 5 ورش عمل على هامش المؤتمر، أولها: ورشة عمل بعنوان التفكير الاستراتيجى داخل المؤسسات الإفتائية، الأهمية والوسائل؛ لإبراز أهمية التخطيط الاستراتيجى لتوجيه المؤسسات الإفتائية للاتجاه الذى يجب أن تسير فيه.
وفى إطار كيفية استفادة مؤسسات الفتوى من تكنولوجيا المعلومات، والوقوف على أهم البرمجيات اللازمة للمؤسسات الإفتائية لتنفيذ التحول الرقمي، ومدى استجابة الإفتاء كعلم للتقنيات الحديثة، أشار الدكتور إبراهيم نجم إلى عقد ورشة عمل ثانية تحت عنوان الفتوى والعصر الرقمي.. كيف نقتحم الميدان؟ مؤكدًا أنه مع اقتحام العديد من المؤسسات الإفتائية العصر الرقمي، بعد أن طورت آلياتها وإجراءاتها وأساليبها لتوائم الرقمنة كان من الأهمية بمكان أن تتناول إحدى ورش العمل تلك التجارب الرائدة، وكيفية الاستفادة من التطور التكنولوجى الحديث فى الفتوى وإدارة العملية الإفتائية داخلهما، فكان ذلك محورًا للورشة الثالثة بعنوان تجارب المؤسسات الإفتائية فى التحول الرقمي.
واختتم مستشار مفتى الجمهورية والأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العام، بالإشارة إلى أن فكرة مرصد المستقبل الإفتائى تأتى محورًا لورشة العمل الرابعة؛ لإعلام المشاركين بأهمية هذا المرصد وآلية العمل فيه، وتتناول فى هذا السياق عدة قضايا تم رصدها وتقديم اقتراحات لمعالجتها، وعلى رأسها قضية الذكاء الاصطناعى وقضية الأخلاق الحيوية، أما آخر ورش المؤتمر فتأتى بعنوان أدوات البحث فى علوم الإفتاء، وتُعنى بمناقشة أدوات البحث العلمى فى الإفتاء، مع ما تلقيه من مزيد الاهتمام بمدى أهمية استخدام البرامج الإلكترونية كأحد أهم هذه الأدوات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة