بدأ مجلس النواب، الدورة البرلمانية، بمواجهات مع الحكومة والوزراء، وهو ما يمنح الوزراء فرصة لشرح سياساتهم، ويمنح النواب فرصة لطرح تساؤلاتهم، ومواجهة الوزراء بتساؤلات المواطنين حول السياسات والخطوات المطروحة، وقد شهدنا، خلال الأيام الماضية، مواجهات مع وزراء «التموين، والتعليم، والرياضة، والتعليم العالى»، وبقية الوزراء.
كل هذا من الأدوار الضرورية لمجلس النواب، وأيضا يمكن لمجلس الشيوخ أن يلعب دورا فى تقديم نموذج لاستعراض وشرح السياسات والمشروعات، بل والتشريعات التى تتعلق بحياة المواطنين، خاصة ونحن فى عصر الاتصالات ومواقع التواصل، والتى ترتب أوضاعا تختلف عن السابق، وتحمل الكثير من الآراء والتساؤلات والأولويات، ولم يعد ممكنا إخفاء المعلومات فى عصر السماوات والشبكات المفتوحة.
ومهما كانت سخونة المناقشات والتساؤلات، أو الأدوات البرلمانية، فهى لصالح المواطن، فى أن يعرف، وأيضا يطمئن إلى أن مصالحه مصانة، وعلى الوزراء والمسؤولين أن يعرفوا هذا، وأن النائب له دور رقابى وتشريعى، ومن حقه، بل من واجبه، أن يسأل، وواجب المسؤول أن يجيب، وعلى كل طرف أن يمتلك أدواته، المسؤول بالمعلومات، النائب أيضا بالمعلومات، والتزام اللائحة والقانون، وهو دور للأغلبية والمعارضة، يقوم على التواصل والاحترام والتقبل وعدم شخصنة الخلافات، وأن يكون هناك تنوع قائم على الاقتناع، وليس على الرغبة فى الاستعراض.
وفى كثير من الأحيان، تكون المعلومات متاحة، لكنها تتوه فى تلافيف الزحام، أو تكون هناك تصورات ملتبسة أو نقاط غائبة، تتيح المواجهات المباشرة استكمال الناقص منها، فضلا عن أن مواقع التواصل أصبحت جزءا من الرأى العام بمميزاتها وعيوبها، وهو ما يتطلب تفاعلا وتعاملا معها، وبعضها يخرج من لجان ومنصات لا تهدف للمناقشة أو المعرفة، لكن لنشر اليأس وتسطيح القضايا.
وبقدر ما اتسمت به المناقشات مع وزير التعليم، من سخونة، فقد أتاحت فرصة للوزير أن يجيب على ما هو مطروح، حول مشروع تطوير التعليم، وهو أمر تعرض للكثير من الكلام والالتباس، خاصة أنه يأتى بعد عقود من الجمود والارتباك فى التعليم، وشيوع الكتب الخارجية، والدروس الخصوصية.
وطبيعى أن يواجه مشروع مثل «تطوير التعليم» الكثير من المخاوف، وهو يواجه تراكمات عقود من العشوائية، ثم إنه يتعلق بأحوال المعلمين والتدريب والمناهج، ونقاط فنية كثيرة، ونظم الامتحانات والكتب، وإدخال التكنولوجيا والاتصالات، وأجهزة الحاسب والتابلت فى العملية التعليمية، بجانب الكتب الورقية، وما يستتبعه من تغيير أنظمة الامتحانات التقليدية التى ظلت لعقود طوال.
والأمر ذاته يمكن أن ينطبق على بقية الوزارات والقضايا، التعليم العالى، والصحة، والبحث العلمى، والشباب والرياضة، والثقافة، والصناعة، وقطاع الأعمال، والتموين، وكما أشرنا، فإن السخونة والمناقشات مهما كانت حدتها، تكون سبيلا لشرح وتعريف وتقديم معلومات ربما تكون غائبة أو ناقصة لدى المواطن، وهذا هو الدور السياسى للبرلمان بغرفتيه، خاصة أن الدولة تشهد استقرارا كبيرا يسمح بالتنوع والتعدد فى وجهات النظر والتفاصيل.
هذا طبعا بجانب الدور التشريعى لمجلسىّ النواب والشيوخ، والذى يلبى احتياجات المجتمع ومطالبه، فى عصر السماوات المفتوحة والمعلومات الكثيفة.