سلطت صحيفة أحوال التركية الضوء على مستقبل العلاقات التركية بعد رحيل ترامب، حيث وصف حقبة ترامب بالمظلمة التى شهدت انتقال العلاقات الأمريكية التركية إلى مناطق مجهولة، ولفتت إلى أن ترامب وصل إلى السلطة قبل أربع سنوات، فى أعقاب تطورين رئيسيين أضرا بأوروبا بشكل رئيسي: وهما قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى فى يونيو 2016 ومحاولة الانقلاب فى تركيا بعد شهر.
وأوضحت الصحيفة، أن ترامب أظهر تعاطفه مع الحادثة الأولى وأقام علاقة شخصية رائعة مع نظيره التركى، رجب طيب أردوغان، ترتبط معظم التحولات الجذرية التى هزت الاتحاد الأوروبى وأثارت الانقلاب فى تركيا بأسلوب ترامب، الذى كان قائمًا على إهمال القيم الديمقراطية والدور الحيوى للمؤسسات الدولية.
وذكرت الصحيفة، أن علاقة ترامب بأردوغان هى التى تركت بصماتها على العلاقات المضطربة بين الدولتين حيث اقترب الزعيمان من بعضهما البعض وتبادلا الإعجاب ببعضهما البعض: فبينما كان ينظر ترامب بحسد إلى أردوغان الذى يتمتع بسلطة مطلقة، وجد الأخير فى ترامب وجهة النظر البسيطة، مما جعله متقبلاً لتلاعبات أردوغان بهدف تحقيق المصالح الشخصية.
وأضافت: "كلما تعمقت علاقاتهم، كلما زاد أردوغان شجاعةً وتمكيناً فى أفعاله، وقد أظهرت التقارير كيف بذل أردوغان قصارى جهده لدفع ترامب لإلغاء قضية غسيل الأموال الخاصة ببنك خلق التركى الحكومى."
وأشارت الصحيفة إلى أنه إذا كانت تركيا خلال السنوات الأربع الماضية قد أصبحت من أكثر الدول قمعاً، فمن المؤكد أنه يجب إلقاء جزء من اللوم على واشنطن، التى لم تفعل شيئًا جديرًا بالملاحظة لمنع تركيا، العضو الرئيسى فى التحالف عبر الأطلسى، من التحول إلى كابوس سياسى ومذبحة قضائية و"معسكر اعتقال" مفتوح لمعارضى أردوغان.
وقالت الصحيفة: "من الجدير أيضًا أن نتذكر أن الطبقة السياسية بأكملها فى واشنطن العاصمة قد شهدت كيف يتعامل أردوغان مع المعارضة عندما أطلق موجة من العنف ضد المتظاهرين السلميين أمام السفارة التركية فى قلب العاصمة الأميركية فى عام 2017، والتى تكررت من خلال المعاملة القاسية للمتظاهرين السلميين أمام البيت الأبيض فى 1 يونيو 2020، خلال مظاهرات "حياة السود مهمة".
وأكدت الصحيفة أنه خلال فترة "العلاقة الخاصة" التى جمعت بين الرئيسين، شهدنا أيضًا أردوغان، الذى أطلق بعد تشكيل تحالف سياسى من المغامرين أجندة توسعية فى المنطقة، حيث صمم لعبة إقليمية تتحدى الوضع الراهن عن طريق استخدامه للغة العسكرة.
وأضافت: "فى حين أن التوترات التى تثيرها تركيا فى شرق البحر المتوسط وشرائها لنظام الدفاع الروسى "إس 400"، ربما تركت ترامب غير متأثر، إلا أنها تشكل الآن قضايا هائلة فى قائمة مهام إدارة بايدن. وقد أشار أنتونى بلينكين، وزير الخارجية الأميركى الجديد، إلى موقف الإدارة تجاه تركيا من خلال الإشارة إليها على أنها "شريك استراتيجى مزعوم".
واستطردت: "من ضمن أحد الجوانب المضيئة، والذى سيكون بالتأكيد فى مصلحة الشعب التركى وليس حكامه، هو أنه مع رحيل ترامب، سيكون أردوغان قد فقد حليفه الوحيد فى واشنطن العاصمة."
وأضافت: "مع تقاعد "صديقه" فى فلوريدا، الذى ربما يتعين عليه مواجهة بعض القضايا القانونية، يواجه المستبد التركى موقفًا يمكن تسميته "بالعودة إلى المستقبل": فكلما زاد بايدن إعادة المؤسسات الأميركية، زادت صعوبة قيام أردوغان بفرض إرادته، التى تركز، مثل ترامب، على تعزيز حكمه الشخصى - وهو أسلوب إدارى مشين. يعتمد الكثير على تعهد بايدن الصريح وعزمه على تعزيز الأنظمة الديمقراطية فى جميع أنحاء العالم."
وأكدت أن تركيا ستصبح مختبرا لتحقيق هذه الغاية، بانتهاكاتها لحقوق الإنسان وازدراءها التام لسيادة القانون. وسيكون من المثير للاهتمام متابعة الطريقة التى سيلعب بها أردوغان لعبته مع إدارة بايدن، وكذلك ردود الفعل".